لم تكن الأحداث الطائفية التي جرت في الخمسينات هي الوحيدة التي دفعت أعضاء الباكر والشملان والسيد كمال الدين وغيرهم من أعضاء هيئة الاتحاد الوطني الى الاجتماع في مأتم بن خميس لتشكيل الهيئة، بل كانت النوايا الصادقة في الحفاظ على البحرين من أي فتنة أو شر طائفي هي الأساس لإنجاح دور وطني لتلك القادة. أعطى قادة الهيئة نموذجاً رائعاً في التعايش والتواد والعمل من أجل المواطن اياً كان معتقده، يقفون جنباً الى جنب في كل الفعاليات التي قررتها الهيئة للدفاع عن الحقوق، وأكثر الصور المعبرة هي تلك التي تظهر عبدالعزيز الشملان يخطب في الجماهير ويقف أمامه عبدعلي العليوات وغيرهم من قادة الهيئة متوحدين على المطلب، ويلتف خلفهم المواطنون لأنهم شعروا بان من يخطب لم يكن مزايداً ولا محرضاً من اجل التحريض فقط، كما هو حال بعض السياسيين الان، ينادون برفع الأصوات والافعال وأبناؤهم خارج البحرين للدراسة، مؤمن مستقبلهم، وأبناء الفقراء في فوهة المدفع. اكثر ما نحتاجه اليوم ان نعيش فكراً وعقلاً وروحاً ووجداناً مع قادة الهيئة، لا ننظر الى العصبيات المزيفة، ولا الخلافات المصطنعة، ولا الزعامات الطائفية التي يتناحر قادتها من اجل الحفاظ على الزعامة والكرسي، بعيداً عما يمكن ان يحقق للناس طموحهم، المهم عندهم هي الذات والحزب، اما الناس فليحترقوا. نحتاج ان نعيد النظر في التاريخ ونستفيد منه، ونقيم أخطاءه، لا ان نعيد الذكرى بالاحتفال فقط، حتى لا يعاب علينا باننا تناسينا التاريخ وتجاهلناه. إحياء التاريخ هو إعادة إسقاط المراحل الايجابية على واقعنا المعاصر، ففي ظل الاستقطاب الطائفي الذي يلعب به بعض الساسة انجر بقصد او بغير قصد بعض من نحترمهم ونقدر مواقفهم الوطنية، وفنعلن خوفنا عليهم من الوقوع في الفخ. إحياء ذكرى الهيئة الوطنية يحتاج الى الانفتاح الكامل على تاريخ ومراحل الهيئة، والتوقف أمام ما تعانيه الحركة السياسية حالياً من تسعير طائفي، والأجدى من ذلك، هو المحاولة في زرع الروح الأخوية التي كان يتحلى بها أعضاء وقادة الهيئة.
صحيفة الايام
7 ديسمبر 2008