اضفت الدكتورة مريم لوتاه أستاذة العلوم السياسية بجامعة الامارات طابعاً سياسياً على ندوة ” قضايا تطوير التعليم بين تعدد المبادرات وعجز الآليات” التي نظمتها جامعة الخليج العربي شهر يناير الماضي، بمشاركة ثلاث نساء هن رئيسة جامعة الخليج العربي الدكتورة رفيعة غباش، ورئيسة جامعة قطر الدكتورة شيخة المسند، واستاذة العلوم السياسية بجامعة الامارات الدكتورة مريم لوتاه.
الندوة التي اوحت بطابع أكاديمي للوهلة الاولى، سرعان ما ناقشت أهم حوار سياسي قد يناقشه المؤمنون بقطبي العالم (الاشتراكي والرأسمالي)، وهو الهدف من التعليم، ففي حين رأت لوتاه أن التعليم في العالم العربي جرد من محتواه الايدلوجي والتنويري بعد سيطرت القطب الواحد مما جعله غاية نفعية مرتبطة بحاجة سوق العمل، أستبعدت المسند نظرية المؤامرة داعية الى استقلال التعليم عن الدولة والاستعانة بالمناهج الغربية لتطوير التعليم بمستويات نوعية لا تتوفر في العالم العربي.
وتباعد الآراء بين المسند ولوتاه أنعكس على لكنتيهما إذ كانت لوتاه ذات لغة عربية فصيحة وشعارات تحمل في طياتها أحلام شباب عايش بريق سبعينات القرن العشرين، فيما كان واضحاً على المسند ارتباطها بثقافة ما بعد سيطرة القطب الواحد عبر تضمينها للغة الانجليزية في معظم جملها، وثقتها المفرطة في نوايا الغرب التنموية في عصر العولمة.
تبدو المسند فائزة بالطبع وفق مقاييس عالمنا الراهن فالاتحاد السوفيتي سقط، واندثرت بعده قيم التنوير والنهضة والتحرر العربي، كما تهاوى المناضلون واحداً تلو الآخر، وبدى الكل لاهثاً وراء لقمة عيشه، فمن الناس من رفع الراية البيضاء وسلم، ومنهم من أخذ يصارع ضد التيار الكاسح وقيل عنه مجنونا، ومنهم من سعى دون جدوى للموازنة بين لقمة العيش وكلمة الحق لكن المنطق يقول ان اللقمة تسد الزور فلا تخرج اثناء ذلك الكلمة، وطالما نحن مهددون بأن نجوع في معظم الاحيان سنسلك طريق الصمت فهو أأمن.
لكن الاخطر من كل تلك النماذج السابقة هو النموذج الذي يسعى لتشويه الفكر وتحريفه من خلال ادعائاته بان الفكر التنويري والتقدمي لا بد ان يفرز نفسه عن المطالب الشعبية المتعارف عليها، وينحاز أحياناً للسلطة من أجل مصالح ضيقة لا تتجاوز سعتها محيط مدعيها، تحت شعارات واهية تتذرع بالانفتاح والحرية الشخصية.
لذى ليس مستغرباً أن نواجه اليوم معضلة حقيقية تتعلق بتصدير الوعي والنضال للاجيال الجديدة، فطالما ان التعليم اصبح استهلاكياً، والمناضلون باتوا متوجسين من السلطة، فأي مصير هذا الذي يواجه أجيال لم تتربى على خطب جمال عبدالناصر، ومعارك تشي غيفارا في الادغال، وصقيع ثلج موسكو في محيط جامعة الصداقة، أو أشعار سعيد العويناتي التي تصدت لهروات الدرك؟!.
نشرة التقدمي
فبراير 2009