أقام المنبر الديمقراطي التقدمي حلقة حوارية حول مشروع قانون العمل الجديد المقدم للمجلس النيابي. وشارك في الورشة الحوارية التي أقيمت بمقر المنبر الديمقراطي التقدمي بمدينة عيسى صباح اليوم السبت الموافق الثالث عشر من ديسمبر 2008،عدد من المؤسسات الرسمية والأهلية وعدد من الجمعيات السياسية بالإضافة إلى رؤية المنبر الديمقراطي التقدمي التي قدمها المحامي حسن إسماعيل بعنوان قراءة نقدية في قانون العمل
التقدمي يطرح رؤيته النقدية
لمشروع قانون العمل
أعداد اللجنتين العمالية والقانونية
في المنبر الديمقراطي التقدمي
مقدمة في الحلقة الحوارية
حول مشروع قانون العمل
13 ديسمبر 2008- مدنية عيسى
المقدمة :
تكتسب حقوق العمال أهمية بالغة على المستويين الدولي والوطني، ومصدر هذه الأهمية هو ما تلعبه هذه الشريحة الواسعة في المجتمع، من تأثير في الحياة الاجتماعية والاقتصادية باعتبارها ركيزة من ركائز التنمية والبناء في المجتمع.
ويعتبر قانون العمل من أهم القوانين الاجتماعية التي تنظم علاقات المجتمع وتمس حياة المواطنين ، و له انعكاساته الاجتماعية والاقتصادية على حياة الناس ، وهو من القوانين التي تعطي مؤشرات على الحكم الجيد من عدمه .
ولقد كان للثورات المتعاقبة التي مر بها النشاط اًلإنساني عبر التاريخ أثرها المهم في تنظيم علاقات العمل ، وكان أبرزها الثورة الاشتراكية ونظريتها التي قدمت جهود فكرية وعملية وتطبيقات منها ما حقق النجاح ومنها ما أصابه الفشل دون أن يلغي دور وأثر هذه النظرية الإنسانية على حياة الطبقة العاملة .
وفي ظل التوازن الذي ساد فترات الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي بين المعسكر الاشتراكي صدر الإعلان العالي لحقوق الإنسان عام 1948، وأعقبه اتفاقيتان تؤكدان على حقوق الإنسان بشكل تفصيلي وهما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966م، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية1966م .وتلعب منظمة العمل الدولية دوراً هاماً في مجال حماية الحقوق والحريات النقابية وحقوق العمال بشكل عام، ففي الدورة السادسة والثمانون لمؤتمر العمل الدولي الذي عقد في جنيف 18 يونيو 1998م اعتمد إعلان منظمة العمل الدولية بشأن المبادئ والحقوق الأساسية في العمل أبرزها الحرية النقابية والإقرار الفعلي بحق المفاوضة.القضاء على جميع أشكال العمل الجبري أو الإلزامي و عمل الأطفال.والقضاء على التمييز في الاستخدام والمهنة .
وكان لنضال الطبقة العاملة البحرينية دورها البارز في تقنيين علاقات العمل على المستوى الوطني ، فصدر اول قانون للعمل قي 1957 ، ثم قانون العمل المعمول به الصادر بموجب المرسوم بقانون رقم 23 لسنة 1976 .
ونظرا لما تشهده البحرين من تطورات سياسية اجتماعية واقتصادية ، ونتيجة لانضمام البحرين لعدد من اتفاقيات العمل العربية والدولية بشأن علاقات العمل كان آخرها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي انضمت إليه مملكة البحرين 16 يوليو 2007 وأصبح ساري المفعول من يوم الجمعة 20 يوليو 2007 وهو اليوم التالي لتاريخ نشره بموجب قانون في الجريدة الرسمية ، فأنه أصبح من الضروري صدور قانون جديد يتلاءم مع هذه المواثيق والاتفاقيات ، ويتماشى مع الاتجاهات الاقتصادية الجديدة ، ويتلافى سلبيات قانون العمل المعمول به .
ويعرض الآن مشروع قانون العمل الجديد على المجلسين لمناقشته وإقراره ، وقد أعدت مسودته لجنة ثلاثية مكونة من وزارة العمل ، وغرفة تجارة وصناعة البحرين ، والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين ، غير أن مجلس التنمية الاقتصادية عدل وحذف من هذه المسودة أحكام مهمة سنشير إليها في معرض قراءتنا للقانون .
وقد حدد البرنامج السياسي للمنبر الديمقراطي التقدمي من بين مهام واجبات الحركة النقابية ( العمل على إصدار قانون عمل جديد يتناسب والظروف الجديدة ).
ومن هذا المنطلق تشكلت لجنة مشتركة من اللجنتين القانونية والعمالية في المنبر التقدمي لدراسة مشروع القانون الجديد لتقدميها للحركة العمالية وإلى المجلسين الشورى والنواب، وتتركز ملاحظات اللجنة المشتركة على ما يلي:
1- مشروع القانون يتجاهل النص
على نظام الحد الأدنى للأجور
الأجر ركن أساسي في عقد العمل ، لا يقوم بغير توافره ، فهو محل الالتزام الرئيس لصاحب العمل ، وهو في نفس الوقت سبب التزامات العامل ، ومن هنا تأتي أهميته البالغة في عقد العمل ، إذ إنه من مستلزمات وجوده ، فيغيره لا يقوم عقد العمل أصلا ، ويقصد به كل ما يحق للعامل أن يتقاضاه من صاحب العمل في مقابل عمله الذي التزم به بمقتضى العقد . وهو يشمل الأجر الأساسي مضافا إليه كل ما يتقاضاه عادة من علاوات ومكافآت أو عمولة وغيرها مما يعد من عناصر الأجر .
وينتاب مشروع قانون العمل الجديد في شأن الأجور المنصوص عليها في الباب السادس عيوب عدة أبرزها عدم النص بأي مفردة كانت للحد الأدنى للأجور ، بل حذف من القانون المعمول به ما كان قد نص عليه في المادة 77 على أن (يكون تحديد الحد الأدنى للأجور بقرار من مجلس الوزراء وبناء على عرض وزير العمل والشئون الاجتماعية )
و قد كانت مسودة القانون الجديد المتوافق عليها من قبل اللجنة الثلاثية المكونة من وزارة العمل ، وغرفة تجارة وصناعة البحرين ، والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين ، قد نص في شان الحد الأدنى للأجور على مادتين هما:
المادة 50 ( يجب أن ألا يقل ما يحصل عليه العامل عن الحد الأدنى للأجور إذا تم الاتفاق على تحديد أجره بالإنتاج أو بالقطعة أو بالعمولة ) .
والمادة 62 ( يشكل مجلس للأجور برئاسة الوزير المختص ، يختص بوضع حد أدنى للأجور على المستوى الوطني مع الأخذ بالاعتبار نفقات المعيشة على نحو يحقق التوازن بين الأجور والأسعار ، ويصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بتشكيل المجلس على أن يضم في عضويته أطراف الإنتاج الثلاثة )
غير أن مجلس التنمية الاقتصادية حين أحيلت إليه مسودة القانون قرر حذف هاتين المادتين ، فجاء مشروع القانون المعروض الآن على مجلس النواب دون ألنص على نظام الحد أدنى للأجور ، ولم ينص على آلية لتحديد ذلك ، كما هو الحال في كثير من الدول ، ويأتي قانون العمل القائم في هذا الشأن متقدما بنص المادة 77 المشار إليها سلفاً .
والحق أن الحاجة تقتضي النص على أن يكون هناك آلية لتحديد الحد الأدنى للأجور خاصة أمام الارتفاع الرهيب في أسعار الحاجيات الضرورية وقد أولى البرنامج السياسي للمنبر التقدمي اهتماماً بالغاً بهذه المسالة واقتبس منه ( إن الأجور المتدنية في بلادنا هي نتيجة لتشوه البنية الاقتصادية وسوق العمل وللتوزيع وإعادة التوزيع غير العادل للدخل الوطني وهي في نفس الوقت سبب أساسي من أسباب تدني الإنتاجية وتراجع الاقتصاد وانتشار الفقر ومظاهر التخلف في المجتمع ، وإنه لما كان إصلاح الأجور يشكل حجر زاوية لأي إصلاح اقتصادي فإن المنبر يرى أن من الضروري الأخذ بنظام الحد الأدنى للأجور المطلق والمتحرك الذي يوحد سوق العمل ويحول دون غلبة العمالة الأجنبية فيه ، ويحمي الكادحين من الوقوع تحت خط الفقر …… ) .
كما نص البرنامج السياسي للمنبر الديمقراطي التقدمي على الصعيد العمالي والنقابي على ضرورة ( العمل من أجل تحسين إنتاجية العمل عن طريق تحديد حد أدنى للأجور يضمن العيش الكريم ويتناسب مع متطلبات الحياة وغلاء المعيشة ومتابعة مستوى الأجور وأوضاع العاملين والشغيلة بشكل دوري ومنتظم ) .
ويقترح المنبر التقدمي أن ينص مشروع القانون الجديد على :
أ- تشكيل لجنة وطنية مكونه من أطراف العمل الثلاثة (وزارة العمل,غرفة التجارة, المنظمات النقابية) بالإضافة إلى ممثلين عن كبرى الشركات ونخبه من مؤسسات المجتمع المدني, وتختص هذه اللجنة بدراسة وتقييم الأجور واستعراض أسعار السوق وتكاليف المعيشة, لوضع الحد الأدنى للأجور وإقراره, وتعقد هذه اللجنة اجتماعاتها بشكل دوري كل ثلاث سنوات وتكُون قراراتها بخصوص الحد الأدنى للأجور مُلزمه لكافة أصحاب العمل بالقطاع الخاص.
ب – يُعتبر الحد الأدنى للأجور وفقاً لهذا القانون محدداً بواقع ما تراه اللجنة الوطنية الحد الأدنى للأجر و متماشياً مع ظروف المعيشة ومستوى الأسعار ولابد من الإشارة قانوناً بإلزام أرباب العمل به والخروج عليه يعتبر مخالفة.
2- المادة 107
سلطة واسعة لرب العمل
في إنهاء العقد بسبب إغلاق المنشأة
أجاز مشروع القانون في المادة 107 لصاحب العمل إنهاء عقد العمل بسبب إغلاق المنشأة كليا أو جزئيا أو تقليص حجم نشاطها ، أو استبدال نظام إنتاج بأخر بما يمس حجم العمالة ، وذلك بعد إخطار الوزارة بذلك قبل ثلاثين يوما من تاريخ إخطار العامل بالإنهاء ، ويستحق العامل في هذه الحالة مكافأة تعادل نصف التعويض الذي يستحقه في حالة الفصل التعسفي المنصوص عليه في المادة 108 .
وهي مادة مستحدثة في مشروع القانون المعروض على البرلمان ، وقد جاءت دون النص على الضوابط التي يجوز فيها لصاحب العمل إغلاق منشأته ، علما بأن المسودة الثلاثية أجازت لصاحب العمل إغلاق منشأته لضرورات اقتصادية بضوابط عدة نص عليه الفصل الخامس من الباب الخامس عشر أبرزها :
حظر وقف العمل بالمنشأة كليا أو جزئيا أو تغيير حجم المنشأة أو نشاطها دون الحصول على موافقة اللجنة التي يتم تشكيها بقرار من رئيس مجلس الوزراء لهذا الغرض .
لا يجوز لصاحب العمل التقدم لهذه اللجنة بطلب وقف العمل بالمنشأة كليا أو جزئيا أو تغيير حجم المنشأة أو نشاطها إذا كان النزاع معروضا على مجلس تسوية المنازعات الجماعية أو هيئة التحكيم .
يجب على صاحب العمل إخطار المنظمة النقابية المعنية بقرار اللجنة بالموافقة على إغلاق المنشأة كليا أو جزئيا أو تغيير حجم المنشأة أو نشاطها وذلك للتشاور قبل الاستغناء عن العمال .
وغيرها من الضوابط الأخرى التي نص عليها هذا الفصل من المسودة الثلاثية .
كما تجدر الملاحظة على هذا النص انه لم يفرق ما بين الإغلاق المؤقت والإغلاق النهائي في الأثر الذي يترب عليهما ، فالإغلاق المؤقت من المفترض أن لا يجيز لصاحب العمل إنهاء العقد بل يوقف تنفيذه خلال فترة هذا الإغلاق ثم يستأنف سريانه بعد زواله .كذلك فأن النص لم يفرق في حالة الإغلاق النهائي ما إذا كان الإغلاق بسبب أجنبي لا يد لصاحب العمل فيه أو كان بسبب يرجع لصاحب العمل ، ففي الحالة الأولى مثل صدور قانون يحظر نشاط المنشأة ، أو هلاكها بسبب حريق ففي هذه الحالة يحق لصاحب العمل إنهاء العقد بل ينفسخ بقوة القانون سواء كان العقد محدد أو غير محدد المدة ويعفى صاحب العمل من المسئولية ، أما إذا كان الإغلاق النهائي بسبب يرجع لصاحب العمل فأن عقد العمل لا ينتهي ولا ينفسخ بقوة القانون وتظل الالتزامات الناشئة عنه قائمة وعدم الوفاء بها من قبل صاحب العمل يعد بمثابة إنهاء للعقد بإرادته المنفردة يلزمه تعويض العامل عن المدة المتبقية من العقد إذا كان العقد محدد المدة ، وعن مدة الإخطار والتعويض عن التعسف في الإنهاء إن وجد .
( أنظر في ذلك الإنهاء غير الجائز لعقد العمل في ضوء قانون العمل الأهلي البحريني للدكتور عبدالحميد عثمان محمد – البحث المنشور في مجلة الحقوق الصادرة من كلية الحقوق بجامعة البحرين المجلد الثالث العدد الثاني يوليو 2006 ص 79 و80 ) .
ويمكن نطرح السؤال التالي للمناقشة هل من الممكن في حالة إغلاق المنشأة أن يتضمن النص إلزام صاحب العمل بصرف الأجور للعمال لحين حصولهم على عمل آخر ، وان الدولة مسئوله عن توفير الإعمال المماثلة للعمال الذين يفقدون أعمالهم جراء إغلاق المؤسسات التي يعملون فيها .
3- المادة (106 )
فصل العامل لعدم الكفاءة
حكم يتجاوز العدالة
تجيز المادة 106 من مشروع قانون العمل وهي مادة مستحدثة ، أستحدثها مجلس التنمية الاقتصادية ولم تكن موجودة في المسودة الثلاثية ، تجيز لصاحب العمل فصل العامل بسبب عدم كفاءته أو نقصها ، وهو يعني أن يبقى العامل لفترة غير محددة حتى التجربة لقياس كفاءته مهدد بالفصل لهذا السبب وهو ما يتعارض مع نص المادة 21 من المشروع والتي تجيز تعيين العامل تحت شرط التجربة مدة ثلاثة أشهر كحد أقصى ، بغرض معرفة مدى كفاءة العامل ، إن حكم هذه المادة يتجاوز حدود الإنصاف والعدالة ، ويفتح الباب على مصراعيه لصاحب العمل لفصل العامل في أي وقت بحجة عدم الكفاءة أو نقصها .
4- المادة ( 103 )
تنال من حماية العامل
الطرف الضعيف في العلاقة
تلزم المادة 103 العامل أن يخطر صاحب العمل بإنهاء عقد العمل في حالتي إخلال صاحب العمل بالتزامات الجوهرية المنصوص عليها في القانون أو في العقد أو في حالة تدليس صاحب العمل أو يمثله على العامل ، في حين لا توجب المادة 104 صاحب العمل في أن يخطر العامل بإنهاء العقد في مثل هذه الحالتين . وهو ما يخل بمبدأ حماية العامل باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة ، ويؤكد مدى عدم التزام مشرع القانون الجديد بمبدأ العدالة والإنصاف .
5- المادة (108)
تصادر سلطة القضاء
في تقدير التعويض
وضعت المادة (108) من مشروع القانون حدا أدنى لتعويض العامل في حالة فصله من العمل بدون سبب أو بسبب غير مشروع وهو ما يعادل أجر يومين عن كل شهر من الخدمة وبما لا يقل عن أجر شهر ولا يزيد على أجر اثني عشر شهراً إذا كان العقد غير محدد المدة ، أو بما يعادل أجر المدة الباقية من العقد إذا كان العقد محدد المدة .
حكم هذا المادة غير سائغ لامقبول ويصادر سلطة القاضي في تقدير التعويض ، ذلك أن تقدير التعويض يقدر بقدر الضرر بنوعية المادي والمعنوي وهو يختلف من حالة إلى أخرى ومن عامل إلى آخر ، فالتعويض الذي يستحقه العامل مثلا المتزوج العائل لأسرته يختلف عن التعويض الذي يستحقه غير المتزوج ، ومن ثم فإنه الخطأ تحديد لمقدار التعويض دون أن تكون للقاضي سلطة تقديرية في بيان عناصر الضرر التي تحدد مقدار التعويض . علما بأن القانون المعول به قد أوضح صراحة في المادتين 108 و109 بأن ترك للقاضي السلطة التقديرية في تقدير التعويض .
6- إلغاء منح الأفضلية
في التوظيف للعامل الوطني
كانت مسودة الثلاثية قد أفردت بابا تحت عنوان ( تنظيم تشغيل العمال الوطنيين ) أشتمل على تسع مواد تؤكد على أفضلية تشغيل المواطن وإلزام صاحب العمل بتقديم بيانات عن الوظائف الشاغرة لدية وعدم الاستغناء عن العامل المواطن في حالات الضرورة إلا بعد الاستغناء عن غير المواطن .
غير أن مجلس التنمية الاقتصادية قد حذف هذا الباب من المسودة وأبقى على مادة واحدة فقط منه هي ( لكل مواطن قادر العمل راغب فيه أن يتقدم بطلب قيد اسمه لدى الوزارة أو أي من المراكز التابعة لها …. الخ ) . ومجلس التمنية لم يبين الأسباب التي دعته إلى إلغاء هذا الباب المهم من مسودة القانون الجديد ، وهو بذلك يفتح المجال لرب العمل لتوظيف الأجنبي على حساب المواطن ويستغنى عنه قبل غيره ، علما بأن المادة 13 من قانون العمل المعمول به نصت على منح الأفضلية في التوظيف للعامل الوطني ، وعند الاستغناء سيتغنى عن غير العربي أولاً ثم العربي ثانيا ثم المواطن .
غير أن سؤالاًً يفرض نفسه بهذا الصدد وهو مطروح للنقاش ألا يعد حكم هذا النص تمييزا غير إيجابي في التوظيف وفي الاستغناء ؟
7- المادة 52
تجيز تشغيل العامل ساعات إضافية
دون حد أقصى
على خلاف ما هو معمول به في القانون الحالي الذي نص في المادة ( 79 ) على وضع حد نهائي معلوم لا يجاوز تجاوزها لساعات العمل ألإضافي وهي ستين ساعة في الأسبوع ، فأن مشروع القانون لم ينص في المادة 52 على حد أقصى لعدد ساعات العمل الإضافي ، مما يعني إلزام العامل بساعات أضافية في اليوم لا حد لها .
8- هل يجوز تكليف العامل
بعمل غير المتفق عليه في العقد ؟
يكشف واقع الحال عن تعرض الكثير من العمال للفصل من العمل بسبب اعتراضهم على أداء أعمال ليست من صلب عملهم المنصوص عليه في العقد ،وقد وضعت مسودة الثلاثية نصاً يعالج هذا الواقع بطريقة أفضل تعدل مما هو منصوص عليه في القانون المعمول به إذ حظر هذا النص المعدل تكليف العامل بعمل غير متفق عليه إلا إذا دعت الضرورة لمنع وقوع حادث أو أصلاح ما نشأ عن هذا الحادث ، أو حالة القوة القاهرة على أن يكون ذلك بصفة مؤقتة ، ولصاحب العمل أيضا أن يكلف العامل بعمل غير متفق عليه إذا كان لا يختلف اختلافا جوهريا عن عمله الأصلي بشرط عدم المساس بحقوق العامل ….
غير أن مجلس التنمية الاقتصادية لم يتبنى هذا النص وبقى على ما هو معمول به وهو( لصاحب العمل تكليف العامل بعمل غير متفق عليه إذا اقتضت مصلحة العمل وبشرط ألا يترتب عليه الإساءة للعامل أو المساس بحقوقه ) .
9- الإضراب شكل من أشكال التعبير
للدفاع عن مصالح العمال المهنية
أفردت المسودة الثلاثية أربع مواد تنظم الإضراب ، غير أن مجلس التنمية الاقتصادية اكتفى بمادة واحدة هي المادة (8) من المشروع ونصت على ( للعمال حق الإضراب للدفاع عن مصالحهم وفقا للضوابط التي يقررها القانون .ويترتب على ممارسة العامل لهذا الحق وقف عقد العمل مدة الإضراب ) .
لكنه عند البحث في مواد مشروع القانون عن الضوابط التي تنظم الإضراب لا نجدها لها وجود ، فهل تعمد مجلس التنمية الاقتصادية صياغة النص هكذا !! أم انه أغفل وضع مثل هذه الضوابط !! والحقيقية أن مسودة الثلاثية قد وضعت ضوابط للإضراب لا نتفق مع بعضها مثل عدم جواز الإضراب في المنشآت الحيوية التي يصدر في شأنها قرار من رئيس مجلس الوزراء ، في حين كان من الأفضل أن يحدد القانون مثل هذه المنشآت الحيوية .
أن ممكن الخطورة في المشروع بصيغته النهائية المعروضة على مجلس النواب- وان أقر بحق العمال في الإضراب – إلا إنه ترك تحديد ضوابطه للقانون دون أن يحددها .
والأدهى من ذلك أن مشروع القانون في المادة (104البند 10) أعطى صاحب العمل الحق في أن يفصل العامل دون إشعار أو تعويض في حالة (عدم مراعاة العامل للضوابط المقررة قانونا بشأن ممارسة حق الإضراب ) .
أن ما نخشاه هو إصدار قانون تحت مسمى ( قانون الإضراب ) وهو ما نفهمه من هذين النصين – يضع ضوابط تنال من جوهر الحق في الإضراب وتفرغه من محتواه ويضع قيودا تزيد على القيود التي وضعها مرسوم بقانون النقابات والقرار الوزاري التابع له والذي حدد الأماكن الحيوية التي لا يجوز الإضراب فيها فالفقرة (د) من المادة 21 من قانون النقابات تحظر على العمال الإضراب في الأماكن الحيوية التي حددها القرار الوزاري رقم 62 لسنة الصادر بتاريخ 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2006 بـ اثني عشر مرفقاً كالتالي: الدفاع المدني، المطارات، الموانئ، المستشفيات والمراكز الطبية والصيدليات، جميع وسائل نقل الأشخاص والبضائع، الاتصالات السلكية واللاسلكية، الكهرباء، الماء، المخابز، المؤسسات التعليمية ومنشآت قطاع النفط والغاز.
وفي إشارة ظريفة لرئيسة الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان الدكتورة سبيكة النجار في مقال لها في صحيفة الوقت تقول فيه ( لا أدري لماذا استثنى القرار قطاع جمع القمامة (أعز الله القارئ). أوليس هذا القطاع من القطاعات الحيوية بل والحيوية جداً. فعندما يضرب عمال جمع القمامة ليوم واحد فقط ستتجمع القمامة جبالاً أمام منازلنا لأننا شعوب مسرفة نرمي من الفضلات أضعاف ما نستهلك. )
وتؤكد الدكتورة النجار في مقالها المذكور على انه ( يذكر هنا أن منظمة العمل الدولية مع إقرارها بضرورة وضع ضوابط للإضراب في تلك المرافق، فإنها تدعو إلى ضرورة تطبيق المعايير الدولية التي أقرتها ومنها أن حق الإضراب في المطار مكفول فيما عدا مراقبة الحركة الجوية، وبالمثل في قسم الطوارئ بالمستشفى وليس في كل الخدمات الصحية على اختلافها. أما البريد والنفط والاتصالات فهي من المجالات التي يضمن فيها الإضراب. كما دعت المنظمة إلى ضرورة الاتفاق فيما بين أطراف الإنتاج الأساسية وهم الحكومة وأصحاب العمل وممثلو العمال لتحديد المرافق التي يمنع فيها الإضراب.. ؟ (
غير أن مشروع قانون العمل يتجاهل ما دعت اليه منظمة العمل الدولية سالف البيان ، ويبدو من صيغة نص المادة الثامنة من هذا المشروع ، أن حق الإضراب سيجرد من محتواة ومن أهميته كوسيلة ضغط للطبقة العاملة في الدفاع عن حقوقها ومصالحها حين تنفرد الحكومة وحدها في تحديد المرافق الحيوية الهامة التي يحظر فيها الإضراب ، وتحفظ البحرين على المادة 8 البند د الفقرة 1 المتعلقة بحق الإضراب من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والذي انضمت البحرين إليه مؤخراً في 16 يوليو 2007 ا ، مؤشر على ذلك ، إذ جاء تحفظها هكذا ( إن التزام مملكة البحرين بتطبيق البند (د) من الفقرة (1) من المادة (8) من هذا العهد لا يخل بحقها في حظر الإضراب في المرافق الحيوية ) .
وبالرغم من كل ذلك فإن حق الإضراب أصبح حقا معترفا به بعد أن كان من المحرمات ، وإننا على ثقة بان طبقتنا العاملة ونقاباتها كما انتزعت هذا الحق ، قادرة على صيانته وحمايته وأن لا يكون بلا محتوى بوصفه حقاً مدنياً وصيغةً من صيغ حرية التعبير للدفاع عن مصالح العمال .
11- المادة 32
هل يجوز حرمان المرأة العاملة
من إجازة الوضع ؟
للمرأة العاملة حسب نص المادة 32 من مشروع القانون إجازة وضع مدفوعة الأجر مدتها 45 يوما ، تشمل المدة التي تسبق الوضع والتي تليه ، ويجوز لها أن تحصل إجازة بدون أجر بمناسبة الوضع مدتها 15 يوما علاوة على الإجازة السابقة ، غير انه ليس لها بحسب النص الحصول على إجازة الوضع مدفوعة الأجر أكثر من أربع مرات خلال خدمتها ، فهل يجوز ذلك ؟
12- مشروع القانون و العقود المؤقتة
لم يُعرف قانون العمل البحريني المعمول به ولا مشروع القانون الجديد المعروض على المجلسين العمل المؤقت كما فعلت بعض قوانين الدول كقانون سلطنة عمان الذي عرف العمل المؤقت على انه هو( العمل الذي تقتضي طبيعة تنفيذه وإنهائه مدة محددة ) ، أو القرار الوزاري في شأن تنظيم العمل المؤقت في منشآت القطاع الخاص في دولة الإمارات على انه (العمل الذي تقتضي طبيعة تنفيذه وانجازه مدة محددة لا تزيد على ستة أشهر.) .
رغم غياب التعريف والضوابط التي تحكم العمل المؤقت في قانون العمل ،وكذلك في مشروع القانون نجد فيهما ما يشكل الأساس لوجود العقود المؤقتة التي انتشرت بشكل واسع خلال السنوات الأخيرة في البحرين ، وهي تطال المواطنين في القطاعين الخاص والحكومي ، ويتمثل هذا الأساس فيما يلي :
في تعريف عقد العمل
يعرف قانون العمل الحالي في مادته 38 عقد العمل بأنه ( عقد بين صاحب عمل وعامل ويتعهد الأخير بموجبه أن يعمل تحت إدارة صاحب عمل أو إشرافه مقابل أجر ، ويتضمن شروط العمل المتفق عليها بينهما وذلك لمدة محددة أو غير محددة أو من أجل القيام بعمل معين )
.
ويعرف مشروع القانون الجديد في المادة 1/7على انه ( اتفاق بين صاحب عمل وعامل يتعهد العامل بمقتضاه بأن يؤدي عملا معينا لصاحب العمل تحت إدارته أو إشرافه لقاء أجر ) .
في المادتين93 و94 من مشروع القانون
وعلى الرغم أن تعريف عقد العمل في مشروع القانون كما هو واضح لا يتضمن أن يكون هذا العمل محدد المدة أو غير محدد المدة إلا أن شأنه شأن القانون المعمول به وضع أحكام أساسية تتعلق بعقد العمل المحدد المدة ( وهو السند القانوني للعقود المؤقتة ) .
إذ نص في مادته 93 على انه ينتهي عقد العمل المحدد المدة بانقضاء مدته ، وإذا انتهى هذا العقد جاز تجديده باتفاق صريح بين طرفيه وذلك لمدة أو لمدد أخرى .
كما نصت المادة 94 من مشروع القانون على انه إذا ابرم عقد العمل لإنجاز عمل معين ،ينتهي هذا العقد بإنجاز هذا العمل ، ويجوز تجديده باتفاق صريح بين طرفيه وذلك لعمل أو أعمال أخرى . لكن متى يكوم عقد العمل غير محدد المدة في مشروع القانون؟
حددت المادة 95 من مشروع القانون سبع حالات يكون فيها عقد العمل غير محدد المدة نذكر منها لتعلقها بموضوع البحث :
إذا ابرم العقد دون تحديد مدته .
إذا ابرم العقد لمدة تزيد عن 5 سنوات .
إذا زادت مدة العقد الأصلية والمجددة على خمس سنوات.
إذا أستمر طرفا العقد محدد المدة في تنفيذه بعد انقضاء مدته دون اتفاق صريح على تجديده .
إذا ابرم عقد العمل لإنجاز عمل معين وأستغرق هذا الإنجاز مدة تزيد على خمس سنوات .
في المادة 106 من قانون العمل المعمول به
ولا يختلف قانون العمل المعمول به عن مشروع القانون الجديد بشأن جوهر النصوص القانونية المتعلقة بعقد العمل المحدد المدة وغير المحدد المدة ، فالمادة 106 نصت على انه ( إذا كان العقد محدد المدة انتهى من تلقاء نفسه بانقضاء مدته ، فإذا أستمر طرفاه في تنفيذه بعد انقضاء مدته دون اتفاق صريح اعتبر ذلك منهما تجديدا للعقد لمدة غير محدده وبالشروط الواردة فيه ….الخ ) .
واضح مما سبق وطبقا للقانون أن عقد العمل أما أن يكون محدد المدة أو غير محدد المدة و أن الأساس القانوني الذي يستند إليه أرباب العمل في الوقت الراهن وفي المستقبل أي في ظل مشروع القانون الجديد في إبرام العقود المؤقتة هو ما نصت علية المواد القانونية سالفة البيان .
غير أن الأسئلة التي تفرض نفسها بهذا الصدد هي إلى أي مدى يكون هذا الاستناد صحيحا ؟، كيف يمكن أن نفعل شعار معاً ضد العقود المؤقتة وهو شعار صحيح بالنظر إلى الآثار الاجتماعية والاقتصادية التي تترتب عليها والقلق والخوف الذي يصيب العامل على مستقبلة المعيشي ؟ ما هي الحلول لحماية العمال من هذه العقود المؤقتة ؟
أولا: يتعين في البداية التأكيد على أن للعقود المؤقتة دون ريب أضرار بالغة حيث لا يتمتع العامل المؤقت بكثير من الحقوق والمزايا ، ويسهل التخلص منه ، أو إعادة تشغيله باجر وشروط عمل اقل وقد عبر عنها بوضوح الرفيق فهد المضحكي في مقال له نشر في صحيفة الأيام بعنوان ( عقود العمل المؤقتة..!!
17نشر يونيو 2007 وأقتبس منه (مهما كانت الدوافع والأسباب التي تقف خلف العقود المؤقتة فلا يمكن تجاهل الأضرار الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والمادية التي تنعكس وبصورة مؤلمة على حياة العاملين والعاملات الذين يعملون مؤقتاً، وأرواحهم على »كف عفريت«؛ لان عقود العمل المحدودة المدة غالباً ما تكون قاسية الشروط لا تحميهم من جور وظلم بعض أصحاب العمل، أي لا تحميهم من الفصل والتسريح الذي يهددهم في أية لحظة، مما يجعلهم وفي الأوضاع المعيشية الصعبة والغلاء الفاحش الذي يشمل جميع متطلبات الحياة الأساسية عرضة للبطالة ولاضطرابات نفسية وتوترات تتخذ أشكالاً متعددة وهذه حقيقة علينا الاعتراف بها ) ( ماذا يفعل هؤلاء عندما يجدون أنفسهم مفصولين من وظائفهم دون حقوق ومكافآت ومزايا لها علاقة بالتقاعد لان مظلة التقاعد والتأمينات الاجتماعية لا تشملهم؟! ماذا يفعل هؤلاء وهم غير قادرين على تحقيق أحلامهم وطموحاتهم بفعل حرمانهم من القروض الشخصية من الإسكان ومن البنوك التجارية، والأسوأ من ذلك حرمانهم من الخدمات الإسكانية الأخرى؟!)
ثانيا: من خلال العمل في مهنة المحاماة والترافع أمام المحاكم العمالية لم نجد إلا فيما ندر أن مواطنا بحرينيا كان عقد عمله محدد المدة ، فمعظم عقود عمل المواطنين كانت غير محددة المدة ، وكانت عقود العمل المحددة المدة تقتصر على الأجانب رغم أن قانون العمل لا ينص على ذلك .وهو الأمر الذي يجعلنا أن نتساءل عن الدوافع والأسباب لانتشار ظاهرة العقود المؤقت في الوقت الراهن، في ظل المشروع الإصلاحي ، وقانون تنظيم سوق العمل ، والمشروع الوطني للتوظيف وقانون التأمين ضد التعطل ،وفي ظل مجلس التنمية الاقتصادية ؟؟ **
ثالثا: ينبغي الاعتراف من الناحية القانونية أن عقد العمل من العقود التي يعد الزمن عنصرا جوهريا فيها كمعيار ضروري لقياس التزامات كل طرف ، وقد ينقضي هذا العقد طبقا للأوضاع التي نص عليها القانون .سواء كان هذا العقد محدد المدة أو غير محدد.
فالعقد المحدد المدة ينتهي بانتهاء مدته ودون حاجة لإخطار ، ولا يستطع العامل هنا أن يقول بأن الإنهاء قد جاء غير مشروع ، أو تعسفي ويطالب بالتعويض ، هو ما يفسر من الناحية القانونية لجؤ أصحاب العمل في الوقت الراهن لإبرام مثل هذه العقود .
لكن يمكن للعامل أن يطلب التعويض إذا أنهى صاحب العمل عقد العمل المحدد المدة قبل نهاية المدة وبدون مبرر طبقا لنص المادة (109 ) من قانون العمل على انه (إذا كان العقد محدد المدة وأمتنع أحد الطرفين عن تنفيذ العقد قبل انتهائه بدون مبرر التزم بتعويض الطرف الأخر عما يصيبه من ضرر نتيجة لذلك ..) .
أما العقد غير المحدد المدة ، فيجوز حسب نص المادة 107 من قانون العمل لأي من طرفية إنهائه ولكن بعد أخطار الطرف الأخر كتابة قبل ثلاثين يوما بالنسبة للعمال المعينين بأجر شهري وخمسة عشر يوما بالنسبة للعمال الآخرين ، وعند عدم احترام هذه المهلة يلزم من أنهى العقد بتعويض الطرف ألآخر تعويضا مساويا لأجر العامل عن مدة المهلة أو الجزء الباقي منها .
ويجوز كما هو الحال في العقد المحدد المدة لأي من الطرفين طلب التعويض إذا كان الإنهاء بغير مبرر، فنصت المادة (108) من قانون العمل على انه (إذا كان إنهاء العقد غير محدد المدة بدون مبرر اعتبر الذي أنهاه متعسفا في استعمال حقه والتزم بتعويض الطرف الأخر عما يصيبه من ضرر نتيجة لذلك )
ويتضح من هذه المقارنة أن عقد العمل غير المحدد المدة أفضل للعامل من العقد المحدد المدة غير أن عقد العمل حتى وأن كان غير محدد المدة فليس فيه ما يضمن استمرارية العامل في العمل إذ يمكن لصاحب العمل بإرادته المنفردة أن ينهيه دون أن يهتم بالجزاء الذي سيترتب عليه بل أن صاحب العمل بصفته الطرف القوى في العلاقة في الغالب لا يهتم بمقدار التعويض الذي سيلزم به .
وهذا يعنى أن القانون لا يحمي حق العمل في العمل أو الاستمرار فيه سواء كان العقد محدد المدة أم غير محدد المدة ، وأن جوهر المشكلة ليست في العقود المؤقتة ، أن المشكلة تتمثل في البطالة ومصدرها الاختلال الذي يشهده سوق العمل في البحرين بين عدد الباحثين عن عمل وفرص العمل المتوفرة، سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص وما تشكله العمالة الأجنبية من تأثير على ذلك ،وقد حدد البرنامج السياسي للمنبر التقدمي مكامن الخلل في الحالة الاقتصادية الراهنة منها ( وجود بطالة مزمنة بمعدلات تفوق كثيراً ما يسمى بالمعدل الطبيعي للبطالة بمعايير الرأسمالية وهو 5% من إجمالي قوة العمل النشطة اقتصاديا ويقابل ذلك إغراق متعمد ومدمر للسوق المحلية بعمالة أجنبية رخيصة وغير ماهرة ) ويصف البرنامج السياسي (العمالة الأجنبية بالقنبلة الموقوتة في سوق العمل والاقتصاد الوطني حيث وصلت نسبتها إلى 62 % من إجمالي قوة العمل النشطة اقتصاديا … ) .
وقد جاء في تقرير لجنة العاطلين عن العمل ما يلي (من أهم الأسباب التي أدت إلى مشكلة البطالة في البحرين، والعزوف عن العمل في القطاع الخاص، هي مشكلة عقود العمل المؤقتة، التي تؤسس لعدم الاستقرار الوظيفي و التنقل من وظيفة إلى أخرى مما يضعف مهارات الفرد وقدرته على الإنتاج وولائه للمؤسسة التي يعمل فيها. وبما أن عقود العمل التي سيوفرها المشروع الوطني للتوظيف، هي عقود مؤقتة، فستبقى المشكلة كما هي دون حل جذري.ووفقا لمصادر في وزارة العمل فانه حتى من بين الموظفين في المشروع نفسه هناك 60شخص يعملون بعقود مؤقتة، فإذا كان العاملون في المشروع أنفسهم لا يضمنون مستقبلهم الوظيفي، فكيف سيضمن المشروع ذلك لأكثر من 20 ألف باحث عن الوظيفة؟ )
غير إنه يمكن القول بأن العقود المؤقتة كظاهرة فضلا عن إنها تؤدى إلى عدم استمرار واستقرار العامل في عمله فهي تعزز وتوسع من البطالة ، ولعل ما قامت به جمعية الشبيبة البحرينية من نشاط ميداني واستبياني حول هذه الظاهرة ستدعم رؤيتنا ، نأمل من الشبيبة أن تعرض نتائج ما تقوم به من عمل ميداني على المجتمع والباحثين .
رابعا: مما تقدم يمكن طرح السؤال المهم وهو كيف يمكن حماية حق العامل المواطن في العمل والاستمرار فيه من الناحية القانونية ؟
ننطلق دائما من أبو القوانين ، من الدستور ، الذي أعتبر العمل من المقومات الأساسية للمجتمع ، فنص في المادة 13 على أن العمل واجب على كل مواطن تقتضيه الكرامة ، وهو في ذات الوقت حق لكل مواطن ، بل له حسب نص المادة الحق في اختيار نوع العمل .
كما نص الدستور في الفقرة ب من ذات المادة على أن الدولة تكفل توفير فرص العمل للمواطنين وعدالة شروطه .
هكذا يحمى الدستور حق العمل للمواطن الاستمرار فيه ويلزم الدولة بتوفيره وبعدالة شروطه .
كما أن المواثيق الدولية بما فيها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي انضمت إليه البحرين في 16 يوليو 2007 ولم تتحفظ عليه سوى في المادة 8 المتعلقة بالإضراب فنص التحفظ على ( حق مملكة البحرين في حظر الإضراب في المرافق الحيوية الهامة ) .
ومهما يكن فان هذه المواثيق قد نصت على حق العمل وضرورة اتخاذ تدابير مناسبة لصون هذا الحق ( المادة 6 /1 من العهد المذكور)، وواقع الحال يشير إن العقود المؤقتة لا تصون حق العمل وبناء عليه نرى :
أولا: لابد من وضع تعريف ينص عليه مشروع القانون الجديد للعقد المؤقت كما فعل قانون سلطنة عمان ودولة الإمارات على انه هو (العمل الذي تقتضي طبيعة إنجازه وإنهائه مدة محددة ) ومعنى ذلك أن يمتنع على صاحب العمل أن يبرم عقدا مؤقتا في عمل ذات طبيعة دائمة .
ثانياً: أن ينص مشروع القانون صراحة على وجوب أن يكون عقد العمل المبرم مع المواطن عقدا غير محدد المدة ، إلا إذا كانت طبيعة العمل تقتضي إنجازه في مدة محددة .
ثالثاً: وأن ينص على إيقاع جزاء يتصف بالشدة في مواجهة صاحب العمل في حالة استخدامه العمال الوطنيين بعقود محدد المدة في أعمال طبيعتها مؤقتة كما هو الحال في تشديد العقوبة التي أوجدها قانون تنظيم سوق العمل في حالة استخدام العمال الأجانب بدون تصريح .
رابعاً:لابد من رفع مبلغ التعويض في حالة إنهاء صاحب العمل عقد العمل بدون مبرر أو بطريقة تعسفية ، سواء كان هذا التعويض قضائياً أم قانونياً، لعل في ذلك ما يحول دون استخدام صاحب العمل حقه في فصل العامل بطريقة تعسفية .( أنظر المادتين 108 ، 109 من قانون العمل ، والمادة 108 من مشروع القانون ).
أن تضيق الخناق علي العمل المؤقت ، وليس التوسع فيه ،أمر ضروري لتوفير الأمن الوظيفي للعمال ، وهو احد الأسس التي يجب أن يضمنها أي تشريع للعمل.
الخاتمة :
لاشك أن هناك أحكام أخرى جاء بها مشروع القانون هي محل نظر لم يتم التطرق إليها في هذه الدراسة ، ونأمل من المجتمعين في الحلقة الحوارية الإشارة إليها ، أو أن تستكمل هذه الدراسة بجهود مشتركة من المؤسسات المعنية لتقديمها للمجلس الوطني .