لماذا كل هذه الاحتقانات؟ سؤال الإجابة عليه يجب ان تكون على قدر كبير من الشفافية.. سؤال يقتضي منا التفكير فيه بمسؤولية كبيرة نابعة من صوت العقل.. سؤال يدفعنا الى مراجعة نقدية شاملة للكثير من ممارساتنا سواء كانت تلك الممارسات السياسية المتطرفة او الممارسات التي يجب الالتفات إليها جديا وإعادة النظر فيها على صعيد متطلبات حياتية ومعيشية كثيرة. وإذا ما أردنا لهذه البلاد التقدم والازدهار لابد من هذه المراجعة واللجوء الى صوت العقل.
كل التجارب أثبتت ان الحوار الوطني والمصالحة الوطنية والعمل السياسي السلمي هو البوابة الحقيقية للتقدم وفي حالتنا نحن في البحرين وبقدر ما نريد للحريات ان يتسع مداها وان تتحسن الأحوال المعيشية ويكافح الفساد وتعالج المطالب والملفات وتزداد الثقة بين الدولة والمجتمع, نريد أيضا ان تحترم دولة المؤسسات والقانون وان تقف كل مظاهر الفوضى السياسية والانفلات الأمني والعنف. ولمعالجة الأوضاع والحد من العنف نقول لابد من وقف كل هذه الفوضى والانفلات والدخول في حوار وطني يجمع كافة أطراف المجتمع. رغم كل المخاوف والتعقيدات فإننا مطالبون بوضع حد للعنف الذي هو ليس سبيلاً او طريقًا لنيل الحقوق والدفاع عن المعتقدات والآراء والأفكار واللجوء إلى طاولة الحوار.
وفي إطار الحديث عن الحوار من المهم الاستجابة إلى مبادرة التقدمي العقلانية التي تؤكد على احترام سيادة القانون والشراكة المجتمعية وحماية حقوق المواطنة لاعتبارها ثوابت وطنية, وبصراحة وأمام كل ما يجري من احتقانات في البلاد نتساءل عن دور البرلمان الذي وبكل أسف لا يزال يدور في دوامة الطائفية والاصطفافات الطائفية, في حين موقفه من كل هذه الاحتقانات لا يتعدى الاستنكار بينما إلى الآن لا ندري لماذا لا يتبنى خطة وطنية إصلاحية اقتصادية واجتماعية وثقافية وتربوية ولكن يبدو ان لعبة الاصطفافات الطائفية استهوت نوابنا وهو ما يحدث الآن على صعيد رفع الحصانة وقبلها استجواب الوزراء!!
بعض خطباء المساجد للأسف دخلوا لعبة التحريض الطائفي اذ تجدهم من على منابر الجمعة يخلطون الحابل بالنابل دون ان يتطرقوا إلى جوهر الأزمة او إلى ما يجري في البلاد وبالتالي رغم استنكارهم وإدانتهم للقتل وكافة أعمال الشغب فإن إدانتهم للطائفة الكريمة الأخرى كما لو إنها هي المسؤولة عن هذا الشغب يعد عملاً تحريضياً يفترض ان يحاسب عليه القانون والأمر لا يختلف أيضا بالنسبة للمدرسين اذ تجد وفي كلتا الطائفتين من انشغل ببث التفرقة الطائفية بين طلبة المدارس الحكومية سواء كان في المدن او القرى والأمر الأكثر خطورة ما حصل في إحدى هذه المدارس من عنف وشغب دون ما احترام للعلم.
بالتأكيد لا احد يريد ان تمضي الفوضى والعنف, وبالتأكيد أيضا ان أهم الخطوات لوقف كل ذلك لضمان الأمن والاستقرار هو البدء في الحوار الوطني الذي لا بد منه لبدء مرحلة وطنية جديدة قوامها حماية مجتمعنا من أعمال العنف والتطرف وحماية الحريات وكافة الحقوق وتجاوز السلبيات الداخلية وتوطيد الوحدة الوطنية.