في الشهر الفائت لقي ثلاثة آسيويين مصرعهم على اثر سقوط دعامات “سكلات” هوت بهم من ارتفاع شاهق في إحدى البنايات الواقعة في المنامة بعدها بأسبوع تقريبا تفحم ثلاثة آسيويين بعد أن احترق سكنهم القديم الذي يشبه “الزريبة” في حين أصيب ٧١ عاملاً بحالة إغماء بسبب استنشاقهم الدخان.
وحول هذا الحادث الاليم قال وزير العمل “أن هذا المنزل قديم جدا وغير صالح للسكن ويفتقد الى اشتراطات الأمن والسلامة والى أبسط مقومات السكن الملائم من حيث الأمور الصحية والبيئية ”
هذا الحادث يذكرنا بالحريق الذي شب في احد مساكن العمال في القضيبية قبل عدة سنوات والنتيجة وفاة آسيويين وإصابة آخرين إصابات بليغة!!
حقيقة لا نريد ان نحمل المسؤولية جهة دون اخرى ولكن لماذا تتكرر مثل هذه الحوادث المؤلمة، سؤال لابد من طرحه ومناقشته بشكل مستفيض.
على العموم حينما يتجاهل أصحاب العمل قوانين السلامة والصحة المهنية والاشتراطات الصحية لمساكن العمال وحينما تتلكأ جهات الاختصاص في تطبيق هذه القوانين والأنظمة والأحكام فإن إصابات العمل والحوادث الخطيرة ستزداد وتتضاعف، ومن هنا فالمسألة ليست قوانين ونصوصا وأحكاما وقرارات بقدر ما هي تطبيق لكافة التشريعات من دون استثناءات أو تبريرات لكل تقصير او خطأ.
هناك نصوص قانونية واضحة تضمنها قانون العمل في القطاع الأهلي وان هذه النصوص تدعو إلى تنظيم الخدمات والاحتياطات اللازمة لحماية العمال أثناء العمل من أخطار العمل والآلات وتدعو أيضا إلى تنظيم وسائل الوقاية والى الاحتياطات اللازمة لحماية العمال أثناء العمل وفي المساكن التي يجهزها صاحب العمل لعماله هذا ما أكد عليه وزير العمل في افتتاح المؤتمر العربي الثالث للسلامة والصحة المهنية فيها اشار الى أهمية الالتزام بمعايير السلامة ولكن المشكلة التي تعاني منها هذه الوزارة على هذا الصعيد تكمن كما قال الوزير في نقص عدد المفتشين وبالتالي كيف تتأكد هذه الوزارة من الالتزام بقانون العمل وعلى وجه الخصوص بمعايير السلامة؟ هذا هو المهم.
والأمر لا يختلف إطلاقا مع وزارة الصحة فهي حددت الاشتراطات والمواصفات الصحية لمساكن العمال وخاصة المادة “١٢” من القرار الوزاري رقم “٨” لعام “1978” الذي ينص على “يلزم صاحب العمل – كحد أدنى بان يوفر المواصفات الصحية في مساكن العمال التابعين له كما لا يجوز ان تنشأ المساكن الجديدة للعمال إلا إذا كانت مطابقة للمواصفات التي حددها هذا القرار الذي توافق عليه الجهات المختصة في البلدية”.
ويعني ذلك ان البلدية هي الطرف الثالث او الجهة الحكومية الأخرى او بالأحرى المجالس البلدية هي المسؤولة عن البيوت الآيلة للسقوط.
ومن هنا وبقدر ما نلوم صاحب العمل الذي لا يعبأ بنصوص قانون العمل نلوم ايضاً تلك الجهات الحكومية التي يفترض منها ان تضاعف رقابتها لتنفيذ التشريعات والقوانين الخاصة بالسلامة والصحة المهنية وبالاشتراطات الصحية لمساكن العمال.
إذن وببساطة نحن لا نعاني من مشكلة على صعيد الأنظمة والقوانين بقدر ما نعاني من مشكلة تفعيل هذه القوانين وبالتالي لا يمكن وفي جميع الأحوال أن نعفي هذه الجهات من مسؤوليتها تجاه ما يحدث من إصابات عمل وحوادث مأساوية كالتي حدثت للعمالة الآسيوية التي ساهمت وتساهم بشكل كبير في بناء هذه البلاد وتطورها العمراني.
الأيام 22 نوفمبر 2008