المنشور

الالتزامات المتبادلة في مبادرة “التقدمي”

 


في ندوة جمعتني مع الأخوين الشيخ علي سلمان أمين عام جمعية “الوفاق” وإبراهيم شريف أمين عام جمعية “وعد” في الملتقى الثقافي الأهلي بمناسبة الذكرى الثامنة لميثاق العمل الوطني، وقدمت فيه عرضاً لمبادئ ومنطلقات مبادرة الحوار الوطني التي دعا إليها المنبر التقدمي، استنكر أحد الحضور كيف تنص المبادرة على إطلاق سراح الموقوفين، مع أنهم أصبحوا في عهدة القضاء.
وردي أن أهم صفة يمكن أن تطلق على مبادرة المنبر التقدمي الداعية لإطلاق آلية حوار في المجتمع هي صفة التوازن، فعلى الذي يرغب في الحكم عليها أن يقرأ بنودها متكاملة، لا أن يكتفي بقراءة بند واحد فقط، ويٌغفل بقية البنود، وفيما يتصل بمسالة القضاء فان موقفنا كان وسيظل هو الدعوة لأن يكون القضاء حكماً في القضايا المختلفة، وتوفير شروط النظر العادل في هذه القضايا، وفي مقدمتها توفير الضمانات القانونية للمتهمين وحمايتهم من الأذى النفسي والجسدي.
لكن مبادرة المنبر التقدمي ليس هدفها الرئيسي إطلاق سراح المعتقلين، وإنما إغلاق الملف الأمني كلية عبر آلية حوار متفق عليها بين الدولة والمجتمع، فتقديرنا أن إطلاق سراحهم دون تسوية الأمور الأخرى لن يحل المشكلة، وبالتالي ستكون هناك اعتقالات أخرى لهم أو لسواهم، ومثله أيضاً لن يحل المشكلة إصدار أحكام ضدهم، طالما ظللنا نراوح في الدائرة نفسها.
مبادرتنا تطلب التزامات متبادلة من القوى السياسية والمجتمعية من جهة، ومن الدولة من جهة أخرى، بل أن حجم ما تطلبه من التزامات من الأولى يكاد يكون أكثر من الثانية، حرصاً منا على أن يكون مفهوماً أننا نريد التغلب على أية أسباب تدفع الدولة لتغليب الخيار الأمني.
المبادرة تطلب من القوى السياسية والمجتمعية احترام النظام السياسي في البلاد الذي ينص عليه ميثاق العمل الوطني والمادة رقم 1 من دستور مملكة البحرين، وتدعو إلى ترشيد الخطاب السياسي واحترام هيبة الدولة ورموزها والبعد عن الإساءة إليها، ونبذ مظاهر العنف كافة من حرق وتفجيرات والاعتداء على رجال الأمن، والتأكيد على سلمية العمل السياسي والالتزام بالقواعد والأطر القانونية المنظمة له، ووقف خطابات التحريض والتخوين والتشكيك في الولاء الوطني للمواطنين على أساس انتمائهم المذهبي والطائفي كافة.
بالمقابل تدعو المبادرة الدولة إلى ضمان فتح حوار بينها وبين القوى المجتمعية والسياسية حول الملفات موضوع الخلاف، وإطلاق سراح الموقوفين والمعتقلين ووقف وسائل التعذيب والإكراه واحترام الضمانات القانونية للمتهمين إثناء التحقيق، كما تدعو إلى نبذ الاستخدام المفرط  للقوة من قبل رجال الأمن أثناء تفريق التجمعات.
هذا التوازن الذي تتسم به المبادرة يجعل منها قاعدة مقبولة للتحاور مع الأطراف المختلفة في المجتمع، لأنها صيغت بروحية تجعلها قابلة للتحاور حولها، وبالتأكيد فإنها قابلة للتعديل والإضافة وفق ما يجري التوافق عليه إثناء الحوار الذي اقترحنا أن تتولاه مع الدولة لجنة مصغرة من شخصيات مشهود لها بالكفاءة والخبرة والصدقية لدى الجميع.
 
19 فبراير 2009