لا ينطلق المنبر التقدمي في رفضه لسياسة التجنيس المتبعة من قبل الدولة من مواقع طائفية أو مذهبية، ولا يحمل أعضاء المنبر وأصدقائه وجمهوره أية ضغينة ضد أبناء الجاليات العربية وغير العربية ممن باتوا يمنحون الجنسية البحرينية بمعدلات كبيرة، بل إن الملابسات المحيطة بتجنيس هؤلاء بالصورة التي يتم بها هذا التجنيس تجعلهم في وضع ٍ لا يحسدون عليه في نظر المواطنين البحرينيين الذين يعانون أساساً من سوء ونقص خدمات الحياة الضرورية في مجالات الإسكان والصحة والتعليم وضعف البنية التحتية المتوفرة عن الوفاء باحتياجاتهم.
ولا يقتصر هذا الشعور على المواطنين الشيعة وحدهم، وإنما يشمل أفراد المجتمع البحريني بأكمله، ولعل الأحداث الدامية التي جرت في الدوار 19 بمدينة عيسى والتي أصيب خلالها مواطن بحريني نتيجة اعتداء بعض أبناء إحدى الجاليات العربية حديثي التجنيس تشكل احد مظاهر الاستياء الشعبي الواسع من سياسة التجنيس المتبعة.
هذه السياسة تحمل وستحمل في طياتها نتائج مدمرة على الاستقرار الاجتماعي والسياسي في البلاد، وهي لا تشكل طريقاً للتغلب على المعضلات الكثيرة التي يعاني منها مجتمعنا بسبب السياسات الحكومية الخرقاء في أكثر من مجال، فالرهان على أن تغيير البنية الديمغرافية والتوازن الطائفي في البلاد سيحل ما تعانيه من مشاكل يعد وهماً كبيراً، ويعبر عن ضيق في الأفق.
البحرين بلد صغيرة المساحة ومكتظة بالسكان وتعاني من شح في الموارد قياساً إلى جاراتها الخليجيات، وفيها شعب مثابر في العمل والإنتاج، لم يعرف عنه لكسل ولا الترفع عن القيام بأي عمل، وبسواعد البحرينيين شغلت مصانع النفط والألمنيوم وغيرها، بل إن العمال البحرينيين كانوا رواداً للطبقة العاملة في بلدان شقيقة أخرى كما هو الشأن في صناعة النفط في المنطقة الشرقية بالسعودية في بواكيرها.
مشكلة البحرين ليست ولم تكن في الانتماءات الطائفية المتعددة لأبنائها، وإنما في السياسات المتبعة التي غيبت المشاركة السياسية الحقة، ولم تُوجه مقدرات البلاد نحو التنمية المتوازنة وتلبية احتياجات المواطنين في العيش الكريم، وهي نفسها السياسات القائمة على تعميم الفساد ونهب المال العام والاستحواذ على الأراضي والجزر والشواطئ وحتى البحار من قبل المتنفذين، مما أدى ويؤدي إلى المزيد من الإفقار للفئات الشعبية الكادحة من السنة والشيعة على حدٍ سواء.
وغني عن القول إننا لا نجد ما يضير في التجنيس المقنن الذي ينظمه القانون ويضع ضوابطه بحيث يشمل أعداداً محدودة سنوياً ممن قدموا خدمات جليلة لهذا الوطن من الكفاءات العربية، وأقاموا في البحرين من السنوات ما ينص عليه القانون.
أما التجنيس المنهجي الموجه للأغراض السياسية الجاري الآن فهو أمر مختلف تماماً، وهو ما نقف ضده وننخرط في الأنشطة والفعاليات المناهضة له، ونطالب بإيقافه حرصاً على مصالح الوطن والعليا وضماناً لمستقبله.
خاص بالتقدمي