المنشور

ملاحظات نقدية لتقرير مملكة البحرين بشأن اتفاقية السيداو

 



أكد المحامي حسن إسماعيل عضو المكتب السياسي للمنبر التقدمي حرصه الشديد على  الجهود المبذولة في إعداد تقرير مملكة البحرين بشأن اتفاقية السيداو، وعلى سمعة البحرين وتعزيز مكانتها ، وقال ” نظرا لأهمية الاتفاقية بالنسبة للمرأة وحقوقها تعين علينا أن نبدي بعض الملاحظات النقدية على ما ورد في التقرير ، وعلى ما جاء في رد الدولة على أسئلة وطلبات لجنة السيداو ونشير إليها كما يلي” : 


 

 


ملاحظات نقدية لتقرير مملكة البحرين
بشأن اتفاقية السيداو
 



بقلم المحامي / حسن علي إسماعيل
مسئول الشئون القانونية في المنبر التقدمي


 

تقديــــم :

التزاما من مملكة البحرين بتنفيذ أحكام المادة  18 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو/CEDAW) والتي انضمت إليها البحرين بموجب المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2002م إذ نصت المادة المذكورة على  تعهد الدول الأطراف بأن تقدم إلى الأمين العام للأمم المتحدة، للنظر من قبل اللجنة، تقريراً عما اتخذته من تدابير تشريعية وقضائية وإدارية وغيرها من أجل إنفاذ أحكام هذه الاتفاقية، وعن التقدم المحرز في هذا الصدد ،تقدمت مملكة البحرين إلى لأمم المتحدة بتقريريها الأول والثاني بشأن هذه الاتفاقية والذي شارك في إعداده حسبما أورده التقرير ( الجهات الرسمية ذات الصلة، والجمعيات النسائية ومؤسسات المجتمع المدني وذلك من خلال فرق العمل التي تم إنشاؤها سواء فيما يخص جمع البيانات أو بيان رؤاهم حول مواضيع التقرير.) وأن المجلس الأعلى للمرأة ( حرص على أن يتم إعداد التقرير على أحسن نحو ممكن، كما تم تكليف خبراء أكاديميين من جهة مستقلة بمهمة مراجعة التقرير للوقوف على مدى تأثير التطبيق العملي للقوانين على مركز المرأة البحرينية ومدى توافق هذا التطبيق من ناحية مع القوانين والسياسات العامة ومن ناحية أخرى، مع أحكام اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.) ، كما جاء في التقرير أيضا أن (  الجهة المعنية بإعداد التقرير حرصت على التنسيق مع كافة الجهات المختلفة المعنية وان يتضمن التقرير معلومات مختلفة ومتنوعة وكافية من الناحية النظرية والتطبيقية بالاستفادة بالخبرات الأهلية الوطنية والدولية الممكنة الأمر الذي استغرق بالضرورة بعض الوقت لإعداد التقرير المطلوب على أفضل نحو ممكن ولقد تم إخطار لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وهي اللجنة المشرفة على تطبيق الاتفاقية بالحاجة إلى تمديد المهلة اللازمة لتقديم التقرير.)
 
مما لاشك فيه أن القاريء للتقرير لابد له وأن يثمن الجهود الكبيرة للجهة التي أعدت التقرير ويقدر حرصها الشديد للتنسيق مع كافة الجهات المختلفة المعنية في إعداده ، غير أن حرصنا الشديد على هذه الجهود المبذولة ، وعلى سمعة البحرين وتعزيز مكانتها ، ونظرا لأهمية الاتفاقية بالنسبة للمرأة وحقوقها تعين علينا أن نبدي بعض الملاحظات النقدية على ما ورد في التقرير ، وعلى ما جاء في رد الدولة على أسئلة وطلبات لجنة السيداو ونشير إليها كما يلي : 
 

أولا : التقرير الرسمي والوضعية القانونية
لاتفاقية السيداو في النظام القانوني لمملكة البحرين 

 



ما أشار له التقرير


  أشار تقرير مملكة البحرين في الفقرتين 55 و 56 في هذا الإطار وبصورة إيجابية  إلى ( أن الاتفاقيات التي صدقت أو انضمت إليها مملكة البحرين بما فيها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة تصبح بمثابة قانون داخلي بعد إقرارها).
 
طلب لجنة السيداو

 غير أن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة التابعة للأمم المتحدة وجهت بهذا الصدد سؤالا أو طلبا ضمن أسئلة أخرى  إلى مملكة البحرين، وذلك بعد اطلاع اللجنة على التقريرين الدوريين (الأول والثاني) المقدمين من الحكومة بشأن الاتفاقية يتعلق بضرورة  ( تقديم معلومات عن القضايا، إن وُجدت، التي نظرت فيها المحاكم أو الهيئات القضائية أو الإدارية الأخرى واحتُجّ فيها بأحكام الاتفاقية، إضافة إلى تقديم معلومات عن نتيجة هذه القضايا.).
 
جواب حكومة البحرين : 


 وقد أجابت مملكة البحرين على طلب لجنة السيداو بأن ( البحرين وبمجرد الانضمام إلى الاتفاقية أصبح لها قوة القانون، وذلك إعمالاً لحكم المادة «37» من الدستور البحريني، أما بالنسبة للاحتجاج بأحكامها في قضايا مطروحة، فلم يجرِ من الناحية التطبيقية الاحتجاج بأحكامها بطريق مباشر، ويرجع ذلك إلى شمول القوانين البحرينية للأحكام ذاتها التي تضمنتها الاتفاقية والتي لم يتم التحفظ عليها فيما يخص حقوق المرأة، وأن قضايا الأحوال الشخصية التي نُظرت والمنظورة حاليًا تطبق بشأنها قواعد وأحكام الشريعة الإسلامية. ) 
  
 

جواب الحكومة على الطلب لم يكن إيجابياً ويتجاهل 
ان القضاء  البحريني قد احتج بأحكام اتفاقية 

   غير أن هذا الرد لا صحة له على الإطلاق ، إذ تجاهل أو اغفل أن المحكمة الكبرى المدنية الغرفة الأولى الدائرة الإدارية الموقرة برئاسة سعادة القاضي سعيد الحايكي قد استندت واحتجت باتفاقية السيداو في أسباب حكمها الشهير الصادر بتاريخ 28/2/2006 في الدعوى رقم 02/2004/ 5029/1 المرفوعة من تسع جمعيات نسائية في مواجهة وزارة العمل ووزارة الشئون الاجتماعية كما كانت تسمي حينذاك ، بطلب إشهار الاتحاد النسائي ، وقد قضت المحكمة الموقرة بإلزام الجهة الإدارية بشهر الإتحاد الاتحاد النسائي البحريني وفق النظام الأساسي المقدم من الجمعيات النسائية  ، وقد ركنت المحكمة في بيان هذا الحكم الهام في أول سابقة للقضاء البحريني يحسب للمحكمة التي أصدرته على اتفاقية السيداو ، إذ جاء في الصفحة 8 من هذا الحكم ما يلي ( كما تضمنت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي انضمت إليها مملكة البحرين بموجب المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2002 والمعمول به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في 6 مارس 2002 وأصبحت بمثابة قانون من قوانين المملكة المساواة بين الرجل والمرأة في التمتع بالحقوق والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في ميدان آخر …. ) .
أن هذا التجاهل الرسمي سواء كان ذلك في أصل التقريرين أو في الرد على طلب لجنة السيداو لا يكشف عن عيب  وقصور في التقرير فحسب بل ينتقص من الشجاعة والعدالة والنزاهة التي امتاز بها السادة قضاة المحكمة الأفاضل اللذين أصدروا الحكم بشهر الاتحاد مستندين في ذلك على أحكام الدستور والقانون واتفاقية السيداو رغم محاولات الجهات الرسمية لإجهاض هذا الإشهار . وهذا الحكم هو تأكيد على أن القضاء الإداري البحريني الحديث النشأة لا شىء يمنعه من الاستناد على اتفاقية السيداو للوصول للحقيقة ومن ثم لا يصح القول حسبما جاء في الرد أن عدم الاحتجاج بأحكام الاتفاقية يعود لشمولية قوانين البحرين للأحكام ذاتها التي تضمنتها الاتفاقية ، وإلا ما فائدة الانضمام إليها ؟؟ أن أحكام اتفاقية السيداو ستظل حاضرة متوقدة أمام القضاء يركن إليها كلما تعرضت حقوق المرأة للانتهاك .
 


ثانياً : التقرير الرسمي والعنف ضد المرأة


ما استعرضه التقرير

تناول التقرير الرسمي لحكومة البحرين الجانب المتعلق بالعنف في الفقرات من 122 إلى 130 ، إضافة إلى الفقرة 325 ، وقد أوضح هذا التقرير – بأن التمييز ضد المرأة يتجلى من خلال ممارسة العنف الأسري ضدها، وأن هذه المسألة الهامة تحظى باهتمام كافة فئات المجتمع في البحرين وأن مظاهر هذا الاهتمام تمثل في حملات التوعية التي تقوم بها مختلف الجمعيات النسائية.
وقد ركز التقرير على  مساهمة المجلس الأعلى للمرأة  كما أشار لجهود مؤسسات العمل الأهلي في هذا المجال دون أن يذكرها بالاسم  ، وأوضح والتقرير التكميلي له إحصائيات لعدد حالات العنف ، كما أوضح التدابير التي قام بها المجلس الأعلى للمرأة والنشاط الأهلي لمواجهة مشكلة العنف ضد المرأة .

نتيجة غير إيجابية توصل إليها التقرير

كل ما استعرضه التقرير كان حسنا وايجابيا ، غير أنه خلص إلى نتيجة غير إيجابية مفادها بأنه (لا يمكن  القول بوجود تقصير تشريعي في هذه القضية على الرغم من مناداة البعض بضرورة إفراد فصل خاص في التشريع يعني بجرائم العنف الأسري ضد المرأة و ينص على جريمة العنف ضد المرأة بشكل مستقل ويستحدث آليات مناسبة لإثبات العنف.)
وهذه النتيجة التي توصل إليها التقرير لا صحة لها إطلاقا فقضية العنف ضد المرأة تحتاج أول ما تحتاج لمعالجتها إلي تشريع خاص ينضم جرائم العنف ضد المرأة ، وان قانون العقوبات وان نص في الفصل الخاص بجرائم الاعتداء على الأشخاص بتناول جرائم الاعتداء على سلامة الجسم وعلى العرض وجرائم الاغتصاب التي قد تصل عقوبتها إلى حد عقوبة الإعدام، مما يشكل رادعاً هاماً لرد العنف عن المرأة ، غير أن ذلك لا يمكن أن يكون بديلا عن ضرورة وجود قانون يجرم العنف ضد المرأة ويضع آليات وإجراءات لمواجهته  وهو ما يفتقر إليه قانون العقوبات .
 

التقرير يتجاهل وجود مشروع قانون لحماية الأسرة من العنف

تجاهل التقرير أن هناك  اقتراح بقانون لحماية الأسرة من العنف ، أصبح مشروع قانون بعد أن أحيل للحكومة التي أبدت ملاحظاتها عليه من خلال دائرة الشئون القانونية معروض على مجلس النواب ، وان المجلس قد خاطب الاتحاد النسائي لتقديم ملاحظاته عليه بموجب كتاب سعادة رئيس المجلس رقم ف2/د1/3579/2007 المؤرخ في 24 يونيو 2007  ، وان الاتحاد قد قدم هذه الملاحظات وأضاف إليه أحكام هامة ولازمة . 
 


رد الحكومة على لجنة السيداو يواصل تجاهله لمشروع القانون

 على الرغم أن لجنة السيداو قد وجهت لحكومة البحرين سؤالا فيما إذا كان ينظر في أي مشروع قانون عن العنف الأسري ووصف وسائل الانتصاف القانوني والخدمات الاجتماعية المتاحة للضحايا، فأن الحكومة استمرت في تجاهلها كما في أصل التقرير لوجود مثل هذا المشروع حيث فأوضحت الحكومة في ردها ( أن جرائم العنف الأسري تصنف تحت قانون العقوبات الحالي، وأن هناك توجهاً من السلطة التشريعية لتعديل أحكام هذا القانون.أما عن وسائل الانتصاف القانوني، فمن الممكن أن يلجأ ضحايا العنف الأسري للشرطة أو للمؤسسات المعنية بالمرأة، كما هو حاصل في معظم الدول العربية) .
     أن هذا التجاهل لا ينال فقط من دور البحرين ومؤسسات المجتمع المدني الريادي في مواجهة العنف ضد المرأة ، بل ينتقص من الجهود الكبيرة التي قام بها مجلس النواب والاتحاد النسائي في مناقشة مشروع  القانون ، ويكشف عن كيف تهرب من أعد أصل التقرير ومن صاغ الرد على أسئلة السيداو من الإقرار بضرورة وجود قانون لحماية الأسرة من العنف .

 الاتحاد النسائي وملاحظاته على مشروع القانون

أكد الإتحاد النسائي في مرئياته المرسلة لمجلس النواب على ضوء كتاب سعادة رئيس المجلس بشأن مشروع القانون ونقتبس منه ما يلي (أن الاتحاد النسائي  يؤكد لسعادتكم وسائر أعضاء مجلس النواب كما أكد سابقا حين قدم رؤيته حول الاقتراح بقانون  على أهمية إصدار مثل هذا القانون ، قانون يجرم العنف الأسري  باعتباره خطوة هامة  بل ضرورية في الحملة ضد العنف الأسري ، وهو يصب في الاتجاه الذي كنا ومازلنا نعمل من أجله ، غير أن مشروع القانون المعروض على مجلسكم الموقر بالرغم انه قد لامس جوانب مهمة من أجل تجريم العنف الأسري إلا إنه اغفل ما سبق وان تقدمنا بها من ملاحظات حين كان القانون اقتراحا تناقشه اللجنة المختصة ، ونحيل مجلسكم إليها، ونحن هنا نؤكد عليها مرة أخرى ).
 
الأسباب التي دعت للاهتمام بصدور القانون

  أوضح الإتحاد الأسباب التي تدعوه  للاهتمام وسائر الفعاليات النسائية بصدور قانون يجرم العنف الأسري ويحقق الحماية منه  مبينا بأن :

1-  أن التمييز بسبب الجنس مازال قائماً في الثقافة والقانون والعلاقات الاجتماعية وفي مناهج التعليم :  رغم التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها بلادنا ، ورغم الكفاح الجسور الذي خاضتها المرأة البحرينية من اجل نيل حقوقها ومساواتها بأخيها الرجل .  إلا أن التمييز بسبب الجنس مازال قائماً في الثقافة والقانون والعلاقات الاجتماعية.وفي مناهج التعليم  ويساعد في ذلك الفكر التمييزي الذي تمكنا من اختراق مجتمعنا وثقافتنا في العمق .

2- يستهدف استنهاض مشاركة مجتمعية في مواجهة ظاهرة العنف الأسرى وإنقاذ الضحايا :أن اهتمام الاتحاد النسائي بهذا الموضوع يستهدفً استنهاض مشاركة مجتمعية في مواجهة ظاهرة العنف الأسرى وإنقاذ الضحايا ، وان الحالات التي كانت ترد للجمعيات المهتمة أو مراكز المساعدة القانونية  بظاهرة العنف ضد المرأة ،  تكشفت عن عمق الظاهرة ، ومبلغ ما تعانيه النساء منها ، وهو الأمر الذي كان يشغل بال الحركة النسائية بضرورة توفير الحماية للمـــــــــرأة من العنف الأسرى وكيفية اتخاذ تدابير عاجلة مستعجلة لحماية النساء ضحايا العنف الحماية ، وتمكين جمعيات المساندة ، والمراكز الخاصة باستقبال النساء ضحايا العنف من أداء دورها في تقديم الدعم المطلوب للضحايا.
ويمكن الإشارة هنا إلى الدراسة التي أعدها مركز البحرين للدراسات والبحوث حول العنف ضد المرأة ، إذ أظهرت هذه الدراسة أن الزوج هو أكثر الممارسين للعنف  في مختلف مستويات الدخل حيث تزداد احتمالات ممارسة العنف كلما قل مستوى دخل الأسرة ، وأكد الدراسة أن غالبية العينة محل البحث يؤكدون وجود ظاهرة عنف ضد المرأة في مملكة البحرين إذ بلغت 95% من مجموع العينة ، ويمكن لمجلس النواب الرجوع لهذه الدراسة للتدليل على وجود العنف في مجتمعنا كظاهرة .

3-أن غياب النص القانوني الذي يجرم العنف الأسرى ويحمي الضحايا يؤدي إلي اتساعه : تبين أن غياب النص القانوني الذي يجرم العنف الأسرى يؤدي إلي اتساعه.وانه بحجة الحفاظ على الأسرة من التفكك والانهيار وباسم الشأن الداخلي للأسرة وكيانها المستقل يتم التجاهل هذه الظاهرة .بل بلغ أحياناً حد اعتبار العنف بأنه شرعي . وبالرغم من القناعة بأن القانون ليس كافياً وحده لتغيير السلوك الإنساني ، بل لابد  من أعماله في الممارسة العملية وأن تتضافر عوامل أخرى متعددة من اجل أصدارة فإن كافة محاولات التصدي للعنف الأسرى لا يمكن لها أن تنجح إذا لم يصاحبها بناء قانوني يقوم على المساواة ويشمل جميع الجوانب 
 فالقانون هو تعبيرا عن البنى الثقافية المجتمعية السائدة ،  يمكنه أن يلعب دوراً حاسماً في إدخال التغييرات على هذه البنى.بتحويل الفعل العنيف الذي يتم ارتكابه داخل الأسرة إلى عمل مُجرّم ، من شأنه أن يؤدى تدريجياً إلى ازدراء هذا الفعل ، ونبذه اجتماعياً بدلاً من تقبله واحتضانه داخل المنظومة الثقافية الاجتماعية.
إن التسامح مع العنف داخل الأسرة ، وتبريره ، والتواطؤ معه لم يتوقف فقط عند حد الإنكار القانوني لتجريمه ، وإنما ترادف معه أيضاً موقف مؤسسات الدولة والمجتمع غير المتعاطف وغير المساند من المرأة المعنفة  فالشرطة كثيراً ما تتخذ موقفاً منحازاً ضدها إذا ما حاولت التقدم بشكواها وتحرير محضر بواقعة العنف.

4- ما شهده مجتمعنا منذ المشروع الإصلاحي وما نص عليه ميثاق العمل الوطني ودستور البحرين ، وأحكام الشريعة الإسلامية ، والاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها البحرين يتطلب الانتقال إلى خطوة أكثر إيجابية بصدور قانون يجرم العنف :لقد شهد مجتمعنا منذ المشروع الإصلاحي وعلى وجه خاص عند الجمعيات النسائية  نشاطا ملحوظا فقادت بعضها حملات مناهضة للعنف تستهدف مساندة المرأة المعنفة وحمايتها وقد تطورت هذه الحملات إلى الحد الذي أصبح من الضروري معه الانتقال إلى خطوة أكثر إيجابية في هذا المجال.. من أجل تغيير المعادلة القائمة والناظمة لعلاقة المرأة بالمجتمع ، وتوفير أرضية قانونية أكثر عدلاً وتوائماً مع المبادئ والمعايير الأساسية لحقوق الإنسان ،بل وأكثر اتساقاً مع الدستور فيما يكفله من حقوق وواجبات متساوية لجميع مواطني المجتمع بغض النظر عن الجنس ..لكي يمكن للمرأة أن تستعيد ثقتها بنفسها كمواطنة كاملة الأهلية تؤدى واجباتها المفترضة ، وتنال حقوقها كاملة.

أن ميثاق العمل الوطني  دستور البحرين ، وأحكام الشريعة الإسلامية ، والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها البحرين تقر جميعها بوجوب ضمان تمتع النساء والأطفال وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة وأي إنسان بحماية تامة وفعالة لحقوقهم الإنسانية وكرامتهم وأمنهم وحريتهم وسلامتهم البدنية والنفسية ولما كان البحرينيون رجالاً ونساءً متساوون في الحقوق لا تمييز بينهم بسبب الجنس حسب حكم المادة 18 من الدستور فان وجود العنف الأسري هو أحد مظاهر الاختلال التي تحرم مثل هؤلاء من حقوقهم كم أنه أحد تحديات التنمية والتحديث والإصلاح المتوازن المنشود على المستوى الاجتماعي وحتى على المستوى الاقتصادي والسياسي والثقافي ، ولذا لا بد من التصدي لإصلاح هذا الخلل ومواجهة هذا التحدي ، ولا بد من تبنى سياسات وتدابير وخدمات متنوعة مناسبة ، ومن أهم المجالات هو ضرورة وضع قانون خاص للحماية من العنف الأسري . وان ما يدعو الاتحاد النسائي إلى الاعتزاز هو أن هذا القانون موجود الآن تحت بصر أعضاء مجلس النواب لمناقشته وإقراره . غير انه بصيغته الحالية لا يحقق حماية فعلية من العنف الأسرى .
 
الاتحاد النسائي يضع مشروعا كاملا ليس لمواجهة العنف ضد المرأة ومعاقبة الجاني فحسب بل لحماية الضحية

  أوضح الاتحاد النسائي ملاحظاته على القانون اشتملت على تسمية  القانون وتعريف العنف الأسري وأشكاله  وأشار إلى أن مشروع القانون تضمن عقوبات دون تدابير تحمي الضحية ، وبين انه على الرغم من أهمية آليات تقديم البلاغ للضحايا ولمراكز تقديم المساعدة ، فان مشروع القانون لا ينص عليها ، وعلى الرغم من ضرورة أن يشمل حق تقديم البلاغ لمراكز المساعدة وللقائمين على تقديم الخدمات الطبية غير أن مشروع القانون يكتف بحق الضحية دون سواها ، وعليه فأن الاتحاد لمعالجة هذا النقص في مشروع القانون أضاف لمشروع القانون مواد  تحت مسمى آليات تقديم البلاغ ، وأشار الاتحاد في ملاحظاته أن مشروع القانون جاء خاليا من النص على أهم الإجراءات القضائية مثل الأمر الاحترازي الغيابي وأمر الحماية ، وأن النص عليها يشكل ضمانة أكيدة لحماية الضحايا من العنف ، لذلك أكد الاتحاد النسائي على أهمية أن يشتمل مشروع القانون على إجراءات الدعوى الجنائية ووضع عدة أحكام تتعلق بها ، كما أقترح الاتحاد ضرورة النص في مشروع القانون أن تقدم الدولة الخدمات العاجلة  لضحايا العنف الأسري وأن توفر الدولة برامج تدريبية متخصصة للموظفين المكلفين بإنفاذ القانون تهدف إلى إحاطتهم علماً بقضايا العنف الأسري .
 
تعديل قانون العقوبات لا يصلح أن يكون بديلا عن إصدار القانون

وللمزيد من التفصيل يمكن للقارىء الكريم الرجوع لملاحظات الاتحاد النسائي المرسلة لمجلس النواب التي اشتملت على مشروع كامل ليس لمواجهة العنف ضد المرأة فحسب بل لحماية الضحية وعلاجها .والتي يتعذر من الناحية الشكلية أضافتها لقانون العقوبات ، وبهذا المعنى فأن رد الحكومة على لجنة السيداو  ( أن جرائم العنف الأسري تصنف تحت قانون العقوبات الحالي، وأن هناك توجهاً من السلطة التشريعية لتعديل أحكام هذا القانون.أما عن وسائل الانتصاف القانوني، فمن الممكن أن يلجأ ضحايا العنف الأسري للشرطة أو للمؤسسات المعنية بالمرأة، كما هو حاصل في معظم الدول العربية) . لا طائل منه ، فجرائم العنف ضد المرأة وحمايتها منه ، ولجؤ الضحايا للشرطة أو للمؤسسات المعنية بالمرأة لن يفي به تعديل قانون العقوبات ، بل تحتاج إلى تنظيم خاص أي استمرار السلطة التشريعية في مناقشة وإقرار مشروع القانون من النقطة التي انتهى إليها مع الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات التي تقدم بها الاتحاد النسائي .
 وانه على الرغم من أهمية وجود اللجنة الوطنية لمكافحة العنف الأسرى المنصوص عليها في الباب الثاني من مشروع القانون رغم ما شابها من نقص أكدنا على ضرورة تجاوزها في ملاحظات التي سبق وان تقدمنا بها حين كان القانون اقتراحا ، وعلى الرغم من أهمية العقوبات الواردة في الباب الرابع من هذا المشروع  ، ومن صحة بعض الملاحظات التي أبدتها دائرة الشئون القانونية على الاقتراح بقانون غير أن الاتحاد النسائي يرى  أن يشتمل مشروع القانون على  الأحكام الجديدة التي أشار إليها سلفا ضرورة لازمة وهامة لتوفير حماية قانونية حقيقية لمكافحة العنف الأسرى ، ويسد النقص الذي شاب مشروع القانون ، ويتجاوز ملاحظات دائرة الشئون القانونية ، ويحقق الهدف من سن مثل هذا القانون . 
  
 


ثالثـاً:  التقرير الرسمي وحق مساواة المرأة بالرجل في اكتساب الجنسية 


ما جاء في التقرير بشأن هذا الحق

 يستعرض التقرير الرسمي حق مساواة المرأة بالرجل في اكتساب الجنسية في الفقرات من 157 إلى 167 تعليقا على  المادة (9) من اتفاقية السيداو  التي نصت على إنه :1- تمنح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل في اكتساب جنسيتها أو الاحتفاظ بها أو تغييرها، وتضمن بوجه خاص إلا يترتب على الزواج من أجنبي أو تغيير جنسية الزوج أثناء الزواج، أن تتغير تلقائيا جنسية الزوجة، أو أن تصبح بلا جنسية أو أن تفرض عليها جنسية الزوج 2- تمنح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها.
 وقد أكد التقرير على أن دستور المملكة في المواد 18 ، 17 ،31 ، قد كرس مبدأ المساواة بين المرأة والمرأة في اكتساب الجنسية البحرينية ، وصل إلى النتائج التالية :
 
النتائج التي وصل إليها التقرير

 أن ( المرأة البحرينية تتمتع بحق مساوٍ تماماً للرجل البحريني في اكتساب الجنسية البحرينية، حيث لا يترتب على زواج البحرينية من أجنبي أو تغيير جنسية الزوج أثناء الزواج أن تتغير جنسيتها أو أن تفقدها وتصبح بلا جنسية أو أن تفرض عليها جنسية الزوج الفقرة 159 ) .
 
و( تتمتع المرأة في البحرين بشكل متساوي مع الرجل بحقها في الاحتفاظ بالجنسية البحرينية أو اكتساب غيرها، ولا تتأثر جنسية المرأة البحرينية بسبب زواجها من رجل أجنبي، فالقاعدة أنها تحتفظ بجنسيتها البحرينية ولا تفقدها إلا إذا اكتسبت جنسية زوجها الأجنبي، إلا أنه يمكنها استعادة جنسيتها البحرينية من جديد بعد انتهاء الزوجية إذا أعلنت رغبتها في ذلك أي بمجرد إعلانها لرغبتها في استعادة جنسيتها البحرينية وعادت للإقامة في المملكة. الفقرة 160)
 
و ( أن المرأة البحرينية تستطيع الحصول على جواز السفر ومغادرة البلاد بدون موافقة زوجها أو ولي أمرها فالجواز هو وثيقة هوية يمكن للمرأة الحصول عليها بصورة مستقلة، ولها المغادرة بدون أي إذن من زوجها أو ولي أمرها.الفقرة 161 ) .


التقرير الرسمي  أغفل وجود  مشروع قانون بتعديل بعض أحكام الجنسية

لا خلاف حول ما أورده تقرير حكومة البحرين المتعلق بالسيداو بشأن أحكام الدستور التي كرست بالفعل مبدأ المساواة بين الجنسين في اكتساب الجنسية ، غير أن التقرير حين أشار في الفقرة 165 بضرورة حصول ( تطابق تام بين التشريع البحريني والاتفاقية ) اكتفى بالقول بأن ( هناك اقتراح بمنح حق الدم من جهة الأم، إلا أن المناقشات مازالت تدور حول هذا الاقتراح في المجلس الوطني.) وفي الفقرة 167 بأن ( وزارة الداخلية تعد مسودة مشروع قانون لكي يقدم إلى المجلس الوطني لغرض إقراره وفق الآليات الدستورية، وبصدور هذا القانون نأمل أن يتم القضاء على حالات التمييز ضد المرأة في مجال الجنسية ) .
 
  وهو ما يكشف أن التقرير قد أغفل وجود مشروع قانون أعدته الحكومة لتعديل بعض أحكام  قانون الجنسية لسنة 1963م  معروض على مجلس النواب ، وان هذا المشروع قد تم عرضه من قبل المجلس على الحملة الوطنية المعنية بحق الجنسية لأبناء المرأة البحرينية بموجب الكتاب الصادر من سعادة رئيس مجلس النواب  رقم ف2/د1/1475/2007 م المؤرخ في 21 مارس 2007 ، تضمن رغبة اللجنة المشتركة المكونة من لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني ولجنة الشئون التشريعية والقانونية بالمجلس معرفة مرئيات وملاحظات الحملة الوطنية
.

الحملة الوطنية المعنية بحق الجنسية لأبناء المرأة البحرينية
قدمت ملاحظاتها على القانون لمجلس النواب


وقد قدمت الحملة الوطنية ملاحظاتها لسعادة رئيس مجلس النواب ردا على كتاب سعادته أكدت فيها على أن التعديلات المقترحة على القانون مازالت تكرس التمييز ضد المرأة في اكتساب الجنسية والاحتفاظ بها وتخالف أحكام الدستور والمواثيق الدولية وعلى وجه خاص اتفاقية السيداو ، وان أبرزها يتمثل :
 
في التفرقة في اكتساب الجنسية ما بين أبناء البحرينية المتزوجة من أجنبي وأبناء الأب البحريني المتزوج من أجنبية ،  إذ وفقا لنص المادة ( 4 ) من القانون والمستبدلة بموجب المرسوم بقانون رقم 12 لسنة 1989 يتبين أن المشرع قد ميز بين الرجل والمرأة في مجال حق الجنسية فهو يقرر الجنسية لمن يولد لأب بحريني متزوج من أجنبية دون قيد أو شرط ، أما من يولد لأم بحرينية ولأب معلوم الجنسية فأنه لا يكتسب الجنسية إلا إذا كان أبوه مجهولا ، أو لم تثبت نسبته إليه قانونيا ، بل أن التعديلات التي تمت على هذه المادة بموجب المرسوم بقانون رقم  12 لسنة 1989  قد ألغت حالة حصول من يولد لأم بحرينية على الجنسية إذا كان أبوه لا جنسية له .
 
في حكم المادة السابعة الفقرة الثالثة من القانون  فالتمييز ضد المرأة في قانون الجنسية يمتد لحكم المادة السابعة الفقرة الثالثة من القانون ، إذ على الرغم أن تعديل الحكومة لهذه المادة قد أستثنى  المرأة البحرينية  التي يتم إدخالها في جنسية زوجها الخليجي من فقد جنسيتها البحرينية أي أجاز لها هنا ازدواج الجنسية وهو أمر محمود ، إلا انه أبقى على أساس النص بفقد المرأة البحرينية التي تتزوج من أجنبي  لجنسيتها إذا أدخلت في جنسية زوجها ،  وهذا النص يتعارض بوضوح مع نص المادة 9 فقرة 1 من اتفاقية القضاء على كافة إشكال التمييز ضد المرأة والتي تقضي بضرورة أن تمنح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل في اكتساب الجنسية أو الاحتفاظ بها أو تغييرها ، وأن لا يترتب على الزواج من أجنبي أو تغير جنسية الزوج أثناء الزواج ، أن تتغير تلقائيا جنسية الزوجة أو أن تصبح بلا جنسية أو أن تفرض عليها جنسية الزوج .
 
التعديلات المقترحة لا تجد فيها على الإطلاق المساواة التي تتحدث عنها أن ديباجة مشروع تعديل القانون إذ نصت على إنه ( انطلاقا من حرص حكومة البحرين على تحقيق المساواة بين أفراد المجتمع ، رجالا ونساءً ، في مجال التمتع بالجنسية البحرينية ، وألا يكون هناك فرق بين المرأة البحرينية المتزوجة من أجنبي وبين البحريني المتزوج من أجنبية وأبنائهما فقد وافقت الحكومة على تعديل قانون الجنسية البحرينية لسنة 1963 ) ، غير أنه بقراءة هذه التعديلات لا تجد فيها على الإطلاق مثل هذه المساواة التي تتحدث عنها الديباجة وان التمييز بين المرأة البحرينية المتزوجة من أجنبي وبين البحريني المتزوج من أجنبية وأبنائهما ظل كما هو في أصل القانون دون تغيير  وأن كل ما اشتمل عليه مشروع القانون هو:
 
مساواة من يولد في البحرين و بمن يولد في دول مجلس التعاون وكان أبوه بحريينا عند تلك الولادة  في الحصول الجنسية دون أن يشمل ذلك من يولد لام بحرينية . (م 4/أ ) .
أبقاء التعديلات على النص الأصلي المتعلق بحالات حق من يولد لأم بحرينية في الحصول على الجنسية دون تغيير وهي : إذا كان مجهول الأب ، إذا لم تثبت نسبته لأبيه قانونا ، وإذا كان أبوه عديم الجنسية ( علماُ بأن هذه الحالة الأخيرة كان تعديل سنة 1989 قد إلغاها ) .
أن  تعديلات الحكومة المقترحة على قانون الجنسية لا تضيف شيئا جديدا يمنع التمييز ضد المرأة  بل تتجاهل حق أبناء البحرينية المتزوجة من غير البحريني  في الحصول على الجنسية البحرينية ، وهي بذلك تظل تكرس تمييزا ضد المرأة البحرينية ، وتخل بحقها في المواطنة الكاملة وتحرم أطفالها من اكتساب الجنسية في تعارض واضح مع أحكام الدستور والمواثيق الدولية .
 
أن السلطة التقديرية لجلالة الملك واقتراحات المجلس الأعلى للمرأة لا تحل مشكلة التمييز ضد المرأة في اكتساب أبناءها الجنسية وأن الحملة الوطنية نقدر جهود لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس النواب حين عرض عليها مشروع قانون تعديل الجنسية واستماعها لرأي الحملة الوطنية بهذا الخصوص، وتثمن مسعى المجلس الأعلى للمرأة بتوجيه من الديوان الملكي بمنح أبناء المرأة البحرينية المتزوجة من أجنبي حق الحصول على الجنسية البحرينية ، وتحترم السلطة التقديرية  لجلالة الملك في منح هذه الجنسية .
 
. أن النص المقترح المقدم من المجلس الأعلى للمرأة الذي يقضى (أن للمك حق منح أبناء المرأة البحرينية المتزوجة من أجنبي الجنسية البحرينية طالما أعلنت رغبتها في حصول أبنائها على الجنسية وأن تكون الإقامة مشروعة في البحرين وأن تكون مستمرة مدة لا تقل عن خمس سنوات، كما اشترطت المادة موافقة الأب على الجنسية ويستثنى من طلب هذه الموافقة حالة أبناء المرأة المطلقة والأرملة أو في حالة فقدان الأب، ويكون للأبناء حال بلوغهم سن الرشد الخيار بين الاحتفاظ بالجنسية البحرينية أو التنازل عنها ) لا يحل مشكلة أبناء البحرينية المتزوجة من أجنبي في الحصول على الجنسية .
 
أن هذا النص على أهميته فهو يندرج ضمن البحرينيين بالتجنس ، ويجعل من جنسية أبناء البحرينية منحة وليس حق أصيل يكتسبونها من جنسية والداتهم ، وهنا مصدر التمييز بين الرجل والمرأة في مجال حق الجنسية فالقانون بما صاحبه من مقترحات بالتعديل  يقرر الجنسية لمن يولد لأب بحريني متزوج من أجنبية دون قيد أو شرط ، أما من يولد لأم بحرينية فأنه لا يكتسب الجنسية  طبقا لمقترح المجلس الأعلى إلا إذا منحت له من جلالة الملك وتوافرت فيه الشروط التي أوردها المقترح   .
 
 أن هذا النص رغم انه أفضل بكثير من النص القائم ، إلا انه لا يختلف كثيرا عما نصت عليه المادة 6 البند 3 من مشروع بتعديل قانون الجنسية التي تجيز لجلالة الملك منح الجنسية البحرينية دون التقيد بأحكام هذه المادة ، أي دون أية شروط . وانه رغم ايجابيته إلا انه يظل ينافي مقتضيات العدالة في المساواة بين الأفراد في الحقوق والواجبات ويتعارض مع المعايير الدولية.
 
أن المقترح المقدم من المجلس الأعلى للمرأة بتاريخ 21 مايو 2005 لسعادة رئيس مجلس النواب  والذي يقضي بما يلي  🙁 المادة الرابعة : يعتبر بحرينيا من ولد لأب أو لأم بحرينية على أن يشترط لاعتبار الأبناء لأم بحرينية بحرينيين ما يلي :أن يكون للأبناء إقامة في البحرين .موافقة الأب على منح الجنسية للأبناء ويستثنى من تطلب هذه الموافقة حالة أبناء المرأة المطلقة أو في حالة وفاة الأب أو فقده .يكون للأبناء حال بلوغهم سن الرشد 21 عاما الخيار بين الاحتفاظ بالجنسية البحرينية أو التنازل عنها . ويكون اكتساب الأبناء للجنسية البحرينية بناء على طلب يقدم للجهة المختصة ( لجنة فصل المنازعات ) بوزارة الداخلية .) يأتي أكثر انسجاما وواقعية من المقترح السابق الإشارة إليه ، ذلك انه رغم الاشتراطات الثلاثة التي وضعها إلا انه لا يربط منح الجنسية بسلطة تقديرية لجلالة الملك ، بل يعتبر حق أبناء البحرينية في الحصول على جنسيتها حق أصيل ضمن المادة الرابعة المتعلقة (بالبحرينيين بالسلالة ) . وهو يأتي أكثر قربا بما نص عليه الدستور والمواثيق والاتفاقات الدولية .)).
 
اقتراح الظهراني هو أفضل الاقتراحات :  أن الاقتراح بقانون بشأن تعديل المادة (4) من قانون الجنسية المقدم بتاريخ 5 فبراير 2007 من صاحب المعالي السيد خليفة بن أحمد الظهراني رئيس المجلس ، من أكثر الاقتراحات  في هذا الشأن انسجاما مع مطلب الحملة الوطنية ، وقد أصاب الحقيقة ولامس معاناة الكثير من أبناء الوطن إذ جاء هذا التعديل على نحو يتفق تماما مع التعديل المقترح من قبل الحملة الوطنية إذ نص على انه ( يعتبر بحرينيا كل من ولد في البحرين أو خارجها وكان أحد أبويه بحرينيا عند تلك الولادة ) .
 
 أن الحملة الوطنية حول حق الجنسية لأبناء المرأة البحرينية  تناشد اللجنة المشتركة المعروض عليها مشروع القانون بتعديل قانون الجنسية أن تضيف إليه اقتراح سعادة رئيس المجلس المشار إليه  .وتؤكد بأنه لا بديل لرفع التمييز عن المرأة إلا بالنص على حق أبناء البحرينية في الحصول على جنسيتها باعتباره حق أصيل ضمن المادة الرابعة المتعلقة (بالبحرينيين بالسلالة ) ، وهو ما يتفق تماما مع أحكام اتفاقية السيداو بهذا الشأن .
 
التقرير الرسمي ينتقص  جهود المجلس الوطني والحملة الوطنية

ذلك هو الوصف المتقدم الشامل لمشروع تعديل قانون الجنسية ، والاقتراحات المقدمة الذي تقدمت به الحملة الوطنية المعنية بحق الجنسية لأبناء المرأة البحرينية ، وقد أغفلها التقرير الرسمي وهي كلها وقائع هامة وضرورية ، إذ لا يكفي على الإطلاق القول ( أن المناقشات مازالت تدور حول هذا الاقتراح في المجلس الوطني.) أو أن وزارة الداخلية تعمل على إعداد مسودة مشروع ).
 
   فهذا القول على أهميته جاء ناقصا منتقصا من الجهود التي بذلها المجلس الوطني بغرفتيه ولجانه في مناقشة مشروع القانون والاقتراحات بقانون المقدمة من بعض أعضاء المجلسين وعلى وجه خاص الاقتراح بقانون المقدم من سعادة رئيس مجلس النواب  ، كما جاء ناسيا أو متناسيا الجهود الكبيرة ما قامت به الحملة الوطنية المعنية بحق الجنسية لأبناء المرأة البحرينية على النحو السالف بيانه ، ومن ثم فأنه لا غرابة من الطلب  الذي وجهته لجنة السيداو تعليقا على تقرير حكومة البحرين (  أن تقدم وصفا للوضع الحالي لمشروع القانون الذي تعده وزارة الداخلية للقضاء على حالات التمييز ضد المرأة فيما يتعلق بالجنسية، وان تقدم وصفا مفصل لمضمونه، وبيان ما إذا كانت ستمنح الجنسية إلى أبناء النساء البحرينيات المتزوجات من أجانب.)
 

الرد على طلب لجنة السيداو
هل هو عدم فهم أم التفاف عليه !!


   أن ما زاد الطين بله في تجاهل التقرير الرسمي للوقائع القائمة هو رد الحكومة على طلب لجنة السيداو بضرورة أن تقدم وصفا مفصلا لمشروع القانون وبيان ما إذا كانت ستمنح الجنسية إلى أبناء النساء البحرينيات المتزوجات من أجانب ، إذ ردت الحكومة  بالقول (أن المشروع لم يتم إقراره بعد، ومازال أبناء البحرينية المتزوجة بغير بحريني لا يتمتعون بالجنسية البحرينية إلا إذا توافرت فيهم شروط منح الجنسية بحسب أحكام القانون النافذ، وذلك على الرغم من الجهود المبذولة من جانب المجلس الأعلى في هذا الشأن( .
 
فهذا القول إما إنه يتجاهل جوهر طلب لجنة السيداو ، أوانه لم يفهم مضمونه ، أو هو محاولة للالتفاف عليه ،  فمضمون الطلب هو أن تقدم البحرين وصفا لمشروع القانون ومفصل لمضمونه سواء أقر هذا المشروع أم لم يقر ، وان تبين حكومة البحرين موقفها من منح الجنسية إلى أبناء النساء البحرينيات المتزوجات من أجانب .لا أن تكرر وقائع معروفة سبق وأن ذكرتها في التقرير .
 
  لقد كان يتعين على التقرير الرسمي في أصله و في رده  على طلب لجنة السيداو المشار إليه أن يستعرض كل الوقائع التي أشرنا إليها بشان مشروع تعديل قانون الجنسية والاقتراحات بقانون المتعلقة به ، وأن يقدم وصفا مفصلا لها ، وان لا يزج نفسه بالقول بأن وزارة الداخلية تعد مشروع قانون جديد ، فرفع التمييز ضد المرأة فيما يتعلق بجنسية أبنائها لا يحتاج لمثل هذا المشروع ، إذ يكفي دعم رسمي لاقتراح سعادة رئيس مجلس النواب المشار إليه .
 
   كما أن رد الحكومة على هذا الطلب حين اشتمل على القول بأنه (على الرغم من عدم تعديل القانون، إلا أن الحكومة قامت بتوجيهات من جلالة الملك، بمنح الجنسية لأولاد البحرينيات المتزوجات من أجانب بحسب الصلاحيات القانونية الممنوحة للملك، وبتعميم الخدمات التعليمية على أبناء البحرينية المتزوجة من أجنبي فهذا القول ) على أهميته فهو يندرج ضمن البحرينيين بالتجنس ، ويجعل من جنسية أبناء البحرينية منحة وليس حق أصيل يكتسبونها من جنسية والداتهم ، وهنا مصدر التمييز بين الرجل والمرأة في مجال حق الجنسية ، وهو قول لا علاقة له بمضمون وجوهر طلب لجنة السيداو .
 
خلاصة القول أن تقرير حكومة البحرين بشأن الجنسية رغم إقراره بوجود التمييز ضد المرأة في مجال الجنسية ،  فقد تجنب الإقرار بضرورة أن يشتمل مشروع تعديل القانون على منح الجنسية  إلى أبناء النساء البحرينيات المتزوجات من أجانب .وضرورة رفع التحفظ عن المادة (9) فقرة (2) من اتفاقية السيداو


 

رابعاً:  تقرير حكومة البحرين بشأن اتفاقية  السيداو وقانون أحكام الأسرة
 

 استعراض إيجابي  للجهود الرسمية والأهلية لإصدار القانون

   استعرض التقرير الرسمي بشأن اتفاقية السيداو بشكل إيجابي موقف حكومة البحرين من إصدار قانون الأحكام الأسرية وأكد في نهاية الفقرة  323 على ( أن عدم وجود قانون للأحوال الشخصية قد ساهم في عدم تناسق الأحكام الصادرة من المحاكم الشرعية. ) وأعتبر أن  (مطلب تقنين أحكام الأسرة من أهم مطالب كافة المؤسسات الرسمية والأهلية.) واستعرض أيضا بشكل إيجابي في الفقرة 324 الجهود الرسمية والأهلية لإصدار مثل هذا القانون .
 
مشروع القانون  لم تتم إحالته للسلطة التشريعية

   غير أن هذه الايجابية تظل ناقصة ومشوبة بعدم الدقة  حين أشار في الفقرة 325 إلى أن الحكومة ( قد أحالت  مشروع قانون للأحكام الأسرية إلى السلطة التشريعية بهدف إقراره، إلا أن المعارضة الدينية حالت دون النظر فيه وتبنيه.) .
 وتتمثل عدم دقة التقرير الرسمي في أن الحكومة لم تحيل بمفهوم الأحالة المنصوص عليه في الدستور مثل هذا المشروع  إلى السلطة التشريعية لا في الفصل التشريعي المنصرم ولا في ادوار الانعقاد الماضية من الفصل التشريعي الحالي ، ومن ثم لم نجد داخل السلطة التشريعية من المعارضة الدينية قد حال دون النظر فيه وتبنيه ، إذ لا يشترط  الدستور أو اللائحة الداخلية حتى تحيل الحكومة مشروع القانون أن يتبناه أحد فعرض أي مشروع قانون من قبل الحكومة يخضع عادة للإجراءات والأحكام المنصوص عليها في الدستور ، يخضع للمناقشة والتصويت ويحال اللجان المختصة ، ويقر من مجلس النواب ويحال  لمجلس الشورى وهو لم يحدث على الإطلاق ، وربما كان التقرير الرسمي قد خانته تسجيل الواقعة وأراد أن يقول أن الحكومة أعدت مشروع القانون لكن  المعارضة الدينية حالت دون عرضه على السلطة التشريعية ، لذلك لم يكن مستغربا أن تسجل لجنة السيداو في تعليقها على تقرير حكومة البحرين في هذا الشأن ( بأنه وفقاً للفقرة 325 من تقرير البحرين، فإن الحكومة أحالت مشروع قانون الأحكام الأسرية إلى السلطة التشريعية بهدف إقراره، بينما أشارت الفقرة 130 من التقرير إلى أن إقرار ذلك القانون سيخفف من العنف الأسري والعنف ضد المرأة ) وعليه طالبت اللجنة البحرين ( بتقديم معلومات عن الوضع الحالي لذلك القانون وعن الإطار الزمني لإقراره ) .
 
رد الحكومة  بشأن الوضع الحالي  لمشروع القانون  ناقصا بعيدا عن المضمون

ردت البحرين ( أنه تم بذل العديد من الجهود من قبل الجهات الرسمية ممثلة بالمجلس الأعلى للمرأة والجهات الأهلية ممثلة بالجمعيات المهتمة بأمور المرأة لإبراز أهمية إصدار هذا القانون والتوعية به، وأن مسألة إصدار قانون للأحكام الأسرية تحتاج إلى توافق مجتمعي، بحسب ما جاء في تعهدات مملكة البحرين أمام مجلس حقوق الإنسان) .


فهل جاء هذا الجواب وافيا لطلب اللجنة ؟


 هل يحتاج القانون بالفعل لتوافق مجتمعي ؟ وان صح ذلك كيف نفهم هذا التوافق ؟

واضح أن رد الحكومة على طلب لجنة السيداو جاء بعيد عن مضمونه ، فكرر ما سبق وأن جاء في أصل التقرير ، فالطلب لا يتعلق بالجهود التي بذلت لإبراز أهمية إصداره ، فهذه الجهود رسمية أم أهلية واضحة للعيان تحدث عنها التقرير بإسهاب ، كما انه لا يتعلق فيما إذا كان القانون يحتاج إلى توافق مجتمعي من عدمه ، بل أنه يتعلق بمشروع القانون ووضعه الحالي والإطار الزمني لإقراره  فكان على الحكومة طالما أنها أقرت بأنها  قد أحالت مشروع القانون للسلطة التشريعية ، أن تشير في ردها على طلب لجنة السيداو إلى الوقائع المتعلقة بهذه الإحالة وتاريخها ، وتشير إلى مضمون الإحكام التي أشتمل عليها والإطار الزمني لإقراره ، ما هي أوجه اعتراضات المعارضة الدينية ، والموقف الرسمي منها ، لا أن تكتفي بالقول في اختصار أن(مسألة إصدار قانون للأحكام الأسرية تحتاج إلى توافق مجتمعي، بحسب ما جاء في تعهدات مملكة البحرين أمام مجلس حقوق الإنسان) . أو القول ( أن المعارضة الدينية حالت دون النظر فيه وتبنيه.) . 

  كيف نفهم التوافق الاجتماعي  على إصدار القانون

نعم نتفق على ضرورة التوافق المجتمعي في إصدار قانون الإحكام الأسرية ، شانه شأن أي قانون آخر أذ يحتاج القانون إلي وجود تشريعي أي لابد أن يعبر القانون عن مصالح الناس الحقيقية ، كما يحتاج القانون إلى فاعلية تشريعية أي اقتناع الناس بان تطبيق القانون شرط لازم لحسن سير حياتهم الاجتماعية وضبط علاقاتهم .             
غير أن هذا التوافق الاجتماعي على إصدار قانون قد طال انتظاره منذ ثمانينيات القرن الماضي ، وان هذا الانتظار لم يكن على حساب حقوق المرأة فحسب ، بل على حساب الرجل ، والقضاء والمحامون والمجتمع .


ومع ذلك فأن التوافق الاجتماعي إذا أريد له أن يتحقق في الوقت الراهن  فان لابد مما يلي :


ضرورة قراءة مشروع القانون

أن يسعى المعارضون لإصدار قانون الأحكام الأسرية  أو الموافقون على ذلك بضمانة دستورية لقراءة  أحكام مواد القانون المقترحة فأن وجدوا فيه نصا مخالفا للشريعة أن يجادلوا  من اقترحه بالتي هي أحسن وان يطرحوا نصا بديلا عنه ، فأن في ذلك أفضل من كل هذا الضجيج المضاد لمصلحة العباد ، فالتوافق الاجتماعي لا يتحقق بما يردده دعاة الضمانة الدستورية   من قول ( بان هذا القانون لو مرر فلا عودة عنه إلا بالدماء وقد لا تفيد الدماء الغزيرة ) .فهذا القول على ما فيه من حرص على شريعة الإسلام من العبث فهو غير مقبول من العامة من الناس في ظل وجود القنوات التشريعية والقانونية وذوي الاختصاص الشرعي التي لها أن تقرر قبول القانون أو رفضه أو تعديله .
أن التوافق الاجتماعي يعني أن يدرك هؤلاء المعارضون أي  كانت الحجج التي يستندون عليها أهمية إصدار قانون للأحكام الأسرية وانه ليس في مجتمعنا البحريني الإسلامي من يريد إصداره بأحكام  مخالفة للشريعة الإسلامية ، ويعني أيضا يحترم الكافة بما فيهم  الدولة أحكام الدستور والقوانين المعمول بها وأن اعترتها عيوب عدة ، وأحكام الاتفاقيات الدولية وأن تم التحفظ على بعض موادها . 
  
السلطة التشريعية هي المختصة  في إصدار القانون

  أن يفهم دعاة الضمانة الدستورية أنه لا يصح التمسك لإصدار هذا القانون ابتداء وعند أي تعديل ولو طفيف بموافقة المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف ، لا بموافقة المؤسسة التشريعية الوضعية ذلك أن لأنه :
 ليس في دساتير الدول الإسلامية التي قننت الأحوال الشخصية نصا يقضي بمثل تلك الضمانة ، بل لم نجد في الفقه الدستوري على الإطلاق ما يقرره لمؤسسة هي خارج السلطة التشريعية سواء كانت هذه  المؤسسة داخل إقليم الدولة أم خارجه وسواء كانت مرجعية دينية  لها مكانتها الروحية أم  مؤسسة أخرى من مؤسسات المجتمع المدني بما فيها المؤسسات الداعية لإصدار هذا القانون أن تقرر شرعية  القوانين أو تعدل فيها .
 أن الإقرار بذلك والنص عليه دستوريا أو قانونيا  لا يعني فقط تجاوزاً لاختصاصات السلطة التشريعية المتعارف عليها بل انتقاصا من سيادة الدولة ، نعم أن للمرجعية العليا في النجف الأشرف مكانتها الدينية والروحية ، ولها أن تعطي رأيا في شرعية هذا القانون أو ذاك للعامة من الناس ، وهي بذلك تخلق  قوة مجتمعية ضاغطة على السلطة التشريعية ، لكنه لا يصح ولا يجوز اشتراط موافقة هذه المرجعية على شرعية القانون كي يصدر هذا القانون ويصبح نافداً  فهي أولا : خارج إقليم الدولة وثانيا : ليست لها تمثيل في السلطة التشريعية  وثالثا : أن موافقة المرجعية على شرعية القانون من عدمه ليست بالضرورة ملزمة لكل الناس ، إذ تعدد المرجعيات العليا ويتعدد الناس في الرجوع إليها تبعا لذلك . ومن ثم لا يصح أيضا وضع مادة دستورية تكفل هذا الشرط .
 
الضمانات الدستورية والقانونية متوافرة

أن حجة الضمانة الدستورية التي يركن إليها أصحابها هي حجة منهارة الأساس نأمل أن لا يكون  ظاهرها الموافقة على إصدار القانون وباطنها هو عرقلة إصداره ، يتعين على دعاتها العدول عنها والقبول من أجل التوافق الاجتماعي لإصدار القانون بما نص عليه الدستور وبما نص عليه اقتراح القانون من ضمانات عدة كفيلة بأن يكون هذا القانون شرعيا من حيث النشأة والبقاء وفي التطبيق وتتمثل ابرز هذه الضمانات فيما يلي : 
  
 حق لجان المجلس الوطني في الاستعانة بذوي الاختصاص الشرعي

  فالقانون أي كان مدني ، جنائي أم أحوال شخصية  هو تعبير عن حاجة المجتمع لتنظيم سلوك الأفراد في قواعد قانونية يعلمها الكافة وتكون ملزمة لهم ، فهناك إذن تلازم بين القانون والمجتمع ، فالمجتمع لا يقوم إلا على نظام ، والنظام لا يستوي إلا على قواعد آمرة ملزمة ، ولإقرار هذا القانون لابد من سلطة وهي طبقا لدستور مملكة البحرين  السلطة التشريعية إذ لا يصدر القانون إلا إذا  أقره المجلسان وصدق عليه الملك  ، إذ تظل هذه السلطة رغم ما تعانيه من نواقص هي المعنية باقتراح القانون ومناقشته وإقراره والتصديق عليه ، إلا انه يتعين الفهم أن القانون أيا كان المجال الذي ينظمه لا يُقر و لا يصدر هكذا دون تدقيق وتمحيص ، فهو يبدأ باقتراح ثم مناقشة وتصويت ثم تصديق حتى يصل إلى مرحلة الإصدار والنشر ، ويتخلل هذه المراحل عرض القانون على اللجنة المختصة لدراسته ، هذه اللجنة التي يحق لها طبقا للائحة الداخلية الاستعانة في أعمالها بالخبراء من خارج المجلس وهو بالضرورة يشمل المختصين بمسائل الأحوال الشخصية من قضاة وعلماء دين ومرجعية دينية  ، وأن في ذلك ردا على أولئك اللذين يرون في أعضاء المجلسين غير مختصين في الشريعة . بل أن في ذلك ضمانة  إذا قُرأت مع ضمانات أخرى  تجعل بلا ريب  من صدور القانون شرعيا وبقاءه أو تعديله لو كان هذا التعديل طفيفا  .
 
في سلطة جلالة الملك

ذلك أن قانون أحكام الأسرة حين يُقر من المجلسين فأن ذلك لا يعني نهاية المطاف إذ يحال بنص الدستور للملك للتصديق عليه ، وليس هناك  في الدستور ما يمنع جلالة الملك من الاستعانة بعلماء الدين من الطائفتين لمعرفة ما إذا كان في القانون حكم يخالف الشريعة من عدمه وذلك قبل التصديق عليه  ، بل في الدستور ما يلزمه بذلك باعتباره الحامي الأمين للدين  ولا يتصور أن يصدق الملك على قانون مثل قانون أحكام الأسرة قبل أن يطمئن على عدم مخالفته للشريعة الإسلامية وفقا لإحكام المذهبين ، ويشكل ذلك ضمانة من الضمانات الهامة والرئيسة لصدور القانون شرعيا وبقاءه كذلك يتعين عدم التقليل من شأنها . علما بأن الملك فضلا عن التزامه بما نص عليه الدستور فهو يمثل قوة مجتمعية له تأثيرها العام على المجتمع ومؤسساته الرسمية والمدنية. 
  
 في حكم المادة الثانية من الدستور

 ذلك أن الأحكام التي نص عليها الدستور والمتعلقة بالشريعة الإسلامية ، وأبرزها حكم المادة الثانية الثابتة التي حظر الدستور تعديلها وهي ( دين الدولة الإسلام ، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع ) ، تشكل ضمانة كبرى في أن ينشأ القانون شرعيا وفي أن يبقى شرعيا ، ولا ينال من هذه الضمانة ما أورده بعض من رجال الدين بأن هذه المادة لا تنص على أن الشريعة هي المصدر الوحيد للتشريع وبالتالي فإن تغييره وارد باستخدام بقية المصادر للتشريع ، ذلك أن الأخذ بهذا الرأي يؤدي إلى قفل باب الاجتهاد وعدم استخدام ما توصل إليه الفقه بما فيه الفقه الإمامي  من أحكام بواسطة العقل أو بالإجماع أو بغيرها من مصادر التشريع الأخرى في تقنين مسائل الأحوال الشخصية أو في أي مسائل أخرى ،  ولا نجد في نص المادة الثانية بصياغته القائمة أي معوق أو حاجز يحول دون الأخذ بأحكام الشريعة  الإسلامية في تقنين مسائل أحكام الأسرة ، إذ يكفي أن يتوافر في هذا  النص  – وهو متوافر فيه – وبغض النظر عما إذا كان التشريع مصدر رئيسي أو المصدر الوحيد عنصر الإلزام ، أي ما يلزم المشرع العادي ( صانع القانون ) في أن يخضع القانون لإحكام الشريعة وإلا اعتبر قد حاد عن القيام بوظيفته التشريعية .
 
في اقتراحات القانون 


 فالمادة (109) من الاقتراح الجعفري و المادة (152) من الاقتراح السني نصتا على انه ( في حال تعديل إحدى مواد القانون السابقة يجب الرجوع إلى ذوي الاختصاص الشرعي ممن يعينهم جلالة الملك) .  والمادة (155) من اقتراح لجنة علماء الشريعة الإسلامية المشكلة بالتعاون مع الإتحاد النسائي البحريني والتي نصت على ( أن لهذا القانون قوة القانون الدستوري، فلا يعدل إلاّ بالكيفية التي تعدّل بها نصوص الدستور، بعد الرجوع لذوي الاختصاص الشرعي ممن يعيّنهم جلالة الملك.) .
 كل هذه المواد تشكل ضمانة قانونية هامة وضرورية تزيل مخاوف دعاة الضمانة الدستورية من أن يعدل القانون دون الرجوع لذوي الاختصاص . 
   
ضمانات متوافقة مع اللائحة الداخلية وتعيين منسجم مع الدستور

كل هذه المواد تشكل ضمانة قانونية هامة وضرورية تزيل مخاوف دعاة الضمانة الدستورية من أن يعدل القانون دون الرجوع لذوي الاختصاص .
وهي تأتي متوافقة تماما مع ما نصت عليه اللائحة الداخلية لمجلسي النواب والشورى  التي نصت على ضرورة عرض القانون على اللجنة المختصة لدراسته وأن لهذه اللجنة الحق في الاستعانة في أعمالها بالخبراء من خارج المجلس وهو بالضرورة يشمل المختصين بمسائل الأحوال الشخصية من قضاة وعلماء دين ومرجعية دينية ، وهم حسبما حكم المواد المشار إليها في الاقتراحات الثلاثة السني والجعفري ولجنة علماء الشريعة ممن ( يعينهم جلالة الملك)، وهذا التعيين يأتي منسجما تماما  مع ما نص عليه الدستور على أن الملك هو الحامي الأمين للدين ، كما سبق وان أوضحنا .

لماذا تَعَقدَ إجراءات التعديل ؟

من اقتراح لجنة علماء الشريعة الإسلامية المشكلة بالتعاون مع الإتحاد النسائي البحريني التي أوجبت أن يكون للقانون قوة القانون الدستوري، فلا يعدل إلاّ بالكيفية التي تعدّل بها نصوص الدستور. هي إضافة لا ضرورة لها إذ يكفي النص كما جاء في الاقتراحين السني والجعفري فقط على أنه ( في حال تعديل إحدى مواد القانون السابقة يجب الرجوع إلى ذوي الاختصاص الشرعي ممن يعينهم جلالة الملك ) ، ففي ذلك ضمانة كافية لتعديل مواد القانون بالرجوع لذوي الاختصاص الشرعي وتلاحظ الدكتورة الفاضلة بدرية العوضى من دولة الكويت الشقيقة في تعليقها على ما اشتمل عليها اقتراح لجنة علماء المسلين المشار إليه بسؤالها (  لماذا تعقد إجراءات تعديل قانون الأسرة في حين يجب أن تكون إجراءات تعديل أحكامه مرنة  كما هو الحال بالنسبة إلى القوانين  عامة ، لكي يتماشى مع  تطور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع البحريني . ؟؟؟؟ ).
 
التقرير الرسمي وسن الزواج

وأوضح التقرير في الفقرة 326  فيما يتعلق   بسن الزواج بأنه ( لا يوجد في تشريعات البحرين حد أدنى لسن الزواج بالنسبة للمرأة أو الرجل، ولكن الشريعة الإسلامية تعتبر سن البلوغ هو الحد الأدنى لسن الزواج، ويلاحظ في الواقع العملي ندرة حالات تزويج الفتيات دون السادسة عشرة من عمرهن والشباب ممن هم دون سن الثامنة عشرة. ويعد انتشار التعليم السبب الرئيس الذي يحول دون تزويج الصغار الذين يتابعون دراستهم حتى سن الثامنة عشرة للجنسين في المدارس الحكومية المجانية المفتوحة أمام الجميع.)
 


رد الحكومة بالنسبة لسن الزواج
لا يتفق مع جوهر سؤال لجنة السيداو

وفي هذا الصدد وجهت لجنة السيداو لحكومة البحرين سؤالا يتعلق ( بيان ما إذا كان مشروع قانون الأسرة سيحدد الحد الأدنى للسن القانونية للزواج بالنسبة للمرأة والرجل، وما إذا كانت هذه السن متسقة مع سن الرشد القانونية المحددة في اتفاقية حقوق الطفل.)
وقد ردت الحكومة على هذا السؤال بالفول إنه ( بالنسبة لتحديد سن الزواج فقد صدر قرار وزير العدل رقم 45 للعام 2007 برفع سن الزواج بالنسبة للفتيات إلى سن 15 عاماً وبالنسبة للشباب إلى 18 عاماً) .


فهل جاء هذا الرد متسقا مع سؤال لجنة السيداو ؟

في الحقيقة أن رد الحكومة لا نريد ان نقول عنه إنه  جاء في واد عن السؤال لكن يمكن القول إنه لم يكن موفقا و لا متفقا على الإطلاق مع مضمونه ، فسؤال لجنة السيداو كما هو واضح منه لا يتعلق بما هو معمول به في الوقت الراهن في شأن سن الزواج بموجب القرار الوزاري الذي أشار إليه ، بل يتعلق بمشروع قانون أحكام الأسرة فيما كان سيحدد الحد الأدنى للسن القانونية للزواج بالنسبة للمرأة والرجل، وما إذا كانت هذه السن متسقة مع سن الرشد القانونية المحددة في اتفاقية حقوق الطفل. ، وهو ما تجاهله الرد الحكومي ، وكان يتعين على حكومة البحرين سواء كان ذلك في أصل التقرير أو في ردها على سؤال لجنة السيداو أن تقول صراحة أن مشروع  قانون أحكام  الأسرة المقترح في المذهبين لا ينص على تحديد سن للزواج  كما فعلت بعض تشريعات الدول العربية لعل أفضلها القانون العراقي 18 سنة للزوجين .
  وأن عدم تحديد سن للزواج في مشروع القانون يعنى استمرار الزواج المبكر و تزويج الولي لبنته قبل سن البلوغ ، مما يؤثر سلبا على المجتمع ، إذ بينت العديد من الدراسات مخاطر الزواج المبكر وما يؤول إليه من طلاق وغيره من الآثار السلبية.  
   
سن الزوج في اقتراحات القانون وفي القرار الوزاري لا يتسق مع اتفاقية حقوق الطفل

وانه لن يحد من ذلك ما نصت عليه المادة 19 من أحكام الأسرة وفقا للمذهب السني بأنه ( لا يجوز ( يمنع ) تزويج الصغيرة التي يقل سنها عن ست عشرة سنة إلا بموافقة المحكمة الشرعية المختصة ولمصلحة محققة ) ، ولا يحد من الزواج المبكر نص المادة 16 الواردة في أحكام الأسرة وفق المذهب الجعفري التي تشترط في أهلية الزوجين للاستقلال بالعقد العقل والبلوغ .
 
 و لا يحد منه ما اشتمل عليه مسودة علماء المسلمين المشكلة بالتعاون مع الاتحاد النسائي في المادة (27) حين قضت على انه (يمنع توثيق عقد الزواج، أو المصادقة عليه ما لم تتم الفتاة السادسة عشرة سنة، والفتى الثامنة عشرة سنة إلا بموافقة المحكمة الشرعية المختصة ولمصلحة راجحة ) .
 
ويأتي في ذات الإطار رغم يمتاز به من الزام  قرار وزير العدل والشئون الإسلامية الشيخ خالد بن علي آل خليفة  رقم 45 لسنة 2007 بشأن لائحة المأذونين الشرعيين وأحكام توثيق المحررات المتعلقة بالأحوال الشخصية حين نص على أنه ( لا يجوز إجراء عقد الزواج ولا المصادقة عليه ما لم يكن سن الزوجة 15 سنة وسن الزوج 18 سنة وقت العقد، ما لم يكن ثمة ضرورة ملجئة تبرر الزواج لمن هم أقل من هذه السن ويشترط الحصول في هذه الحالة على إذن من المحكمة المختصة، ويعتمد المأذون الشرعي أو القاضي، بحسب الأحوال، في معرفة بلوغ أحد الزوجين السن القانونية على شهادة الميلاد، أو أي مستند رسمي آخر ثابت فيه تاريخ الميلاد ) .
 
لقد كان على حكومة البحرين أن تستعرض هذه الوقائع قي تقريرها وأن ترد بوضوح على الجزء الثاني من سؤال لجنة السيداو فيما يتعلق بمدى أتساق سن الزواج  مع سن الرشد القانونية المحددة في اتفاقية حقوق الطفل بأن تؤكد أن هذا السن سواء كان  في مشروع قانون أحكام الأسرة أو في القرار الوزاري لا يتسق مع اتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 20/11/1989م ، وانضمت إليها وصادقت عليها البحرين دون تحفظ إذ عرفت الاتفاقية في المادة (1) ” الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره”
و لا مع اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة في الفقرة 2 من المادة (16) التي  قررت ( أن لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي اثر قانوني.وان تتخذ جميع الإجراءات الضرورية بما فيها التشريع ، لتحديد سن أدنى للزواج ، ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمرا إلزاميا ) .
 
لا بديل عن توحيد سن الزواج  بثمانية عشر سنه


والذي نراه أنسجاما مع أفضل الاجتهادات الفقهية والمعايير الدولية المشار إليها أن يحدد القانون المنتظر لأحكام الأسرة سن الزواج بثمانية عشر سنة على الأقل لكلا الزوجين واعتبار أي زواج لمن هم دون هذه السن باطلا لا يرتب أي اثر قانوني لهما وان لا يورد أي استثناء على ذلك. بل يتعين أن ينص القانون أيضا على إيقاع عقوبة رادعة لكل من يزوج طفلاً أو طفلةً.
وهو ما تراه الاستاذة الفاضلة الدكتوره بدرية العوضي في تعليقها على المادة (27) الواردة في اقتراح لجنة  علماء الشريعة الإسلامية المشكلة بالتعاون مع الإتحاد النسائي البحريني والتي نصت على انه ( يمنع توثيق عقد الزواج، أو المصادقة عليه ما لم تتم الفتاة السادسة عشرة سنة، والفتى الثامنة عشرة سنة إلا بموافقة المحكمة الشرعية المختصة ولمصلحة راجحة.)
 
 فلاحظت أنه ( يحبذ توحيد سن الزواج للفتاة والفتى (18 ) سنة  كما هو في القانون العماني والمادة (30 ) من القانون  الاماراتي  :  تكتمل أهلية الزواج بالعقل والبلوغ وسن البلوغ تمام الثامنة عشرة من العمر لمن لم يبلغ شرعا قبل ذلك.لا يتزوج من بلغ ولم يكمل الثامنة عشرة من عمره إلا بإذن القاضي بعد التحقق من المصلحة .
 
حجج المعارضين لتحديد السن حجج واهية


  لا ينال من هذا الرأي  منه الأصوات الدينية التي ارتفعت معارضة عند صدور القرار الوزاري بتحديد سن الزواج بحجة  (إن القرار الصادر بشأن تحديد سن الزواج يعد تقمصاً لمقام الرسول الكريم، وذلك لأن فرض قيد أو شرط في شرعية أو صحة الزواج شأن من شئون الرسول(ص)، فليس لأحد من عباد الله أن يفرض قيداً أو شرطاً في صحة النكاح إذا لم يكن مفروضاً من قبل الله تعالى ) أو ( أن تحديد سن الزواج للولد بسن الثامنة عشرة وللبنت بسن الخامسة عشرة، وان كان ملتزما به عمليا في البحرين، إلا أن جعله مفروضاً وشرطاً في تصحيح وشرعية الزواج أمر منافٍ لما عليه الضرورة الدينية عند عموم المسلمين، فمثل هذا القرار مؤشر خطير ينذر بتجاوزات أخرى لشريعة الإسلام في بلد يتدين أهله بالإسلام، ويعتمد دستوره على الإسلام ) . منتقدين  بشدة القيود التي فرضت في القرار على المأذون الشرعي، على  أنها «لا تخلو من إهانة وإساءة لمقامات العلماء المتصدين لإجراء العقود الشرعية».
 
  أن هذه الحجج وغيرها مردود عليها إذ لا تعارض مع ما جاء في القرار من تحديد للسن أو ما نراه برفعه إلى 18 سنة لكلا الجنسين مع الشريعة الإسلامية  أو تقمصا لمقام الرسول الكريم (ص) أو تدخلا في شأن من شئونه بل يصب في مصلحة المجتمع  والأسرة ، فأين ما وجدت المصلحة فثمة شرع الله ، ولا يجوز بأي حال من الأحوال إسقاط الرخص التي أجازها الله تعالي لنبينا محمد (ص)  كزواجه من السيدة عائشة (رض) لضرورة ملجئة على أحوال العامة من الناس فهذا هو عين التجاوز لشريعة الإسلام ،    ولا ينال من رأينا هذا  الاجتهادات الفقهية في المذاهب الخمسة التي ترى صحة زواج الصغار ممن هم دون سن البلوغ ، إذ خالفهم في ذلك عدد من الفقهاء منهم ابن شرمه و الليثي فذهبوا إلى عدم صحة زواج الصغار مطلقا وان العقد الذي يعقده أولياؤهم نيابة عنهم يعتبر باطلا ، فلا مصلحة للصغار في هذا العقد بل قد يكون فيه ضرر لهم ، حتى وان كانت المذاهب الأربعة السنية تتيح لهما بعد البلوغ حق الخيار في الإبقاء على الزواج أو فسخه على عكس المذهب الجعفري الذي لا يجيز لهما مثل هذا الخيار ، فضلا عن ذلك أن البين من القرار الوزاري المشار إليه إنه لا يمنع زواج من يقل عمره عن السن الذي حدده إذ نص على انه ( ما لم يكن ثمة ضرورة ملجئة تبرر الزواج لمن هم أقل من هذه السن ) .
 
التقرير الرسمي وأهلية المرأة في تزويج نفسها

يشير التقرير بشكل واقعي وإيجابي في الفقرة 327 عن أهلية المرأة في تزويج نفسها مؤكدا على إنه ( يعد رضا المرأة شرطاً ضرورياً ولازماً لإبرام الزواج، فلا يصح عقد الزواج بدون رضاها الحر الذي لا يشوبه أي عيب من عيوب الرضا. كما يجب أن تحصل المرأة على رضا وليها إذا كانت بكراً، والولي هنا هو والدها أو جدها لأبيها أو شقيقها. ولا شك أن هناك بعض الحالات التي يتم فيها إجبار الفتاة على الزواج ممن لا تريده وذلك في بعض الأوساط الاجتماعية حيث تسوغ الموروثات الاجتماعية والعادات السائدة مثل تلك الممارسة المخالفة للشريعة الإسلامية التي تحرم عضل المرأة أي منعها من الزواج بشكل كامل أو إجبارها على الزواج من شخص لا تريده بل أن القضاء الشرعي في البحرين يقبل الدعوى التي ترفع من الفتاة التي تطلب فيها إلزام والدها بتزويجها من الشخص الذي تريده ويكون كفء لها في حالات كان الوالد يمتنع عن الموافقة على هذا الزواج دون سبب معقول.) .
 
اقتراحات القانون وأهلية الزواج

أن مسودة مشروع قانون أحكام الأسرة وفقا للمذهب الجعفري لا تنص على استقلالية المرأة  البالغ الراشد بالزواج إلا في حالة عدم وجود الأب ، أو الجد للأب حسب البند ب من المادة 19 خلافا لما هو مستقر عليه في الفقه الجعفري من انه يجوز للمرأة البالغة الراشدة أن تزوج نفسها بنفسها دون ولي أمرها ، ولا يشفع لذلك ما نصت عليه بشكل إيجابي  المادة 6/د ( يشترط في صحة الزواج رضا الزوجين صراحة ) أو ما نصت عليه المادة 19 /أ ( على أن الولي في زواج البكر هو أبوها أوجدها لأبيها ، ويشترط لنفاذ تزويجها رضاها بذلك ) .
 كما يلاحظ أن الاقتراح الجعفري رغم انه قد نص بشكل إيجابي  في المادة 20 خلافا للاقتراح السني الذي لم ينص على ذلك بأنه  ( إذا ادعت البنت البكر الرشيدة عضل وليها ، فللقاضي الحكم بالتزويج إذا ثبت له ذلك ) ، لكنه لم يحدد ولم يعرف البنت الرشيدة ، ولماذا البنت الرشيدة فقط هي التي يحق لها الالتجاء إلى القاضي لتزوجيها في حالة عضل وليها ؟ إليس البنت التي يحق لها الزوج في السن الذي يحدده القانون أولي بالحماية القضائية من البنت الرشيدة ؟
 
  ويلاحظ على الاقتراح بقانون وفقا للمذهب السني فانه وان لم يجز بشكل إيجابي  في المادة 24 فقرة ب للولي  تزويج من له الولاية عليها جبرا ثيبا أو بكرا ، صغيرة أو كبيرة ،  وفي الفقرة أ بعدم جواز امتناع الولي عن التزويج من غير سبب شرعي  فأن ذات البند توجب رضا الولي في عقد الزواج .
 
حسنا ما فعلته اللجنة المكلفة

 وحسنا ما فعلته اللجنة المكلفة  حين ألغت وجوب رضا الولي في عقد الزواج مكتفيا بما نص عليه الاقتراح السني على انه ( ليس للولي أن يزوّج موليته من نفسه إلاّ برضاها وبإذن القاضي ) ، فنصت هذه المسودة  في المادة (23) على أنه :


أ- ليس للقاضي أن يزوّج من له الولاية عليها قضاءً من نفسه، ولا من أصله، ولا من فرعه.
ب- ليس للولي أن يزوّج موليته من نفسه إلاّ برضاها وبإذن القاضي.
ج- لا يجوز للولي أن يمتنع عن التزويج من غير سبب شرعي.
د- لا يجوز للولي تزويج من له الولاية عليها جبراً، ثيّباً كانت أو بكراً، صغيرة كانت أو كبيرة ) .

 وهو الأمر الذي يخفف مما ينال من رضا المرأة حين يشاركها في هذا الرضا وليها في العقد ، ويجعل هذا الحكم  متفقا إلى حد ما مع ما تصرح به المادة 25 – أصبحت المادة (33) في مسودة اللجنة المكلفة  من قول بانعقاد الزواج بإيجاب من أحد المتعاقدين وقبول من الأخر صادرين عن رضا تام .
ونعتقد إنه بهذا النص الذي أخذت به اللجنة المكلفة بإلغاء وجوب رضا الولي في عقد الزواج الوارد في المادة 24 البند أ من الاقتراح السني ونقل أحكام باقي أحكام هذه المادة إلى المادة 23 في الفصل الثالث المتعلق بالولاية جاء موفقا من حيث الشكل والموضوع .
   ومع ذلك نرى بأنه تحقيقا للعدالة وانسجاما مع ما تقضي المادة (16) الفقرة (1) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز بأن “تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية بوجه خاص تضمن ، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة ، نفس الحق في عقد الزواج ، ونفس الحق في حرية اختيار الزوج وفي عدم عقد الزواج إلا برضاها الحر الكامل. بضرورة أن ينص اقتراح القانون في المذهبين على أن  ينعقد الزواج برضا المرأة الحر الكامل وان وأن تكون حرة في اختيار الزوج تمشيا مع وضع المرأة في مجتمعنا الحالي وما يترتب على عدم الاعتداد برأي المرأة في تزويجها لنفسها من امتهان وانتقاص من حقها في العيش كفرد يساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .
 وتقترح الدكتور بدرية العوضي في تعليقها على مسودة لجنة علماء المسلمين في شأن الولاية اضافة مادة جديدة تقضي بأنه [  يتولى ولي المرأة عقد زواجها برضاها. ]  كما نصت المادة (28 ) من قانون الأسرة القطري 2006


————————————————————
للبحث صلة حول التقرير الرسمي وتحفظات مملكة البحرين واتفاقية السيداو