تابع يوميا السجال الدائر بين اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس النواب وبين وزارة المالية حول المعلومات والأرقام الواردة في مشروع الميزانية ستجد رفض اللجنة للميزانية الجديدة يشير إلى عمق الخلاف بين الطرفين ليس حول دقة المعلومات فحسب ولكن حول توافرها بالأساس.
مشروع الميزانية العامة ومراقبة سيرورة المال العام وكيفية إنفاقه وبنوده المعلنة وغير المعلنة أهم عمل يضطلع به المجلس المنتخب, والمداولات والنقاش المستفيض حوله تفتح عيون المواطنين وتنير الرأي العام وتكرس الشفافية.
الميزانية المتنقلة بين الحكومة وبين المجلس اختلافا واتفاقا ومفاوضة ومساومة تشير أيضا إلى أن ثمة اختلاف بينّ بين اولويات النواب واولويات الحكومة, الحكومة تريد الأمن السياسي والعسكري وتمنحهما الاهتمام والنواب يريدون الأمن المعيشي والغذائي والتعليمي والصحي والسكني للمواطنين الذين منحوهم أصواتهم وثقتهم وأوصلوهم إلى قبة البرلمان.
اذا تحقق الاستقرار الاجتماعي وساد السلم الأهلي وجرى التوافق بين الحكومة وبين مواطنيها حول تمكين الدولة وانجاز مشروعها الحداثي الديموقراطي العصري ذي المرجعية الدستورية والقانونية القائم على العدالة والإنصاف وتوزيع الثروات ورفع شأن الشرائح الضعيفة وغير الممكنة, فمن الطبيعي أن يقل الاعتماد على وزارات الأمن والداخلية, المعادلة بسيطة ولا تحتاج إلى كثير التنظير, وان كنا نسعى إلى التطوير الحقيقي فالدول تتطور بموازنات الأبحاث ووزارات العلم والجامعات وإنماء الثقافة والحريات والحقوق والمعرفة وتمكين النساء.
ونحن دولة تسعى إلى زيادة نموها وتمكين اقتصادها وترسيخ العدالة في إنفاقها ورفع شأن مواطنيها وايلاء القطاع الخاص الاهتمام الأكبر وجعله محركا للنشاط الاقتصادي وجاذبا كما تقول الرؤية الاقتصادية 2030 فما احرانا اليوم باعتماد سياسات وممارسات ديموقراطية تنتهج الشفافية في إنفاق المال العام وتوظيفه التوظيف الأمثل وألاحكم والأكثر فائدة واستدامة.
الشعوب تتقدم بالديموقراطية والشفافية والعلم ومكافحة الفساد ونشر المعلومة وإرساء مبادئ التخطيط في تسيير حياتنا ومعاشنا , ومن أسف أن الحكومة تتحفظ على بعض المشاريع الحيوية المهمة التي تعين على التحول الديموقراطي الحقيقي الجاد وتعزيز النزاهة وإعادة قسمة المال والأرزاق بما يتفق ومبادئ العدالة والديموقراطية.
وتتمثل مطالب النواب في مطالب عامة ومكررة وأخرى آنية ومتعلقة بالوضع الاقتصادي الراهن والأزمة الراهنة التي تسعى جل الحكومات اليوم لضخ المزيد من المال لإنقاذ الوضع خشية تفاقمها وانسحابها على بقية القطاعات تجنبا للركود وتقلص فرص العمل انتشار الفقر والاضطرابات السياسية, زمن الديموقراطية هو زمن الأسئلة المستفيضة والإجابات الواضحة والمداخيل والمعلومات الشفيفية المفصح عنها, ان البنود السرية او المعتمة في اي موازنة مالية تزرع الشكوك وتنمي عدم الثقة, من حق المواطنين معرفة أين ذهبت وفورات السنوات الماضية النفطية , كما ان من حقهم الحصول على علاوات الغلاء والسكن والإيجار, كذلك زيادة الاعتمادات المخصصة للتربية والصحة ومشاريع البنية التحتية والخدمية التي ينتظرها المواطن.
ألأيام 24 فبراير 2009