رأت جمعية المنبر التقدمي في بيانها الصادر أمس الأول ضرورة «إطلاق مبادرة وطنية شاملة لمنع تدهور الأوضاع أكثر فأكثر»، ونحن بالفعل نحتاج إلى مبادرة لحلحلة الأزمة. فما لدينا ليست حوادث اعتيادية، والمعالجة المطروحة تركز على الجانب الأمني، وهذا من شأنه أن يفاقم المشكلة بدلاً من حلها.
وحسناً فعلت النيابة العامة في تعاطيها مع الصحافة أمس، ولفت انتباهي تشكيك في ما ورد في بيان منظمة العفو الدولية التي صنفت كلاً من مشيمع والمقداد «سجيني رأي»… وسعياً للإيضاح، فيمكن الرجوع الى بيان المنظمة المرقم AI Index: MDE 11/001/2009. ويمكن مراجعة آخر فقرة، وهناك يمكن قراءة مصطلح prisoners of conscience وترجمته «سجناء رأي»، إذ تقول الفقرة إنه إذا كانت التهم مرتبطة بنشاطات غير عنفية، بما في ذلك انتقاد الحكومة، فإن المنظمة تعتبرهما من هذا التصنيف.
على أية حال، فإن الحوار والتفاهم وتبيان الأمور هو السبيل الذي يجب أن نتبعه في استيضاح مختلف قضايانا، وقد طرحت جمعية المنبر التقدمي مبادرة وطنية أكدت من خلالها «ضرورة إطلاق سراح المعتقلين، ووقف أعمال العنف والعنف المضاد، وخلق آلية للحوار بين الدولة والقوى السياسية كافة، سواء تلك الممثلة في مجلس النواب أو غير الممثلة فيه، لبلوغ تفاهمات مشتركة ومتفق عليها بشأن قضايا الإصلاح السياسي والدستوري، وإعادة البلاد مجدداً إلى مناخ الثقة الذي عشناه قبل سنوات، وبناء جسور الشراكة بما يحمي البحرين من المخاطر، ويحقق الاستقرار والأمن فيها”.
وأعتقد أن مثل هذه الدعوة تستحق النظر فيها بجدية، إذ لا يوجد مجتمع متحضر إلا وكان الحوار والتفاهم هما سيدي الموقف… فاللجوء إلى العنف والقوة (من أي طرف) إنما يعبر في الأساس عن عدم القدرة على تبادل الآراء والأفكار، وعدم القدرة على إدارة الحوار. فالشعوب التي نهضت لم تنهض إلا بعد أن اعتمدت العمل السياسي السلمي (الحوار) أساساً لإدارة العلاقات فيما بينها. أما التي تعتمد القوة والعنف أساساً لإدارة شئونها فإنها سرعان ما تجد نفسها متقهقرة حضاريّاً.
إن تفعيل الحوار الجدي والمنتج – كما قالت جمعية المنبر التقدمي – يؤدي إلى سد باب الهزات الأمنية والتوترات، فحالة الاحتقان أدت إلى تعقيد الأمور، وهكذا افتتحت البحرين العام 2009 بإعلان الحرب على أهم تكنولوجيا عصرية (الإنترنت) وشن حملات اعتقال أمنية، وبث اعترافات وإطلاق تصريحات ترعب المقيمين من غير المواطنين أكثر من إرعاب المواطنين الذين يستعينون بذاكرة الماضي للصبر عليها. إن كل هذه السياقات لا يمكنها أن تنتج حلاً دائماً، فالأضرار التي تلحق بالمجتمع وبالدولة من النواحي النفسية والاقتصادية والسياسية ليست قليلة.
جريدة الوسط-
2 فيراير2009