وصل ضيق صدر الحكومة ونزقها إلى ذروتها باعلان وزير الداخلية من ان الحكومة سوف تُجرِّم، بالحبس أو الغرامة، كل من يشارك في مؤتمرات أو اجتماعات خارجية غير مرخص له من قبل الحكومة بذلك (!!)، وهو ما يعبر عن تحول خطير في سياسة الحكومة تجاه المعارضة، من تعبئة اقلامها واصواتها المأجورة للتصدي لكل نقد، مهما كانت أهميته، ومحاولة لحجم أصوات المعارضة.. إلى اعتماد سياسة الحرب النفسية وارهاب الآخر تهديدا باستغلال أدوات السلطة التي تحتكرها وفي مقدمتها أجهزة القمع والمخابرات.
يحدث هذا التحول في “عقلية الاصلاح” في الوقت الذي تتوالى فيه جرائم الفاسدين وكبار المسؤولين الحكوميين والتي تُقيض محاسن الصدف لكشف بعض فيضها، مثل فضيحة المقامرة بأموال التأمينات الاجتماعية والادعاء بخسارة 112 مليون دولار في الازمة المالية العالمية(!) من دون أن يثير ذلك اية ضجة في الاروقة البرلمانية ولا لدى ما يسمى بديوان الرقابة المالية الذي اغمض عينيه عن فضيحة سرقة ملياري دولار في شركة “ألبا”.
وهو يحدث فيما لازال صدى التطبيل والتزمير لما يسمى بالرؤية الاقتصادية يتردد على ألسنة السلطة وحاشيتها، مع ان الكيل قد طفح بالوزارات والمؤسسات الحكومية من فرط الضغط عليها لخفض موازناتها للسنتين الماليتين 2009 و2010 ومنها وزارة الاشغال التي راحت تلمح إلى امكانية تعليق مشروعاتها المتعلقة بالبنية الاساسية بسبب تقليص موازنتها!
إلى وقت قريب كانت السلطة – ولازالت في الواقع – خلف السعيدي و”س” و “ص” من كتابها. ولكن يبدو ان هذا التكتيك لم يعد كافيا، فقررت الخروج من خلف الستار والظهور العلني للتعبير عن نفسها بنفسها!.. برافو هيك أفضل خلينا انشوفك!