وسط حضورٍ حاشد لقادة وممثلي الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وشخصيات من مختلف الأطياف السياسية، الليبرالية والإسلامية وسواها، والإعلاميين والإعلاميات، والقيادات التاريخية لجبهة التحرير الوطني، إضافة إلى أعضاء وأصدقاء المنبر التقدمي، أقام المنبر حفل استقبال بمناسبة افتتاح مقره الدائم في مدينة عيسى. أظهر الحضور الواسع والمتنوع في ذلك المساء البهيج ما يحظى به »التقدمي« ودوره السياسي والفكري في المجتمع من تقدير نابع، كذلك من التاريخ المشرف المفعم بالتضحيات الجليلة لأجيال من المناضلين والمناضلات الذين انضووا في صفوف جبهة التحرير الوطني التي يشكل »التقدمي« اليوم امتدادها التنظيمي والفكري والسياسي. من الخلية الأولى التي أسست جبهة التحرير قبل أكثر من خمسين عاما انبثقت خلايا عمت الوطن كله من أقصاه إلى أقصاه بالمعنى الحرفي للكلمة، وليس المعنى المجازي، فالتيار الذي يمثله »التقدمي« هو تيار لكل الوطن ولكل الشعب بكل فئاته وشرائحه وطوائفه. ومن البيوت السرية والأوكار الحزبية التي كان يجتمع فيها المناضلون في عقود الجمر الطويلة، وقف أعضاء التقدمي وأنصاره وحلفائه وضيوفه مساء الأحد الماضي في صرحهم الدائم والمضيء، بعد أن أصبح الحلم الذي سعت إليه أجيال من أجل حرية العمل الحزبي وعلنيته حقيقةً، بفضل تضحيات مناضلينا ومناضلي القوى الوطنية والشعبية الأخرى وجماهير شعبنا، وبفضل المناخ الايجابي الذي تحقق في البلاد بعد التحولات السياسية التي جاءت مع المشروع الإصلاحي لجلالة الملك. امتلاك الجمعيات السياسية لمقرات دائمة تملكها هو مظهر من مظاهر تكريس العمل الحزبي العلني، و»مأسسة« عمل هذه الجمعيات، لتغدو أطراً منظمة وفق التقاليد الحزبية المعمول بها في البلدان الأخرى. استذكر التقدميون في ذلك المساء تاريخ تيارهم العريق، خاصة بحضور قامات نضالية كبيرة كان لها دور كبير في صنع هذا التاريخ، من مؤسسي جبهة التحرير وقادتها وأفراد الرعيل الأول من مناضلي الجبهة وكذلك كوادرها المتقدمة في المراحل النضالية المختلفة الذين ذاقوا مرارات السجون والمعتقلات والمنافي. كما استذكروا من قدم حياته قرباناً لقضية الوطن وقضية الفكر التقدمي الإنساني، وبشكل خاص أحمد الذوادي الأمين العام لجبهة التحرير وأول رئيس للمنبر، وكذلك أسماء: حسن نظام وعلي مدان وسعيد العويناتي والدكتور هاشم العلوي وعزيز ماشاء الله، وسواهم من المناضلين الذين فقدناهم وكان آخرهم كريم سلمان وحميد عواجي وجمال عمران وأحمد الفاتح. أي انجاز يُحققه »التقدمي« اليوم هو في وجه من وجوهه ثمرة لنضالات هؤلاء وتضحياتهم الغالية، هم وأجيال من المناضلين تعاقبت على هذا التيار المناضل الذي وجد ليبقى، والذي سيظل راسخاً في تربة البحرين الطيبة بعزيمة وإرادة وتصميم مناضليه ووحدة صفوفهم التي تحظى، دائماً، بأهمية قصوى. المنبر التقدمي هو اليوم إحدى القوى السياسية الرئيسية في البلد، المعروفة بالمبدئية وبالرصانة السياسية، وتحظى مواقفه بالتقدير من قطاعات واسعة في المجتمع، وهو يضم في صفوفه طاقات وكفاءات مشهود لها في مجالات مختلفة. كما انه يختزن خبرات وإمكانيات كامنة ما زال متعيناً عليه توظيفها بصورة خلاقة ومبدعة في خدمة عمله من أجل مواصلة بناء هياكل المنبر وتوسيع قاعدته وتعزيز حضوره السياسي في النضال من أجل الديمقراطية والإصلاح السياسي والدستوري.
صحيفة الايام
23 ديسمبر 2008