لا يعرفان الضجيج والصخب والبروز، وكانا يعملان بهدوء مثلما كانا عملهما الوطني في النشاطات الحزبية والعمالية والشبابية، يتصف بالعمل الجاد والإخلاص والتفاني، لتلك المبادئ والأهداف الإنسانية والوطنية ، التي نذرا نفسيهما لها، رحلا عنا سريعاً وإذا بالقدر حدد موعد الرحيل، فكان الأول في يوم الأربعاء الموافق 27/8/2008، شيع ودفن في مقبرة النعيم بالمنامة والثاني في يوم الاثنين الموافق 1/9/2008، شيع ودفن في مقبرة الحنينية بالرفاع، بكلمات فقدنا رفيقين عزيزين في أقل من أسبوع، رفيقين عملا بصمت وماتا بصمت وهدوء، أنهما الرفيقان جمال عمران وأحمد الفاتح، رحلا ولم يتحقق حلمنا وحلمهما في وطن حر وشعب سعيد، وطن تسود فيه المساواة والعدالة الاجتماعية ، وطن لا يكون فيه أبنائه غرباء، وطن تحترم فيه حقوق الإنسان والجميع سواسية أمام القانون.
الرفيق جمال عمران : ناصر” أبو خلود ” عرفته في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي في دمشق، كان شعلة من النشاط والعمل ، كان عاشق معشوقته جتوب، جبهة التحرير الوطني البحرانية، وقبلها كان عضواً في اتحاد الشباب الديمقراطي البحراني، ” أشدب ” لهذا كان اهتمامه بالشبيبة ، الرفيق ناصر مثلما رحل بهدوء ، كان يتحدث بهدوء.
في عام 1992، أراد العودة إلى الوطن، فرُحـﱢـل من قبل جهاز المخابرات إلى خارجه ، وكانت دولة الإمارات المحطة الأخيرة له في المنافي ، قبل أن يعود عام 2000، مستفيدا من قرار العفو الذي صدر آنذاك عن الملك حمـد، والذي سمح للعديد من الذين اضطرتهم ظروفهم الخروج من الوطن بالعودة . ومثلما عاش ظروفاً وأوضاعاً قاسية صعبة في سنواته الأخيرة في الإمارات ، حدث له ذلك في البحرين بعد العودة ، وإذا به يعيش مثل الغريب في الوطن، رفاقه قدموا مساعدات مالية وحصلوا له على عمل في أحدى المؤسسات الخاصة ، حسب الإمكانيات المتوفرة لهم، لكن ظروفه كانت أصعب من ذلك، وهو الذي تعود على النشاط الحزبي في دمشق، فالوضع كان هنا مختلفاً ، والآمال والتطلعات كمواطن عاش سنوات تجربة لحوالي عشرين عاماً في المنفى، ولم يتحقق شيء من حلمه ، غير العودة إلى ارض هذا الوطن، وأن يدفن في ترابها بعد معاناة مع المرض الذي ابتلى به، تبخرت الوعود التي أطلقتها الدولة في بداية طرح مشروعها الإصلاحي بتوفير حياة هنيئة وكريمة للمئات من العائدين من المنافي البعيدة، وأصبح العديد منهم غرباء في الوطن.
الرفيق احمد الفاتح ، ” أبو صمود ” ابن الحركة العمالية والنقابية تعرفت عليه من خلال عضويته في اللجنة الإعلامية التي ترأستها بعد انتخابات المؤتمر العام الأول للمنبر الديمقراطي التقدمي في ديسمبر 2002، كان هادئاً وصاحب رأي سديد ، لا يتحدث كثيراً ولكنه كان يؤدي واجبه الوطني والحزبي بهدوء، وفي اللجنة الإعلامية أنيطت به مسئولية تحويل أشرطة الكاميرا المسجلة في الندوات والفعاليات التي يقيمها المنبر إلى أشرطة فيديو ، فكان ينجزها بلا كلل، كما كان حريصاً على استمرارية صدور النشرة ودعمها مالياً “أخبار المنبر” في البدء و” التقدمي ” فيما بعد، من خلال التبرع الشهري للنشرة وبانتظام.
من الرفاق الذين واصلوا توزيع النشرة منذ بداية إصدارها في مواقع عملهم، وبكميات جيدة، وكان يحرص على تأدية هذا العمل الوطني والحزبي، وحتى في ظروف وعكته الصحية التي تعرض لها قبل وفاته ، كانت تصله كميات من الأعداد المحددة له من النشرة من خلال أحد الرفاق ، الرفيق أبو صمود وبما يتمتع به من صفات إنسانية راقية ، كان يرى بأن قوتنا بوحدتنا كان يشعر بالسعادة في وحدة الرفاق وينبذ خلافاتهم.
رحلا الرفيقان جمال وأحمد ، وبقيت مآثرهما ومناقبهما الإنسانية في قلوب ذويهما ورفاقهما ومحبيهما، المجد والخلود لذكراهم العطرة.
خاص بالتقدمي