مع تقديري لجهود جمعية المنبر التقدمي وجهود أمينها العام الدكتور حسن مدن, وحرصها للحوار وتخليص الوطن من حالة الاحتقان التي بدأت تهدد المكاسب الديمقراطية التي تحققت بفضل تضحيات وجهود وطنية كبرى منعت الوطن من الانزلاق نحو الهاوية. كلنا نذكر أحداث التسعينات بتفاصيلها الدقيقة, وفي كل لحظة نسمع او نشاهد أحداث عنف, تستحضر الى ذاكرتنا تلك الأيام بآلامها وأحزانها, فالتاريخ مازال عالقا في مخيلتنا ولم ننس!! المعارضة متمثلة في المنبر التقدمي, نجحت في حصد تأييد جل القوى السياسية لمبادرتها, وهو يحسب للعملية الديمقراطية, ولعل الذين ينقبون عن المثالب والنقائص يستخلصون العبرة من نجاح المنبر, وهو ان الحكومة لا تتحسس من المعارضة او تضيق منها, وأنه لولا اتساع هامش الحرية لما استطاع المنبر او غيرهم أن يمارسوا دورهم في المعارضة, فالإجماع في العمل الديمقراطي لم يكن أبدا علامة صحية, فالأصل هو الخلاف والتعارض في هذا الميدان.
إذا دعونا نتساءل: متى تتحسس الحكومة ويضيق صدرها من المعارضة؟ في حالة واحدة فقط, وهي عندما تضرب المعارضة بعرض الحائط كل أدوات العمل الديمقراطية والتي تكفل حرية التعبير, وتستخدم العنف لإرهاب المجتمع, لأن الحكومة ومن منطلق مسؤوليتها نحو المجتمع هي المسؤولة عن السلم الاجتماعي, وهي المسؤولة عن امن الفرد, بالتالي لزاما عليها حفظ الأمن بكل الوسائل, ولا يمكن تحت اي تسمية فلسفية تفسيرية غريبة لم تدرج ضمن منهج العمل الديمقراطي, ان يعتبر حرق مكب زبالة او تفجير محول كهرباء او الاعتداء على رجال الأمن, هو نوع من أنواع وسائل حرية التعبير العنيفة, لان في ذلك نعطي الحكومة العذر في استخدام عنف مضاد وأكبر لمواجهة هذه الفلسفة في حرية التعبير لحفظ امن المجتمع. كلنا ندرك ان العنف مرفوض عالميا كوسيلة للتعبير, وكلنا ندرك ان العنف يولد عنفا مضادا من الحكومة تساوي في المقدار وتضاد في الاتجاه القوة التي يؤثر بها الجسم الثاني في الجسم الأول, ولكن ما لا ندركه هو ان أعمال العنف تلك, قد تجهض أي مشروع ديمقراطي وتجر الوطن الى متاهات مجهولة العواقب والنتائج, وسندفع جميعنا الثمن.
ودعونا نتساءل من جديد: هل نحن بحاجة الى مبادرة للحوار؟ بالتأكيد نحن بحاجة الى حوار مستمر بين أطراف المعادلة -الحكومة والمعارضة- وهو أمر حتمي يدفع الى مزيد من النضج السياسي, وفي وضع التأزيم الحالي الذي يلف بالوطن, نحن بالفعل نحتاج الى مبادرة حوار وطنية, لكن قبل ذلك نحتاج الى نوايا ومبادرات تدفع نحو إنجاح المبادرة.. نحتاج إلى ترشيد الخطاب الديني والذي لا يدين العنف ويعطيه المشروعية, ونحتاج الى آلية تلزم القوى السياسية بمبادئ الحوار.. نحتاج الى ما هو اكبر من ذلك وهو, دعوة من طرف التأزيم والمحرض على عنف الشارع, الى تهدئة الشارع وعودة الأمور الي نصابها الطبيعي, فالحكومة كما نعلم علم اليقين أنها قدمت في السابق في اكثر من موقف مبادرات حسن النوايا, فأوقفت محاكمة عبدالهادي الخواجة وحسن مشيمع في 2007, وأفرجت عن 225 متهما متورطين في قضايا أمنية في يوليو 2008 وغيرها, وأصبح حكم الحكومة في حكم الشرع «لا يكلف الله نفسا الا وسعها» وباتت الأمور في مسؤولية طرف التأزيم كما قلنا, وعليه ان يقف أمام شعب البحرين والتاريخ ويعلنها صراحة: هو مع امن الوطن ومستقبله السياسي او العودة الى مربع الصفر؟؟
الأيام 6 مارس 2009