على الرغم مما قيل وسيقال عن تقرير الرقابة المالية البحرينية لهذا العام من انتقاد ومأخذ يمكن ان يؤخذ عليه من قبل قوى المعارضة الشرعية البحرينية، فإنه يبقى مع ذلك، حتى في حدود الهامش الذي يتحرك فيه، من أفضل التقارير الرسمية الحكومية لمملكة البحرين مقاربة للشفافية والموضوعية النسبية، وهو من الجوانب الايجابية التي مازالت تحسب لمشروع عاهل البحرين الإصلاحي لاستمرار هذا التقرير بالمنهجية نفسها التي سار عليه للعام الخامس على التوالي ولنشره في وسائل الأعلام المحلية بما فيه من ايجابيات وسلبيات، مهما كانت خطورتها من دون حذف أو مصادرة، وذلك مقارنة بالتقارير الموغلة في الوردية كتقارير حقوق الإنسان على سبيل المثال لا الحصر .
ويكتسب تقرير هذا العام أهمية خاصة، كونه يصدر متزامناً تماماً مع ما يخيم على المنطقة من شبح الأزمات الاقتصادية والمعيشية المطردة الاحتدام، بما في ذلك استمرار تدفق موجات الغلاء الفاحش، فضلاً عن شبح عدوى أزمات الأسواق المالية العالمية وفي مقدمتها السوق الامريكية .
كما يكتسب التقرير أهميته وبما تضمنه من شفافية ومصارحة في عدد من جوانبه كونه يأتي متزامناً تماماً مع تدشين الملك مشروع “رؤية البحرين الاقتصادية حتى العام 2030” .
وإذا كان كل ذلك يحسب لتقرير الرقابة المالية فيما يتعلق بجوانبه الموضوعية في المصارحة والشفافية في كشف أوجه السلبيات والأخطاء في المؤسسات الرسمية، فإن التقرير وبعد مرور خمس سنوات على انتظام صدوره، بحاجة إلى قيام القائمين عليه بعملية رصد سنوي تتضمن نتائجها التقرير ذاته، بحيث يحدد فيه بوضوح وشفافية ومصارحة كاملة الجهات التي قامت فعلا بالتعاون مع معدي التقرير بتصحيح اوضاعها وأخطائها، ولا سيما الخطيرة منها، والجهات التي لم تتعاون مع معدي التقرير، وبخاصة تلك التي تكرر ذات الأخطاء والانحرافات .
ولا شك ان السلطتين التشريعية والقضائية فضلا عن الصحافة، لكل منها دور في تحليل ومتابعة التقرير والدفع باتجاه تطويره، والقيام بأعمال الرقابة التشريعية والمحاسبة القضائية للمتسببين في أوجه السلبيات والأخطاء المتكررة دونما تصحيح أو التزام جاد بتوصيات وقرارات التقرير نفسه، فضلاً عن توصيات وقرارات البرلمان بغرفتيه .
وما لم يتم تحقيق كل ذلك، فإنه لا معنى أبداً للصرف على إعداد تقرير سنوي مصيره خزائن وأدراج أرشيفات المؤسسات الحكومية . وهذا ما نخشاه حقاً في ضوء تجربة صدور 4 تقارير سابقة .
الخليج 30 نوفمبر 2008