الحكومة وافقت على مشروع قانون الأحوال الشخصية وأحالته إلى مجلس النواب لمناقشته وإقراره، وفي “بيت الشعب” كيف سيتم التوافق عليه؟ والى أي حد يأتي لمصلحة المرأة وتنظيم الأسرة والاستقرار الأسري والاجتماعي؟ هذا هو مربط الفرس.
المرأة من دون هذا الحق يعني معاناتها في أروقة المحاكم ستطول ويعني أيضا المزيد من المشكلات الأسرية والمزيد من الظلم الواقع عليها.
المنظمات النسائية والحقوقية والقوى الديمقراطية والتقدمية نصيرة حقوق الإنسان أعربت عن ارتياحها وتأييدها للخطوة الحضارية التي أقدمت عليها البحرين، ونعتقد أن هذه الخطوة لن تبلغ مداها إلا بمبادرات نيابية مسؤولة لا تخضع لاجتهادات متعصبة وتفسيرات جامدة تضيف القيود تلو الأخرى على هذا الحق وهذا القانون الذي تطمح المرأة والرجل الحريص على حقوقها وإنصافها أن يكون هذا القانون عصرياً موحداً.
المرأة البحرينية طيلة عقود من الزمان ناضلت – ولا تزال – من اجل حقوقها كاملة في المساواة والعدالة واليوم وبعد ان وافقت البحرين على الاتفاقية الدولية لإلغاء أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو” أحرزت انتصاراً جديداً بعد الانتصار الذي حققته على صعيد الحياة السياسية.
تجربتنا مع الكتل النيابية الإسلامية موالاة كانت أم معارضة تبرز لنا التطرف والتشدد ضد هذا القانون ولكننا نتذكر التجييش والمظاهرات النسائية الحاشدة التي كانت ومن دون وعي وقفت ضد مصالح المرأة بحجة الضمانة الدستورية التي تضمن عدم تغيير القانون مستقبلا إلا من خلال علماء الدين والأمر لا يختلف بالنسبة للكتلة السلفية التي تعتقد أن انسب الحلول هي رفض تقنين الأحوال الشخصية.
هذا يدفعنا إلى الاعتقاد انه رغم الاعتراف الحكومي بقانون الأحوال فان المخاوف لا تزال قائمة من تقليص حقوق المرأة الشرعية وبالتالي وعلى ضوء هذه الرؤية التي تتجه صوب إقصاء المرأة فان طموحات المرأة في أن يقر هذا القانون وفق الأوضاع العصرية الراهنة تستوجب ممارسة نيابية لا تعود لا للعصور السالفة ولا للمرجعيات المتزمتة، وبعبارة أخرى طموحات وآمال المرأة البحرينية أن يكون هذا القانون موحداً بين المذهبين الكريمين وان لا يكون فيه مساحة للاجتهادات بما يخفض من تطبيق العدالة ويبتخس حق المرأة.
لا شك إن موقف النائبة “لطيفة القعود” أثلج الصدور وخاصة عندما أكدت على أهمية هذا القانون وعلى أهمية الموقف الداعم له بقولها “البلد بحاجة إلى هذا القانون ولا اعتقد أن القانون يختلف عن الشرع بشيء وأنا شخصياً سأدفع في هذا الاتجاه ونأمل أن نرتقي إلى مرتبة بعض الدول التي سبقتنا في هذا المجال ولماذا لا نكون نحن السباقين..”.
خلاصة الأمر حقوق المرأة ليست قابلة للتجزئة ولا للمساومات والمراهنات انها مسألة حق ومساواة وعدالة.. مسألة استقرار عائلي واسري ومجتمعي.
ولا شك فإذا ما أردنا أن نحسن الأداء الوطني وندعم الخيار الديمقراطي وندفع عجلة التنمية إلى الأمام فلا بد من إنصاف المرأة في هذا المجال والمجالات الأخرى وهذا بالطبع يحتاج إلى مناخ صحي تشريعي وتوافق مجتمعي ومساندة من المرأة ذاتها والقوى الديمقراطية والجهات الحقوقية والقانونية وسائر منظمات المجتمع المدني الفاعلة.
الأيام 27 ديسمبر2008