لا يمكن النظر إلى الفوز الانتخابي المهم الذي حققته المرأة الكويتية في الانتخابات النيابية بوصول أربع نساء إلى مقاعد مجلس الأمة بمعزلٍ عن نجاح الكويتيين قبل ذلك بتعديل النظام الانتخابي وطريقة توزيع الدوائر الانتخابية هناك، وهو الأمر الذي أتاح الفرصة لكسر احتكار المقاعد النيابية من قبل قوى الإسلام السياسي، وخلق المناخ الملائم للنساء وللمستقلين بالفوز، رغم أن القوى الإسلامية ظلت ممثلة بثقل في المجلس المنتخب حديثاً.
كلنا يتذكر الحملة الشعبية الواسعة في الكويت والتي خيضت تحت شعار: “نَبِيْهَا خَمسة”، والمقصود هنا إعادة بناء الدوائر الانتخابية لتصبح خمس دوائر كبيرة، وهي الحملة التي اشترك فيها الشباب بصورة واسعة، ولعبت منتدياتهم الاليكترونية ومدوناتهم دوراً تعبوياً كبيراً فيها، وتكللت، في نهاية المطاف، بالنجاح.
هذا النجاح خلق الأرضية المناسبة التي حسنت من شروط التنافس الانتخابي للنساء ولممثلي القوى الليبرالية والديمقراطية ومختلف القوى متوسطة وصغيرة الحجم، ومكن بعضها من الفوز في الانتخابات الأخيرة، وهو الفوز الذي وجد تعبيره الأعمق والأكثر دلالة من وجهة النظر السياسية والاجتماعية في فوز النساء الأربع.
العملية الديمقراطية مترابطة ومتكاملة الأوجه، فالحقوق الدستورية يجب أن تتعزز بنظام انتخابي ديمقراطي عادل يتيح تمثيل مكونات المجتمع المختلفة بما يتناسب ووزنها، وبالتالي ينهي ظاهرة الأصوات المهدرة، ويتيح لأصحابها أن يجدوا من يمثلهم في المجالس المنتخبة.
واحد من أهم درسين يجب أن نتعلمهما، نحن هنا في البحرين، من تجربة أشقائنا في الكويت هو ضرورة إعادة النظر في النظام الانتخابي المعمول به حالياً، بالإضافة طبعاً إلى درس دعم فكرة تمكين المرأة لا بالخطاب السياسي وحده، وإنما بخلق آليات فوزها ودمجها في الحراك السياسي.
وسبق للمنبر التقدمي أن أقام في عام 2007 حلقة حوارية حول توزيع الدوائر الانتخابية قدم خلالها مقترحاً بديلاً للنظام الانتخابي الراهن، وقلنا في مسببات هذا البديل نفس الأفكار التي برهنت نتائج الانتخابات الكويتية على صحتها.
ونشعر اليوم بالحاجة إلى ضرورة تسليط الضوء على هذا المقترح، وإعادة طرحه للمناقشة مجتمعياً على الأقل في المرحلة الأولى، ونتطلع إلى أن يكون للنساء ممثلات في اتحادهن النسائي وجمعياتهن النسائية والمكاتب النسائية في الجمعيات النسائية مساهمة في الحملة من أجل تعديل النظام الانتخابي بصورة ديمقراطية، وتحريره من القسمة المذهبية البغيضة التي صممت الدوائر الانتخابية على أساسها.
لم يبق الكثير على انتخابات 2010 وتطلعنا أن يشكل فوز شقيقاتنا الكويتيات حافزاً لنا لأن نرى المرأة البحرينية وقد شقت طريقها بقوة الانتخاب الحر المباشر إلى مقاعد مجلس النواب، وهذا لن يتحقق بالأمنيات وحدها، وإنما بإيجاد آليات هذا الفوز، وفي مقدمتها، كما نرى، ضرورة إعادة النظر في نظامنا الانتخابي، ليصبح قادراً على كسر احتكار القوى المحافظة على المجلس الانتخاب، ولأن يعكس ما في مجتمعنا البحريني من تنوع اجتماعي وتعدد سياسي وفكري، لتأتي مخرجاته منسجمة مع ما يليق بما في المجتمع البحريني من تقاليد سياسية واجتماعية.