للأسف حال سفري للكويت دون حضوري احتفالية كنت سأحرص على حضورها، هي احتفالية تقديم الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان لدرعها الذي يحمل اسم المناضل أحمد الشملان للمحامي المعروف حسن رضي. والاحتفال مهم لأسباب عديدة، بينها أن الدرع يحمل اسم الشملان بالذات الذي يعتز المنبر التقدمي بكافة أعضائه وأصدقائه ومناصريه بكونه رئيساً فخرياً له، ففخر كبير لنا أن تكون هذه القامة الوطنية الشاهقة بتاريخها المشرف على رأس تنظيمنا. ونعبر، مرة أخرى، للأخوة في الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان على التفاتتهم المعبرة بتسمية درعها باسم الشملان أحد أبرز مناضلي الحركة الوطنية البحرينية خلال نصف القرن المنصرم، والذي عرف بجسارته وإقدامه وصلابته النضالية والفكرية. وليس غريباً أن تكون هناك جوائز ودروع وسواها تحمل اسم هذا المناضل الفذ والشجاع أطال الله في عمره ومده بالمزيد من الصحة، ليظل لنا مُلهماً وقائداً نقتدي من شمائله الشخصية والنضالية الشيء الكثير. وأحمد الشملان القائد السياسي والوطني، والشاعر والأديب، والكاتب الصحافي، هو أيضاً محام بارز عُرف بدفاعه الدؤوب عن قضايا حقوق الإنسان، وذاع صيته في التسعينات كأحد أبرز محامي الدفاع في قضايا الرأي، وتبني ملفات من كانوا يقدمون للمحاكمات ذات الطابع الأمني، لذا يظل مُقدراً للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان أن تطلق اسم أبرز المدافعين عن هذه الحقوق على الدرع الذي يكتسب الصدقية والرصانة. ولأنه كذلك يبدو طبيعياً أن يذهب لواحدٍ من أهم الشخصيات العامة في بلادنا وهو المحامي حسن رضي، الذي تعبر سيرته الذاتية التي نُشرت في الصحافة مؤخراً، والمعروفة لدى الناس على كل حال، عن مسيرةٍ وطنية وحقوقية ومهنية حافلة. فحسن رضي نموذج الإنسان الذي لم تحل كفاءته المشهود له بها دون تواضعه الجم ودماثة خلقه وحُسن معشره، وقربه من الناس، فاستحق ما هو أهل له من تقدير واحترام. وحسن رضي نموذج للكفاءة المهنية التي يجدر التعلم منها، والتي تعطي صورة مشرفة ليس فقط عن كفاءة عناصرنا الوطنية النظيفة وقدراتها ومهاراتها، وإنما تقدم سمعة طيبة للبحرين التي تزخر بالكثير من الطاقات التي لا تنال في الكثير من الحالات التقدير. والى جانب مكانته المهنية كمحامي ناجح، هناك دوره النقابي الذي بدأه شاباً يوم كان عضواً في اللجنة التأسيسية للاتحاد العام للعمال والمستخدمين وأصحاب المهن الحرة في سبعينات القرن الماضي، ثم واصله من خلال جمعية المحامين التي حرص وزملاؤه من المحامين الشرفاء، وبينهم بالمناسبة أحمد الشملان نفسه، على استقلاليتها وعلى أن تكون صوتاً للحق والعدالة في سنوات الجمر يوم كانت القيود على الحريات أكثر من أن تحصى. وكان من المساهمين في تكريس السمعة المهنية المستقلة والرصينة للمحامين البحرينيين، مما جعل منه اسماً معروفاً في الحركة الحقوقية لا على المستوى العربي فحسب، وإنما على المستوى الدولي أيضاً. وظلّ حسن رضي حتى اليوم داعية من دعاة الإصلاح السياسي والدستوري في البلاد، ومن أجل تحقيق الشراكة السليمة بين الدولة والمجتمع، وجسد ذلك بمشاركاته في العديد من الفعاليات الموجهة نحو هذا الهدف النبيل. لعلي وجدت هذه مناسبة لتوجيه تحية لرجلين، لكل منهما دوره في موقعه، نكن لهما التقدير والمحبة.
صحيفة الايام
21 ديسمبر 2008