جاء خبر الإفراج الملكي الذي تم أمس الأول عن 178 من المحكوم عليهم والمتهمين بقضايا أمنية وسياسية في الوقت المناسب وأيضا بخطوة إيجابية تنصب لصالح السلم الوطني في البحرين إذ أثلج الخبر صدور معظم المواطنين كما استقبلت الجمعيات السياسية والحقوقية الخطوة بحفاوة تفتح لنا جميعا صفحة جديدة في الساحة السياسية التي عانت كثيرا من الذين يبثون السموم ويثيرون الشكوك ويؤججون الوضع في السنوات الثلاث الأخيرة.
لقد أكد الناشط السياسي حسن مشيمع في كلمته بعد الإفراج عنه على أهمية المشاركة في بناء الوطن بما يخدم آمال الشعب، ودعا إلى فتح باب الحوار والانفتاح على الآخر لخلق المناخ الذي يرسخ للاستقرار الحقيقي وبناء العلاقات القائمة على النوايا الحسنة، وذلك للاستجابة لمطالب الناس، مؤكداً أن ذلك يمكن تحقيقه من خلال حوار يشارك فيه الجميع. كما قال ناشط آخر الشيخ محمد حبيب المقداد إنه يؤمن بالأساليب السلمية ودعا إلى عدم الانجرار وراء العنف.
هذا الكلام لم يكن بعيدا عن مساعي أكثر من جهة في البحرين تدفع باتجاه طرح الحوار الوطني، فالأمين العام للمنبر التقدمي حسن مدن قال إن إحدى أهم القضايا التي واجهت جمعيته السياسية كانت تكمن في محاججة بعض من التقتهم من ممثلي الجمعيات والشخصيات حول البند الذي تضمنته مبادرة المنبر لإصلاح الأوضاع حول إطلاق سراح المعتقلين والموقوفين وإغلاق الملف الأمني، إذ إن رأيهم كان يقول إن هذا البند يضع شروطا تعجيزية، ولكنه أشار إلى أن هذا الإفراج هو واحد من مجموعة شروط في سلة واحدة لإصلاح الأوضاع التي انحرفت عن كل ما سعى إليه المخلصون الوطنيون خلال السنوات الماضية.
واليوم نرى أن ما طرحه المنبر كان عين الصواب، وهذا يعني أن الإفراج مجرد خطوة واحدة تحتاج إلى خطوات مشتركة من الجميع لكي نعيد القطار إلى سكته الصحيحة التي تلتزم بالعمل السياسي السلمي، إذ إن الإفراج يعتبر مدخلا مناسبا لتفعيل مبادرات الحوار الوطني.
أضم صوتي لما نادى به حسن مدن من قبل عندما أشار إلى ضرورة أن تلعب الشخصيات دوراً أكبر في التوعية بمخاطر الانفلات، والتبصير بالنتائج الوخيمة التي ترتبت عليه، وهذا يتطلب النأي عن خطابات التعبئة والتحشيد التي قد تأخذ طابعاً ومنحا طائفياً ومذهبياً، وأن يجري تناول مشكلات البلد من منطلقات اجتماعية ووطنية شاملة. فهل نحن مقبلون على مرحلة الحوار بصورة عقلانية وحضارية تتطلب قليلا من التنازل للتحقيق ما هو للصالح لأهل البحرين بكل تلاوينه الثقافية المختلفة؟!
الوسط 15 ابريل 2009