جاء العدد الجديد من مجلة “الدراسات الاستراتيجية”، شتاء 2008، وهو “عدد خاص” زاخرا وثريا في موضوعاته وأبحاثه المتميزة المتواكبة مع أهم قضايا الساحة الدولية والاستراتيجية العالمية، التي تشغل بال الرأي العالمي، والنخبة السياسية والبحثية العربية على وجه الخصوص، فضلا عن النخبة السياسية والبحثية الخليجية العربية على وجه أخص.
فقد اشتمل هذا العدد الخاص المتميز على ملفين مهمين ما انفكا يشغلان العالم بوجه عام، والعالم العربي بوجه خاص، الأول حول الأزمة المالية العالمية التي بلغت أوجها خلال الشهور القليلة الماضية لتنفجر في أقوى دولة عظمى رأسمالية في العالم، ألا هي الولايات المتحدة، وليضرب زلزالها بعدئذ مختلف بقاع العالم، ومازالت تداعيات وآثار هذا الزلزال العالمي تتوالى وتتسع وتتفاقم شيئا فشيئا، أما الملف الثاني فقد تناول موضوعا حساسا مهما ألا هو قضايا حقوق الإنسان في العالم وهو أكثر الموضوعات التي ما برحت تطرح على مختلف المنتديات والمحافل الدولية، ناهيك عن الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية المحلية الداخلية والإقليمية والدولية.
وبهذا يمكن القول إن هذا العدد الجديد من مجلة “الدراسات الاستراتيجية” وفق أيما توفيق باختياره هذين المحورين الملفين المهمين، ويستحق بالفعل أن يحمل على غلافه نعت “عدد خاص” لتميزه ونجاحه في اختيار هذين المحورين وما شمله كل منهما من دراسات وموضوعات قيمة وثرية في مضامين تحليلاتها الفكرية والسياسية.
العدد الجديد استهله الدكتور محمد بن جاسم الغتم رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث، رئيس تحرير المجلة بكلمة العدد وإلقاء نظرة عابرة على مدلولات وأسباب اختيار موضوعاته. وقد شارك في محور الأزمة المالية العالمية كل من الأمير الحسن طلال بموضوع تحت عنوان “الأزمة المالية والشرق الأوسط، فرصة للتعاون الإقليمي”، والدكتور عبدالله الصادق بموضوع “الأزمة المالية الأمريكية 2008،. رؤية تاريخية”، وعلي عبدالله المناعي “الأزمة المالية العالمية وتداعياتها على دول مجلس التعاون”، ومحمد نعمان جلال “مدى تأثير الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد والصين”، وهاشم الباش “ملاحظات أولية عن أسباب الأزمة المالية”.
أما محور حقوق الإنسان فقد شارك فيه كل من بطرس غالي “رؤية مستقبلية لحقوق الإنسان”، وأحمد إبراهيم سليمان “ضرورة تكاتف الجهود الدولية في ضوء تفاقم خطر الإرهاب المنظم”، ومحمد أمين الميداني “الوقاية كآلية جديدة لحماية حقوق الإنسان”، وإبراهيم علي بدوي الشيخ “عملية الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان”، وأخيرا رجا مطر “المسيحيون العرب عرب”.
وبالإضافة إلى موضوعات محوري العدد المتميزة فقد اشتمل العدد بالطبع على أبوابه الثابتة، ففي باب الدراسات والبحوث شارك يوسف عبداللطيف البستكي بدراسة تحت عنوان “تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتنمية المستدامة في البحرين”، وفي باب التحليلات السياسية شارك فيه كل من محمد نعمان جلال “أحداث جورجيا وآثارها على العلاقات الدولية والشرق الأوسط ومنطقة الخليج العربي”، وحسام الدين جابر سالم “الانتخابات الأمريكية والشرق الأوسط”، وشريف شعبان مبروك “نحو ترسيخ العلاقات الخليجية – التركية”، ورضي السماك “حرب القوقاز: النتائج والأبعاد الإقليمية والدولية”، هذا إلى جانب الباب التقليدي الثابت “عروض الكتب”، والباب التقليدي الثابت “الوثائق والمستندات”.
وبقدر ما كان هذا العدد الجديد “الخاص” من مجلة الدراسات الاستراتيجية متألقا ومتميزا في موضوعاته فقد تمكن أيضا من تقليل الأخطاء الفنية والمطبعية إلى أقل قدر ممكن، وإن كان هذا العدد لم يخل من شذرات من تلك الأخطاء، منها على سبيل المثال لا الحصر إطلاق تصنيف الفصل المناخي لتوقيت العدد بـ “شتاء 2008” لكن شتاء 2008 كما نعلم قد انقضى منذ تسعة أشهر، وعدم استكمال العنوان الكامل لدراسة محمد نعمان جلال في باب التحليلات السياسية بفهرس المجلة، والخطأ المطبعي في كتابة لقب يوسف عبداللطيف البستكي في ذات الفهرست.
بيد أن هذه الأخطاء الفنية مجرد أخطاء مطبعية وشكلية فنية صغيرة لا تحجب بتاتا تميز العدد وتألقه وخصوصيته، والذي يمكننا القول إنه من أكثر أعداد مجلة “الدراسات الاستراتيجية” تميزا وثراء وتطورا منذ صدورها حتى الآن وهي تكمل عامها الخامس، إن لم يكن أكثرها على الإطلاق.
صحيفة اخبار الخليج
25 ديسمبر 2008