فوز “الكتلة العمالية” في انتخابات “ألبا” يعكس مدى تلاحم الأغلبية الساحقة من العمال مع هذه الكتلة التي التزمت طيلة الثلاث السنوات الماضية بالعمل على تحسين الأوضاع العمالية في الشركة ولا سيما فيما يتعلق بزيادة الأجور والعلاوات والمكافآت “البونس” وتوفير كافة أشكال الحماية من الأخطار المهنية.
وبالتالي لو تأملنا وقرأنا أبعاد هذا النجاح في ظل القيادات العمالية الشابة والمخضرمة وفي ظل الدعم الكبير من العمال نستخلص حقائق هامة لا يمكن لأحد نكرانها، ومن بين هذه الحقائق ان هذه الكوادر التي لم تكف على مدى الدورة السابقة عن المطالبة بحقوق العمال حظيت على ثقة كبيرة في الوسط العمالي الذي تنافست على أصواته ثلاث قوائم انتخابية ويعني لنا هذا أن هذه الكوادر وهذه القيادات التي حازت على هذا التأييد الواسع يعود بالدرجة الأولى إلى تلك الممارسة الصحيحة على مستوى إدارة العمل النقابي المطلبي الذي تمكن من فهم العلاقة بين المحافظة على تعميق الشراكة الحقيقية مع إدارة الشركة، هذه العلاقة التي أدت إلى زيادة الإنتاج والإنتاجية وبين التحركات العمالية المطلبية البعيدة عن التطرف، ولنا مثال على هذه الشراكة احتفال ” ألبا ” الأخير بمضاعفة إنتاجها من الألمنيوم، وبتحقيق معدلات أعلى من ساعات العمل من دون حوادث وإصابات ويعني ذلك أن النقابة نجحت في ربط الإخلاص للمصالح العمالية بالمرونة التكتيكية في إدارة المفاوضات مع الشركة، وذلك انطلاقاً من تلك الشراكة مما أدى إلى مضاعفة رصيدها بين العاملين وعلى مستويات وظيفية مختلفة ومن بين هذه الحقائق أيضا أن الالتفاف حول النقابة والكتلة تحديداً لم يكن التفافاً طائفياً رغم كل محاولات التشكيك والتشويه واتهامات تلك الكوادر بالطائفية وإنما هو التفاف قائم على وحدة الصف العمالي والمصالح الطبقية للعمال، وهذا ومن دون مبالغة ما ميز هذه الانتخابات عن غيرها في العديد من مواقع العمل، وبالتالي لن يكون هناك شك لا في الوعي العمالي والنقابي ولا في خبرة ومراس تلك الكوادر، وإلا لماذا كل هذا التفاعل المتبادل بين العمال والنقابة؟
نعم لماذا كل هذا التفاعل الذي أدى إلى فوز الكتلة بجميع مقاعد الإدارة؟ أليست هذه الانتخابات تعد من الأمثلة الحية على مناهضة الطائفية والطائفيين؟ وخاصة في وقت توغل فيه داء الطائفية الخبيث ليس بين النواب والهيئات الحكومية وإنما أيضا بين بعض النخب السياسية التي غالباً ما نجدها تتظاهر في المنتديات والتصريحات الصحفية بأنها ضد الطائفية وضد الاصطفافات الطائفية في حين ممارستها السياسية والعملية تفيد عكس ذلك؟
وأما بالنسبة للجمعيات السياسية ذات الصبغة العقائدية الواحدة أي جمعيات الإسلام السياسي فحدّث ولا حرج، فيكفي أن تجد هذه الجمعيات مقفلة على أبناء الطائفة!!
إذن انتخابات ألبا – كما قلنا سابقاً – أفرزت حقائق هامة، ولعل تجاوز المأزق الطائفي من أهم هذه الحقائق وبالتالي هذه النقابة تعد مثالاً حياً بفضل الوعي العمالي المدرك لخطورة التعصب والكراهية التي ابتلى بها مجتمعنا المتعايش لأبعد الحدود، والمدرك أيضا لأهمية الوحدة العمالية والوطنية وكذلك بفضل تلك العناصر والكوادر العمالية والنقابية التي ما من شك لعبت دوراً كبيرا في تعميق هذا الوعي.
الأيام 15 نوفمبر 2008