المنشور

الرؤية الاقتصادية ومكافحة الفساد

رؤية البحرين الاقتصادية لعام 2030 تضعنا اليوم على المحك لان هذه الاستراتيجية بابعادها الحالية المستقبلية ترتبط باجراء اصلاحات كثيرة وبالتالي كيف ندفع عجلتها الى الامام؟ هذا ما يستدعي الوقوف عنده لان تفعيل اهدافها الاقتصادية والاجتماعية ليس من مهام الدولة فقط وانما ايضا من مهمات القطاع الخاص الذي يفترض منه ان يكون اكثر تعاونا لانجاز هذا البرنامج الاقتصادي الوطني. الكل يعلم ان البحرين بمواردها الطبيعية الاقتصادية المتواضعة حققت طيلة العقود الماضية انجازات اقتصادية وتنموية على اكثر من صعيد ومن هنا استطاعت ان تتبوأ مكانة مرموقة على صعيد تعدد مصادر الدخل وتنفيذ المشاريع الاستثمارية والعمرانية الا ان تفعيل اهداف هذه الرؤى التي دعت اليها لا يمكن ان تتلمس طريقها ما لم تتضافر جهود القطاعين العام والخاص وتتعاون على تحويل هذه الرؤية الى حقيقة وواقع ومن هنا يبقى صحيحا ماقله سمو ولي العهد رئيس مجلس التنمية الاقتصادية: لايمكن ان تدخل هذه الرؤية حيز التنفيذ مالم تبدأ كافة الاجهزة في القطاعين الحكومي والخاص بأخذ زمام المبادرة ووضع استراتيجية اقتصادية للمضي قدما في تطبيق آلياتها لكي يشعر المواطن البحريني بآثارها وثمار التنمية الاقتصادية الشاملة بصورة مباشرة. والشيء الآخر والمهم هنا هو ان هذه الاستراتيجية نحو التطوير الاقتصادي والاجتماعي ينبغي ان تتوافر لنجاحها شروط ضرورية من بينها اصلاح بعض القوانين والتشريعات كي تتناسب والتحولات السياسية الهامة التي شهدتها البحرين بعد المشروع الاصلاحي .. ولعل ابرز الاصلاحات المطلوبة مكافحة الفساد الاداري والمالي عبر تفعيل اجهزة الرقابة هذا في رأينا المتواضع اهم الخطوات الاصلاحية اللازمة وعلى هذا الاساس ان الخطوة التي اتخذها مجلس التنمية الاقتصادية بتعديل قانون العقوبات، باضافة فصل جديد وهو: الرشوة والاختلاس في القطاع الاهلي خطوة في طريق الصح وبعبارة اخرى خطوة سليمة وبناءه فبقدر ماتكون فاعله بقدر ما تكون هذه الرؤية ديناميكية ذات انجازات هامة. وهذا يعني بصورة واضحة ان التطبيق الفعال لهذه الرؤية يبدأ كما يقول ولي العهد من تطوير التشريعات التي تضمن مكافحة الفساد والرشى بكافة اشكالها وتجريم من يتلاعب باموال المساهمين وايجاد التشريعات اللازمة التي تضمن للمساهمين حقوقهم واموالهم. ويؤدي بنا ما سبق الى نتيجة هامة وهي ان مكافحة الفساد باشكاله المختلفة هو لب المسألة وبالتالي ليس هناك عقبة او مشكلة مثيرة للقلق اكثر من الفساد. واذا كان الفساد من العقوبات الرئيسية لهذه الرؤية هل يكفي اصدار القوانين والتشريعات المكافحة لهذه الآفة الخطيرة .. ام ان الامر في حاجة الى وقفة جادة لتفعيل هذه القوانين والتشريعات؟ وفي هذا الاطار من المهم ان يأخذ المجلس النيابي دوره الرقابي وكذلك الاجهزة الرقابية الاخرى. خلاصة القول: ان الفساد من المشكلات المزمنة، وان معالجة هذه الظاهرة يعد من الضمانات الحقيقية لتقدم هذه الرؤية التي تطمح البحرين الى تحقيقها على المستوى الاقتصادي لسنوات عديدة قادمة. اذن .. فلابد من مكافحة الفساد وهذا بالطبع يتطلب عملًا دؤوبًا متصلًا لانجاز ذلك وهي مهمة وأولوية تشكل قوة دافعة لرؤيتنا الاقتصادية.
 
صحيفة الايام
25 ابريل 2009