المنشور

كلمة حول القضاء


المنبر التقدمي في مبادرته للحوار الوطني يدعو إلى حلول سياسية للوضع المحتقن في البلاد، ويقدر أن الحل الأمني أدى وسيؤدي إلى تداعيات ستزيد من تفاقم الأمور.

والتعاطي الأمني جُرب في البحرين وجُرب في بلدان أخرى فلم يؤدِ إلى حل المشاكل التي تقود إلى الاحتجاجات، لأن المنطق يقول بأن عين الصواب هو احتواء الظروف والبيئات التي تدفع لمثل هذا النوع من الاحتجاجات على النحو الذي شرحنا جانباً منه في مقال الأمس. 

 ألا اننا نود أن نسجل كلمة تقدير للقضاء البحريني على الطريقة التي تعاطى بها مع القضية المنظورة أمامه والمعروفة بقضية الحجيرة في جلسة المحكمة الأخيرة.

ونأمل أن تسير المحكمة في جلساتها القادمة على الإيقاع الذي سارت به جلسة أمس الأول، في التعاطي الايجابي مع مطالب هيئة الدفاع وفي مقدمتها إنهاء السجن الانفرادي للمتهمين، بالنظر إلى معاناة المتهمين النفسية البليغة الناجمة عن ذلك، وكذلك بإعادة التحقيق في القضية من قبل المحكمة، فضلاً عن التحقيق في دعاوى التعذيب الذي يقول المتهمون أنهم تعرضوا إليه لحملهم على الإدلاء باعترافات.

لقد تمكن المتهمون أمس الأول من الإدلاء بمواقفهم أمام هيئة المحكمة، وبحضور ممثلين  لهيئات حقوقية دولية ومحلية وممثلي الصحافة المحلية وبعض الدبلوماسيين، حيث أشاروا إلى أنهم معتقلون في قضية رأي.

وهذا يشير إلى الأهمية التي توليها الجهات التي حضرت للقضية المنظورة، واهتمامها بمدى التزام القضاء البحريني بالمعايير الضرورية الواجب توافرها في محاكمة من هذا النوع.

وأمر يدعو للتقدير أن المحكمة أظهرت في تلك الجلسة حرصاً على الالتزام بالشفافية، وفق ما قاله بعض الحقوقيون الأجانب الذين حضروا الجلسة.

يظل أن المتعين الآن هو التنفيذ الفوري لقرارات المحكمة وخاصة لجهة إنهاء السجن الانفرادي والاستجابة لطلب الدفاع في إعادة التحقيق مع المتهمين، بالنظر لما أثارته هيئة الدفاع عن عدم حيادية النيابة العامة إثناء التحقيق الذي على أساسه كيفت القضية المنظورة، إضافة إلى النظر في ما أثاره المتهمون ومحاميهم عن تعرضهم للتعذيب الجسدي والإيذاء النفسي لحملهم على أقوال ليست صحيحة.

ثقتنا في القضاء قوية، وأملنا أن تكون هذه الثقة في محلها، فاستقلالية القضاء وبعده عن الضغوط من قبل أية جهة شرطان ضروريان لإعمال العدالة وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، وخلق حالة من الاطمئنان في المجتمع إلى أن القضاء سيكون في نهاية المطاف سداً لأي تعد على حقوق المتهمين وكرامتهم، بالمقدار الذي سيكون فيه حارساً على تنفيذ القانون دون أن يخشى في الحق لومة لائم.

إذا سار قضاؤنا في هذا الاتجاه، وله سوابق حميدة في هذا المجال منذ بدأت الإصلاحات السياسية، يمكن له أن يكون عاملاً من عوامل إزالة الاحتقانات الموجودة في البلد، والدفع في اتجاه تطبيع الوضع.

كلمتنا هذه في حق القضاء لا تغير من قناعتنا في أننا بحاجة إلى معالجة شاملة للإشكالات القائمة في البلد، لن تنبني إلا على أساس حوار وطني يؤدي إلى مخارج متفق عليها من الحال التي نحن فيها اليوم، تغلق الملف الأمني، وتُغلب الحلول السياسية على صورة تفاهمات حول الإشكالات  موضع الجدل.