تمر اليوم الذكرى الثامنة لميثاق العمل الوطني، وهي ذكرى تعيدنا إلى ما حدث قبل ثمان سنوات. حينها كانت السجون مملوءة بالمعتقلين السياسيين، والمبعدون كانوا منتشرين في عواصم العالم المختلفة، وصورة البحرين أمام الرأي العام العالمي لم تكن تسر الحال.
المدة بين الإعلان عن مشروع الميثاق والانتهاء من إعداده كانت أربعة أسابيع (من 23 نوفمبر 2000 إلى 23 ديسمبر 2000)، وبين الإعلان عن الميثاق المقترح والبدء بإطلاق سراح رموز المعارضة أربعة أسابيع أخرى (من 23 ديسمبر 2000 حتى 23 يناير 2001)، وبين الإفراج عن المعتقلين السياسيين والتصويت على الميثاق ثلاثة أسابيع (من 23 يناير 2001 حتى 14 فبراير 2001)… وخلال هذه الأسابيع الثلاثة خرج النشاء السياسيون من السجون وقادوا حملة كبيرة دعوا خلالها مؤيديهم للتصويت بـ «نعم» للميثاق.
قبيل التصويت على الميثاق، قام جلالة الملك بزيارة المحرق في 10 فبراير 2001، وفي نفس اليوم زار منزل السيد علوي الغريفي في النعيم، وثم في 11 فبراير 2001 زار سترة، تلك المنطقة التي تقترب من تعريف المناطق “المنكوبة”، والتي تعتبر إحدى قلاع المعارضة ومنطلقاً للاضطرابات السياسية على مدى سنوات التسعينيات. ما حدث في سترة سيخلده التاريخ، إذ خرج جلالة الملك إلى شعبه من دون حراسة، وقام أبناء تلك المنطقة «المنكوبة» برفع سيارته والهتاف بحياته… وكان المشهد خارج نطاق التوقعات آنذاك.
بعد التصويت على الميثاق بأربعة أيام، وذلك في 18 فبراير 2001، اتخذ جلالة الملك (سمو الأمير حينها) خطوة كبيرة جداً عبر إلغاء قانون أمن الدولة ومحاكم أمن الدولة، وهذا أدى لخروج مسيرات التأييد في مناطق عديدة، بما في ذلك في منطقتي الديه والسنابس المعروفتين بأنهما من قلاع المعارضة النشطة باستمرار.
الذكرى الثامنة للميثاق تقول لنا إنه بالإمكان أن نعيش أياماً سعيدة تجمع أبناء الوطن في بوتقة واحدة من دون تفريق ومن دون شكاوى ومن دون أنين ومن دون سجون ومن دون اضطرابات ومن دون تأجيج ومن دون خطابات منفلتة ومن دون تحريض ومن دون عنف ومن دون الحاجة للاعتماد على أساليب أمنية قد تحقق الأمن الظاهري ولكنها تستبطن وتولد المشكلات على مر الزمن.
إن الذكرى الثامنة للميثاق تقول لنا إن القائد الذي استطاع أن يجمع شعبه ويحصل على 98.4 في المئة لتأييد مشروعه الإصلاحي، هو القائد ذاته أيضاً الذي يستطيع أن يحمي مشروعه التاريخي من التعثر أو العودة إلى الوراء. إن تصويت الشعب بأكثريته على الميثاق يجعل منه وثيقة ملزمة للجميع، والذكرى الثامنة تحثنا جميعاً للعودة لبنود الميثاق لنحتكم إليها بهدوء، وبإخلاص لوطننا الذي يحتاج إلى تضامن القلوب اليوم أكثر من أي فترة مضت.
الوسط 14 فبراير 2009