المنشور

بعد انتخابات الصحافيين

نهنئ زميلنا عيسى الشايجي رئيس تحرير «الأيام» بفوزه رئيساً لجمعية الصحفيين للمرة الثالثة، كما نهنئ جميع الزملاء والزميلات الذين فازوا بثقة الجمعية العمومية للجمعية في عرسها الانتخابي الكبير الذي شهدته قاعة نادي الخريجين مند أيام قليلة. والمناخ الذي ساد هذه الانتخابات دلل على ما بلغه الواقع الصحافي في البحرين من نضج خلال السنوات الأخيرة، بسبب ارتفاع سقف الحريات الصحافية وتعدد المنابر الصحافية، كما ان هذه الانتخابات تعكس، الى حدود كبيرة، طبيعة التحولات الايجابية التي بلغتها مؤسسات المجتمع المدني في البحرين بفعل الوضع الذي تشكل في البلاد بعد المشروع الاصلاحي. وستقع على عاتق مجلس الادارة الجديد الذي أسفرت عنه هذه الانتخابات مسؤوليات كبرى في الدفاع عن منتسبي المهنة وفي الارتقاء بالواقع الصحافي في البلاد، خاصة على صعيد تطوير الحريات الصحافية والضغط في سبيل صدور قانون متقدم للصحافة، يضمن هذه الحريات ويوفر لها السند القانوني الغائب الآن. إن الأمور تؤخذ بالمنظور النسبي، فحجم الحريات المتوقعة في بلد مثل البحرين يجب أن يكون أكبرمنه في بلدان أخرى لا تمتلك الديناميكية السياسية والاجتماعية والفكرية التي تتسم بها البحرين، فهناك تنظيمات سياسية معارضة ناشطة، وهناك هيئات للمجتمع المدني، والمتوقع من الصحافة أن تواكب هذه الحيوية، لكن العقبات في وجه ذلك كثيرة، وفي مقدمتها أن قانون المطبوعات والنشر والمعمول به قانون لا يليق بمستوى الحريات المتاحة في البلد بقوة الأمر الواقع. فالقيود التي يتضمنها هذا القانون كثيرة جداً، وهي قيود على أساسها اقتيد للمحاكم رؤساء تحرير صحف ومحررون، بل إن هذا المرسوم بقانون ينص على حبس الصحفيين، وهي عقوبة تخلت عنها الكثير من الحكومات التي عرفت بالصرامة في التعاطي مع الصحافة. وكما في مجالات أخرى، حيث يكون حجم الحريات المتحقق على الأرض بفضل حيوية المجتمع البحريني وبفضل المناخ السياسي الجديد في البلاد، فان الواقع على الجبهة الصحافية لا يختلف، ففي الوقت الذي صدرت فيه صحف جديدة ما دعم التعددية الإعلامية في البلاد، فإن البنية التشريعية التي تنظم العمل الإعلامي والصحفي عندنا مازالت بنية محافظة ومقيدة ومثقلة بالكوابح والممنوعات. ولا تقل خطورة عن ذلك تلك «القوانين» غير المكتوبة المستقرة في الأذهان والتي يجري اعتمادها قواعد في تحديد ما هو الممكن وما هو غير الممكن في العمل الصحفي، أي ما هي الحدود التي يجب عدم الاقتراب منها. إنها حدود غير مكتوبة، ولكنها أشد صرامة من تلك المكتوبة. ونحن نعلم أن المرسوم بقانون حول الصحافة هو واحد من حزمة مراسيم القوانين المقيدة للحريات، وهناك مطالبات مستمرة من قبل الجسم الصحفي ومن قبل التنظيمات السياسية ومن قبل مؤسسات المجتمع المدني بضرورة استبداله بقانون يليق بالبحرين في مرحلتها الجديدة، شأنه في ذلك شأن مجالات أخرى شديدة الحيوية وتشكل مفاصل العمل الديمقراطي يجب أن تنظم بقوانين ديمقراطية. وباتت وسائل الاتصال الحديثة تعمم المعلومات بسرعة البرق، ولم تعد أشكال الرقابة، في صورها المكتوبة: أي المنصوص عليها قانوناً، أو تلك التي تحتكم إلى الأمزجة أو إلى القوانين غير المكتوبة، لكنها نافذة وفعالة أكثر من تلك المنصوص عليها، قادرة على منع تدفق المعلومات.
 
صحيفة الايام
14 ابريل 2009