المنشور

حاســة المــرأة السابعة!

هل تختلف المرأة الفنانة أو الكاتبة عن الرجل الفنان أو المبدع؟ وفي صورة أكثر تبسيطا ومباشرة: هل هناك أدب نسوي أو فن نسوي، وآخر فن رجالي أو للرجال، وهل يكفي أن تكون المؤلفة أو الشاعرة أو الكاتبة امرأة لنقول أن ما تكتبه هو أدب نسوي، أليست بعض الكتابات النسوية تكرس النظرة الذكورية الدونية السائدة تجاه المرأة. أليست بعض أشعار وكتابات وإبداعات بعض المبدعين الرجال أكثر تعبيرا عن هواجس وعوالم ودواخل المرأة من كتابات بعض النساء عن أنفسهن، أليس بعض الرجال أكثر مقدرة على معرفة المرأة من المرأة نفسها، ونطرح هذا السؤال دون أي شبهة ذكورية. بيد أن هذا القول لا ينفي في الحقيقة وجاهة السؤال أعلاه ولا يقلل من أهميته وقيمته. نعني: هل هناك أدب أو فن نسوي أو آخر رجالي. هل الكتابة أو الإبداع يحتملان هذا التقسيم الذي يجعل جزءا منهما مؤنثا والجزء الآخر مذكرا، أم أن التكوين النفسي والوجداني للمرأة يجعل من طريقة تعبيرها عن نفسها مختلفة عن الطريقة التي يعبر بها الرجل عن نفسه، خاصة في مجتمعات محافظة أو تقليدية مثل مجتمعاتنا تعرضت وتتعرض فيها الذات المؤنثة أو المرأة للتهميش والتغريب والإقصاء والتمييز. ما يجعل معاناتها معاناة مركبة، ويجعلها بالتالي تتطلب مقاربة أو معالجة إبداعية مختلفة من مقاربات أو معالجات المبدعين من الرجال. في صيغة أخرى للسؤال: لو أعطينا نصا إبداعيا مغفلا من التوقيع وطلب منا أن نحدد ما إذا كان المؤلف رجلا أو امرأة، هل نستطيع أن نجزم من خلال إحساسنا بمناخ الكتابة ما هو جنس المؤلف، هل تفصح كتابة المرأة عن نفسها بالتراكيب والمفردات والحالات التي لا تلتقطها إلا امرأة ؟! للبحث عن بعض إجابات على هذه الأسئلة يمكن تأمل ما قالته بعض الكاتبات العربيات عن معاناة الكتابة عندهن، لنلاحظ أن المرأة المبدعة وهي تتحدث عن القمع مثلا في المجتمعات العربية، لا تجد أمامها من مهرب سوى دمج معاناتها الخاصة كامرأة مع المعاناة العامة للمجتمع. فوزية أبو خالد، الكاتبة السعودية، تتساءل: هل تكفي حواسي الست لفض دسائس السؤال؟ وهل عندي من التهور والطيش ما يكفي لإنهاء دهشة تنهي حياتي بهتك أسرارها التي تسرها نفسي عن نفسي». ليانة بدر، الروائية والقاصة الفلسطينية، تقول: « لقد خرجت من شرطي الأنثوي في الهنيهة التي أتيح لي فيها الكلام». اللبنانية هدى بركات تقول: « لأني مجرد امرأة كانت تعذبني كثيرا معاينتي بعذاب الرجال». المصرية سحر الموجي تقول: « لم أخطط أن أكون كاتبة: تزوجت وأنجبت وأنهيت الماجستير، إذ كنت حريصة على ميراث الجماعة، متسقة معه». كأن النساء الكاتبات، في العبارات أعلاه، يقلن إنهن حين يردن الذهاب بالإبداع إلى أحد شروطه، أي البوح، فإنهن يصطدمن بحقيقة أن المرأة محاصرة بإملاء الصمت، لا بحرية الكلام، فيلجأن، وهن يكتبن، إلى حاسة أخرى إضافية غير متيسرة للرجل هي الحاسة السابعة.
 
صحيفة الايام
2 مايو 2009