المنشور

مبادرة «التقدمــي»


نشأ تفاعل ايجابي, سياسي وإعلامي, مع المبادرة التي أطلقها المنبر التقدمي منذ أكثر من أسبوعين, وأعلن في مؤتمر صحفي أمس الأول عن إطارها التفصيلي الذي جاء على شكل إعلان مبادئ بالتزامات متبادلة بين القوى السياسية والمجتمعية من جهة والدولة من جهة أخرى, فضلاً عن آلية لتفعيل المبادرة.
وطبيعي أن تتوجه عيون وقلوب العقلاء من القوم نحو هذا الخطاب الذي يدعو إليه المنبر التقدمي, بديلاً لمناخ التشنج والتصعيد المتبادل, لأن الهدف في نهاية المطاف هو تأمين أقصى ما يمكن من استقرار سياسي وأمني في البلاد, ليجري الانصراف نحو مهام البناء الديمقراطي, مع ما يترتب على ذلك من استحقاقات متبادلة على الدولة وعلى مختلف القوى السياسية الناشطة.
نحن ننطلق من أن ثقافة سياسية جديدة نشأت في البلاد بعد ميثاق العمل الوطني لها مفرداتها الجديدة وآلياتها التي لم تكن قائمة قبل ذلك, وكان ينبغي البناء على ذلك ليس فقط من أجل الحفاظ عليه ومنع أي شكل من أشكال التراجع أو الارتداد عما تحقق من مكتسبات, وإنما أيضاً السعي لتطويرها وتعزيزها. لم تسر الأمور دائما في هذا المجرى المنشود, وقد تحدثنا عن ذلك كثيرا في الفترة الأخيرة وعبرنا عنه في ديباجة مبادرتنا, ونحن ندعو لاستثمار التحول الذي حدث في موقف القوى السياسية التي قاطعت انتخابات 2002, وفي مقدمتها جمعية الوفاق, في اتجاه إشاعة مناخ من الثقة, لن يتحقق إلا عبر السعي لحل أمور كثيرة ما زالت معلقة, وبحاجة إلى حل, بدل توظيف الأغلبية النيابية في المجلس المنتخب لإعاقة نجاح أي ملف طرحته الوفاق وسواها من القوى السياسية غير الممثلة في المجلس.
جوهر المطالبات بالإصلاح السياسي سيظل ثابتاً بطبيعة الحال, لكن أشكال هذه المطالبات هي ما يجب أن تتغير تبعاً لتغير الظروف, وهذا ما تصر بعض القوى الناشطة على تجاهله, فهي تريد أن تدير الأمور في الشارع كما لو كنا في التسعينات أو الثمانينات, وهي لا ترى في التحولات التي جرت في البلاد, بما فيها مقادير الحريات المتاحة, بما فيها النشاط السياسي, تحت مظلة القانون, إلا محاولة لتمييع النضال واحتوائه, وفي ذلك فإنها تستخف بكل ما تحقق, كثمرة للنضال الطويل الذي خاضه شعبنا بمختلف تياراته وقدم في سبيله التضحيات.
مثل هذا التفكير, إذا قابلته المعالجات الأمنية من قبل الدولة, سيدفع إلى دوامات من التوتير لن تنتهي, وبتقديرنا انه ليس في مصلحة الحركة الوطنية أن يجري الدفع بالبلد نحو هذه الخيارات, لأن عواقبها سترتد على الجميع. مبادرتنا هي دعوة إلى التمسك بروح ميثاق العمل الوطني ونصوصه, والى العودة للجو المتفائل الذي ساد البحرين بانطلاقة المشروع الإصلاحي, وتغليب منطق الحوار, وهو منطق يقود, إذا ما نحن اتبعناه, إلى بلوغ توافقات وتسويات, ما أمس حاجة الوطن إليها.

الأيام 17 فبراير 2009