المنشور

هيئة الاتصالات والتنصت على المواطنين


وافق مجلس النواب في جلسته الاعتيادية المنعقدة في 5 مايو/ أيار الجاري على «إحالة اقتراح برغبة بصفة مستعجلة» لوقف العمل ببعض البنود التي تطرحها هيئة تنظيم الاتصالات بشأن السماح للتنصت على المكالمات الهاتفية والمحتويات النصية على الهواتف النقالة وجميع أنواع الاتصالات «بدون إذن قضائي».

وكانت هيئة الاتصالات قد قدّمت في 26 فبراير/ شباط الماضي مسودة للائحة التنظيمية للنفاذ القانوني (التنصت) على اتصالات المواطنين والمقيمين وتخزين المعلومات لمدة ثلاث سنوات وتوفير الخدمة (التنصت) لأجهزة الأمن عندما تطلبها في أيِّ وقت. وكانت الهيئة قد أعلنت 26 مارس/ آذار 2009 موعداً لتسلّم التعليقات والمقترحات. والواقع أنه يتوجب علينا أن نشكر هيئة الاتصالات أنها أعلنت ما تقوم به فعلاً، وهو ما يفهم من تصريحات المسئولين في الهيئة، من أن اللائحة لم تأتِ بأمر جديد… وهناك من العاملين في قطاع الاتصالات مَنْ يؤكد أن قرارات فرض توفير خدمات النفاذ (التنصت) كانت مفروضة قبل أن تصدر الهيئة لائحتها التنظيمية. بل إنه وفي إحدى الحالات فرضت الهيئة شروطاً قاسية على معدات كانت تحمل كل المواصفات تحت ذريعة ضرورة توفير متطلبات النفاذ، وكان كل ذلك قبل أن تعلن الهيئة عن لائحتها.

الحكومة ردّت على سؤال نيابي بأن المواد التي تبيح التنصت على المكالمات الواردة في اللائحة التنظيمية لهيئة الاتصالات «تستند إلى قوانين الاتصالات، والأحكام الجنائية وحماية المجتمع من الأعمال الإرهابية»، وهذه كلها عناوين عريضة يمكن أن يدرج أي مواطن ومقيم تحت مثل هذه التعريفات الفضفاضة. الحكومة تقول إن اللائحة لم تمنح الأجهزة الأمنية أي حقوق أكثر مما ورد بنص «المرسوم بقانون رقم (48) لسنة 2002»، ولكن الحكومة لم تقل لنا إذا كان هذا المرسوم يخالف نصوص حقوق الإنسان الواردة في الدستور والواردة في العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فالمادة 26 من دستور مملكة البحرين تنص على أن «حرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية والالكترونية مصونة، وسريتها مكفولة، فلا يجوز مراقبة المراسلات أو إفشاء سريتها إلا في الضرورات التي يبيّنها القانون، ووفقاً للإجراءات والضمانات المنصوص عليها فيه».

كما أن المادة 93 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على وجوب الحصول على إذن (على التنصت والتجسس) من قاضي المحكمة الصغرى، ويصدر القاضي هذا الإذن بعد اطلاعه على الأوراق التي تقدمها النيابة العامة، و «في جميع الأحوال يجب أن يكون الضبط أو المراقبة أو التسجيل بناءً على أمر مسبب ولمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة». لعلّنا لا نحتاج إلى الإطالة أكثر؛ لأن هيئة الاتصالات لن يهمها ما وردها من ملاحظات، فما نشرته إنما كان «تثبيت حال» وليس موضوعاً قابلاً للنقاش، وبالتالي لا يهم إنْ كان «مقترح برغبة» أم اعتراضاً من ناشطي حقوق الإنسان.


الوسط  19 مايو 2009