لقد جاء فوز “الكتلة العمالية” برئاسة النقابي علي البنعلي، في انتخابات نقابة العاملين في شركة ألبا، بجميع المقاعد الخمسة عشر، مبعث فخر عمال شركة ألبا، بل القوى الإنتاجية البحرينية كافة بشتى نقاباتها العمالية، ومختلف مواقع الأعمال عبر العلاقات الإنتاجية.. بقدر ما جسد هذا الفوز الفريد من نوعه، انتصارا رائعا لقوى التيار الوطني الديمقراطي، والمتمثل في جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي بالمقام الأول.
ولعل ما يرسخ هذا الفخر ويعزز هذا الانتصار في ضمير الطبقة الكادحة ووجدان الشعب البحريني هو ان فوز “الكتلة العمالية” جاء تتويجا لتضحيات أعضاء نقابة العاملين في شركة ألبا، من خلال مصداقية العمل النقابي الدؤوب، الذي أثمر الكثير من المكتسبات العمالية والنقابية، والانجازات التنموية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، وأهمها رفع الأجور وتحسين ظروف العمل والتأمين الصحي وصرف البونس ونظام التقاعد والنهوض بالعمل النقابي وقد تحقق الكثير منها على أرضية المطالبة عبر عقد اللقاءات والاجتماعات ما بين إدارة النقابة وإدارة شركة ألبا.
من هذا المنطلق جاءت عملية اكتساح “الكتلة العمالية” انتخابات النقابة في دورتها الثالثة، مقرونة بحسم المواقف النقابية والوطنية لعمال نقابة ألبا، البالغ عددهم 2500 عامل.. هو حينما أكدوا أن إرادة العمال هي الإرادة المحتومة في تقرير مصيرهم النقابي، ومستقبلهم الوظيفي، خاصة بعد أن اكتشفوا بمدى وعيهم ومداركهم ورصدهم ومتابعتهم، عجز الكتل العمالية الأخرى وخاصة المحسوبة على تيار الإسلام السياسي، عن تمثيل العمال بما يحقق مطالبهم وينسجم مع طموحاتهم وأهدافهم وأحلامهم لعوامل تعود أسبابها إلى عدم إيمان تيار الإسلام السياسي بالعمل النقابي والقضايا العمالية أصلا، هذا من جهة وغياب الإستراتيجية العمالية والنقابية لدى كتلهم العمالية من جهة أخرى.. ويكفي استدلالا هو ما أورده مصدر عمالي وفاقي بالقول “ان كتلة العامل أولا.. لم تعمل بالشكل المطلوب، كما إن الانجازات التي حققها رئيس النقابة السابق علي البنعلي دفعت بالعديد من قواعد الوفاق إلى التصويت لقائمة الكتلة العمالية المدعومة من المنبر الديمقراطي”.
والاهم من ذلك كله هو ان عمال شركة ألبا قد أماطوا اللثام عن مواقف أولئك النقابيين الإسلاميين في الشركة التي اكتنفتها الاصطفافات الطائفية والانتماءات المذهبية والولاءات للمرجعية الدينية.
إن عمال شركة ألبا في الإدلاء بأصواتهم دعما لـ “الكتلة العمالية” ذات الفكر الديمقراطي التقدمي، خلال انتخابات حرة وعبر صناديق الاقتراع العام أشرفت عليها أربع جهات هي: “الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، وجمعية الشفافية، وجمعية مراقبة حقوق الإنسان البحرينية” هي مواقف عمالية تاريخية أعادت إلى الأذهان فتح الصفحات النضالية المضيئة للطبقة العمالية البحرينية ما قبل عقود من الزمان، أي منذ عقد الثلاثينيات إلى عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، بقيادة اللجنة التأسيسية لعمال البحرين، من قوى التيار الديمقراطي التقدمي والمتمثل آنذاك في التنظيمين “جبهة التحرير الوطني البحرانية والجبهة الشعبية” التي حققت الكثير من أهداف العمالة البحرينية.
انه من الأهمية بمكان القول إن عمال شركة ألبا، حينما أحسنوا الاختيار في الإدلاء بأصواتهم لدعم وانتخاب أعضاء “الكتلة العمالية” بصورة مطلقة.. فانهم ضربوا النموذج المشرف بنضجهم الواعي والمتقدم على وعي وأفكار وعقول الناخبين لشعب البحرين الذين صوتوا لشديد الأسف خلال الانتخابات النيابية والبلدية عامي (2002 – 2006) لصالح قوى تيار الإسلام السياسي.. ليس هذا فحسب ولكن ستظل مواقف عمال ألبا النقابية والوطنية تمثل مواقف بالغة النضج (فكريا ومهنيا واجتماعيا).. بل تمثل النبراس الذي يرنو إليه الجميع في ان تسترشد بضيائه جماهير الشعب البحرينية من الناخبين في مختلف الدوائر الانتخابية.. وان يحذوا حذو هؤلاء العمال بشركة ألبا بحسم مواقفهم في الإدلاء بأصواتهم لصالح قوى التيار الديمقراطي التقدمي.. وخاصة ان الشعب البحريني أعلن امتعاضه واستياءه من هزالة ووهن أداء نواب تيار الإسلام السياسي في كلا الفصلين التشريعيين الأول والثاني.
في نهاية المطاف لا يسعنا سوى القول: أن الجميع من قوى التيار الديمقراطي التقدمي يفخرون بهذا العرس الجميل، وهو فوز “الكتلة العمالية”.. وما يتمخض عما ينشدونه في ان يمثل هذا الفوز التاريخي أداة تشجيع وحفز للنقابات العمالية المستنيرة ودفعها إلى مزيد من العطاء والإنتاج والابتكار لصالح طبقتها العمالية البحرينية، التي حملت رسالتها المقدسة المنوط بها النهوض بالعملية التنموية والإنتاجية والاقتصادية والاجتماعية، تجسيدا لأعظم الملاحم البطولية والتنموية والنضالية التي نسجتها وتنسجها الطبقة البحرينية الكادحة طوال سبعة عقود من الزمان.
أخبار الخليج 14 نوفمبر 2008