المنشور

قانون العمل و” فيتو الشورى”


 
أنهت مؤخراً لجنة الخدمات بمجلس النواب تقريرها النهائي بشأن مشروع قانون العمل الأهلي، وهذا المشروع من أهم المشاريع وأخطرها التي سيناقشها مجلس النواب في هذا الدور التشريعي. ليس في البحرين من لا يهمه هذا القانون، فهو الذي سينظم علاقة العامل والموظف بمؤسسته، وهو الذي سينظم التفاصيل، والشيطان طبعاً يكمن في هذه التفاصيل، ومن أهم ما يمكن قوله هنا: إن لجنة الخدمات أعادت الاعتبار للمسوّدة الأولى التي توافق عليها ثلاثي الإنتاج، وهم: الحكومة ممثلة في وزارة العمل، وأرباب العمل ممثلين في غرفة تجارة وصناعة البحرين، والعمال ممثلين في الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، فهذه المسوّدة تم رفعها في وقت سابق إلى مجلس التنمية الاقتصادية الذي أجرى من جانبه تعديلات جوهرية عليها، وتمت بعدها إحالة المشروع إلى المجلس النيابي المنتخب.

وأثارت التعديلات التي أجراها مجلس التنمية الاقتصادية حفيظة الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، الذي بدأ نشاطاً واتصالاتٍ لإرجاع المسوّدة الأولى التي اتفق عليها مع ممثلي الحكومة، والغرفة، وفي هذا الصدد نظمت جمعية المنبر التقدمي قبل أكثر من شهر ورشة عمل مهمة في مقرها، شارك فيها ممثلون عن وزارة العمل، و”اتحاد النقابات”، وقانونيون متخصصون، وغاب عن الورشة ممثلو مجلس التنمية الاقتصادية، وقد أبدى المشاركون انتقادات شديدة للتعديلات التي أدخلها مجلس التنمية على مسوّدة المشروع، وخلصوا إلى أن تعديلات مجلس التنمية انحازت كثيراً لصالح أرباب العمل، وأهملت حقوق العمال.

“البلاد” نشرت حينها تفاصيل ورشة العمل في المنبر التقدمي على صفحة كاملة، وخصصت في اليوم التالي مساحة كبيرة للورقة التي تقدم بها المحامي المعروف حسن إسماعيل، وهو المتخصص في شرح أبعاد القوانين الجديدة، ولا ينسى جميع المتابعين ورقته الشهيرة “قراءة في قانون الجمعيات السياسية” التي حركت المياه الراكدة عام 2005 تجاه المشروع، لتبدأ بعدها تحركات معارضة للقانون، ولكن حينها كانت معظم المعارضة خارج العملية التشريعية بسبب المقاطعة، فكان تأثير الاحتجاجات ضعيفاً.

ويوم أمس نشرت “البلاد” التقرير النهائي للجنة الخدمات النيابية، الذي اتضح فيه أكثر أن “اتحاد النقابات” نجح نجاحاً كاملاً في ما يتعلق بإعادة الاعتبار للمسوّدة الأولى للمشروع التي توافق عليها ثلاثي الإنتاج، وكذلك بيّنت ان أداء المجلس النيابي الحالي اكثر مرونة وأقل تحسساً من آراء ومواقف مؤسسات المجتمع المدني، ولذا فإن مراقبين يعتقدون أن الطريق ستكون سالكة في المجلس النيابي لصالح “اتحاد النقابات”، ولكن التخوف يكمن من “فيتو” مجلس الشورى، الذي قدم سوابق في مشاريع قوانين: الاستملاك، والمتقاعدين، وتحديد وزير مسؤول عن الشركات التي تمتلك الحكومة أكثر من نصفها، لذا فإن “اتحاد النقابات” معني بالتواصل مع مجلس الشورى، الذي يحفل برجال الأعمال أي أرباب العمل.
 
جريدة ” البلاد” – الجمعة 16/1/2009