ربما أراد البعض من سكان غزة أن «يطيحوا واقفين»، مع إنه لا يمكن أن يسقط أحد واقفاً دون أن يسنده أحد «!!».. وفي غزة اليوم، كما هو في الوطن العربي بالأمس، فقد «ذاب الثلج.. وبان المرج»، فليس على المتابع للوضع أن ينتظر ليرى، ومن ينظر لا بد أن يرى؛ فثلاثة أسابيع من القتل والتدمير بآلة القتل الصهيوني، كانت تكفي لكشف المزايدين وأبطال الميكروفونات وشاشات التلفزة، وكذلك من المتاجرين بالدم الفلسطيني عن طريق الخطب الثورية التي حوّلت زلزال غزة إلى «انتصار كبير»، وكأن تسوية عشرين ألف منزل مع الأرض، وتدمير عشرين مسجداً، و16 مبنى حكوميا، ومقتل أكثر من 1315 بينهم أربعمائة طفل ومائة امرأة، وإصابة أكثر من خمسة آلاف وثلاثمائة وخمسين مصابا، حدث ذلك في تل أبيب، والأمهات الإسرائيليات وحدهن يبكين في معسكرهن «المهزوم» من وقع صواريخ «القسام وغراد، أو شهاب واحد وشهاب اثنين!!».
نعم، صمد الفلسطينيون.. صمود الأبطال الذين يستحقون رفع القبعات احتراماً، غير أنهم دفعوا مقابل هذا الصمود ثمناَ غالياً من دمائهم ومآسيهم، يضاف إليها ثلاثة مليارات لإعادة إعمار ما دمرته آلة الدمار الصهيوني بوحشية، ونحيب الأهالي هناك، وعليه هُزمت إسرائيل فقط أخلاقياً أمام تراجيديا الثبات وهذا الصمود ذو البعد الإنساني، بينما المتاجرون أرادوا أن يحوّلوا هذه التراجيديات إلى “ميلودراما” تخص شخصية تاريخية اعتبارية لفصيل فلسطيني واحد، يراد له أن يكون ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني في تغيير دراماتيكي، أو ربما بهذا الفصيل، أو المختلف معه ” قد يستقيم الظل وهو أعوج..”.
في فلسطين، كما في الوطن العربي بضع ثوار وتجار وانقسام وتشرذم، وثمة مزايدون، فهل قمة الكويت الاقتصادية الأولى بجدول أعمالها، وما بعد، بعد الكويت يمكن أن توقف نزيف جرح غزة، من الدروس فلسطينياً وعربياً، وتستثمر تراجيديا معارك الأسابيع الثلاثة للجم المحتل الصهيوني، ليدفع ولو مرة واحدة ما دمرته آلته؟؟.
الوقت 20 يناير 2009