فلننحِّ بالمكابرة جانبا ولننكِّسْ أصابع الاتهام ونركز على إنقاذ ما بالإمكان إنقاذه.. وعليه، علينا – أولاً- أن نقر بحقيقة تكاد تكون بديهية.. لقد جُرفنا إلى منزلق، والبلاد على شفا مرحلة تسعينات جديدة نخالها ستكون أكثر ضراوة من سابقتها.. تغَّولت الطائفية والكل محتقن ومتحفز للانقضاض على الآخر، وفسحة الحوار قد تقلصت لحساب مساحة التصادم..!!
هناك غضب متصاعد في الشارع الشيعي، وقمع الاحتجاجات لن يئد الغضب بل قد يزيده استعارا.. في المقابل هناك توجس في الشارع السني واستياء من صيرورة الأحداث ومن التوتر الأمني والسياسي الذي يلقي بظلاله على الحياة العامة.. الاحتقان بلغ مداه، وهذه السبخة التي انزلقنا لها شكلت أرضية مثلى لخروج أفاعي الفتنة التي لا تفتأ تنشر سمها في الأجواء..
اليوم؛ وبعد 7 سنوات من الميثاق، نحن بحاجة لحركة إصلاح جديدة لتقويم مسار حركة الإصلاح نفسها.. كثيرة هي الخطط التي تُرسم، فإن ما حادت عن جادتها وجب تقييمها وتقويمها.. في البحرين نحن بحاجة لهيئة إنقاذ، أو للجنة على أقل تقدير، تجمع أطراف المجتمع المدني والسلطة وتبحث محاور التأزيم.. طرحت آنفاً فكرة إنشاء لجنة لمراقبة الممارسات الطائفية بغية تقويضها، ولكنها – ككثير من الأفكار البناءة – حُجبت عن نور الشمس..
نحتاج الآن لقرار عال يطهِّر بعض مفاصل الدولة من العناصر المخبتة.. فنقاط الحبر السوداء قادرة على تلوين الماء النقي، وسم أفعى صغيرة قادر على إرداء فيل!! التظاهرات والاشتباكات الصبيانية هي قمة جبل الجليد، وهي مؤشر عابر على ما يتكدس تحت السطح من فتائل قابلة للاشتعال.. ومن دون حلول سياسية – جادتها الحوار الوطني وتلبية لمطالب الشعب المتمثلة في حقه أن لا يعيش عالة على نفسه- تغدو الحلول الأمنية بحد ذاتها مشكلة وباعثاً على التأزيم..!
نحن لا نستطيع تحمل كلفة تسعينات جديدة – هذا ما يجب أن نعيه – لا الحكومة والدولة في ظل الأوضاع الإقليمية والدولية بقادرة على دفع أكلاف ذلك.. ولا نحن الذين توقفت بنا الساعة وسبقنا دول الجوار في كل شيء بقادرين على أن نتحمل عبء الحياة على الهامش أكثر!!
إننا في بداية الطريق، وليحفظنا الله من منتهاه، وصدق الزميل فريد أحمد حسن، عندما قال ‘المقبل شيء ما شفتوه’.. نريد مبادرة عالية المستوى تنتشلنا مما نحن فيه؛ ونعدكم أن تكون أيدينا – كلنا- معكم.
هامش متصل منفصل:
قلت في مقال سابق، إننا ننتظر من العلماء أن يتحركوا للجم الانفلات في الشارع الشعبي الذي يأتمر بأمرهم.. ووجدنا أنه – وبالفعل – للشيخ عيسى قاسم عدة خطب في هذا السياق، آخرها ما ذكره في خطبته بجامع الإمام الصادق في 27 مارس 2009 عندما قال حفظه الله ‘أحذِّر من حالات الانفلات، وأن يتحول حكم طائفة بكاملها إلى من هو في سن العاشرة والثانية عشرة’. وقال في موضع آخر ‘إن المطالبة بالحقوق لا تكون عبر إرهاب الناس وحرق الممتلكات الخاصة’ ووجدت له – ولآخرين – خطابات تشدد على حرمة الدم وحرمه المال العام..
فأين هي شعارات ‘معكم معكم يا علماء’ ‘و لبيك يا فقيه’!!
أتطبق على موضوع دون آخر وفي سياق دون آخر!! في قانون الأحوال الأسرية هددتم بلبس الأكفان استجابة لنداء العلماء وأطعتموهم ‘طاعة عمياء’ فلم تكسرون كلامهم في هذا الأمر!!
سؤال بريء ليس إلا!!
الوقت 1 أبريل 2009