أبدا.. لم يكن غريبا أو غير متوقع فوز الكتلة العمالية بكافة المقاعد في انتخابات نقابة ألبا، ذلك أن هذه الكتلة معضدة بجهود رئيس النقابة علي البنعلي قد حققت حضورا مميزا في الانتخابات السابقة للنقابة، وعملت على الارتقاء بمستوى العامل فيها بجانب سعيها الدؤوب لتحقيق مطالبه النقابية والعمالية ووقوفها على القضايا الإدارية الإشكالية والمعلقة في الشركة، وتفرغها لمتابعة شؤون العمال ومحاولتها قدر المستطاع تيسيرها وتسخير كافة الإمكانات لرأب الصدع فيها، بجانب مواجهتها المسؤولة والجريئة لكل من يحاول عرقلة مطالب العمال، سواء كانت في إدارة الشركة نفسها أو من مصادر أخرى غيرها، وتركيزها على القضايا النقابية والعمالية دونما شطوح في التسييس أو انشغال بالصراعات الطائفية التي تسرق كثير من الجهد المفترض الاضطلاع به من أجل تحسين الوضع العمالي في النقابة، هذا فضلا عن رؤيتها المستقبلية لهذا الوضع وسعيها للحد من نسبة معوقاته، ولعلنا لمسنا ذلك في مطالبة رئيس النقابة الذي نتمنى أن يكون القادم أيضا، مطالبته إدارة الشركة باعتماد موازنة إضافية لمساندة المشاريع التي تسهم في تعديل أوضاع العمال ومن بينها ملف التأمين الصحي الذي قدر البنعلي موازنته بـ 201 مليون دينار، مؤكدا البنعلي على ضرورة أن تتعاطى النقابة هذا الملف وغيره من الملفات الملحة بشكل جديد وبأدوات مختلفة للوصول إلى ما يرضي جميع عمال ألبا.
قلنا لم يكن غريبا على هذه الكتلة الفوز بالمقاعد الخمسة عشر في النقابة، نظرا لهذه الجهود التي تبذلها من أجل العامل في ألبا، ولكن الغريب أن يأتي من يشكك ويطعن في هذا الإنجاز الذي أخضع لرقابة متعددة، تجسدت في جمعية الشفافية البحرينية والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان وجمعية مراقبة حقوق الإنسان والاتحاد العام لعمال نقابات البحرين.
ياترى ما هو الهدف من هذا التشكيك؟ هل ينصب في مصلحة العامل أم في قضية أخرى لا تذهب إلا إلى تسييس النقابة وتطييفها وهذا ما لم تتأسس على (مذاهبه) نقابة ألبا والكتلة العمالية على وجه التحديد؟
هل هو في وارد المشروطية لصلاحية النقابة ونزاهتها ضرورة فوز كتلة أو كتل أخرى مع الكتلة العمالية؟ لماذا كان الرضا واردا وملموسا من مختلف الأطياف على الدور الإيجابي الذي لعبه البنعلي كرئيس للنقابة بجانب بعض أعضاء الكتلة في سياق مجلس الإدارة السابق بينما الرضا مشكوكا في (نزاهته) في انتخابات مجلس الإدارة الحالي؟ هل ستكون الانتخابات عادلة إذا حازت مثلا كتلة التغيير على مقعد أو مقعدين في الانتخابات الحالية؟ وهل هذا هو هدفنا من النقابة أم أن أهدافنا أبعد من ذلك بكثير؟ ولماذا تفكر الكتل الخاسرة في تشكيل مجالس ظل للضغط على الكتل الفائزة؟ لماذا هذا التفكير؟ وهل فعلا أن الكتل التي لم تفز خاسرة؟ لماذا نعزز مثل هذه (المحبطات والميئسات) في جسد عمالنا؟
النقابة لا يمكن أن تحلق بجناح واحد، إنها تحلق بأجنحة كل العاملين فيها انطلاقا من كون النقابة في خدمة العامل أولا وأخيرا، وليست معنية بكون هذا العامل ينتمي للوفاق أو المنبر التقدمي أو وعد أو غير ذلك، وبالتالي لا ينبغي أن نرسخ مثل هذه (المسميات)، كما أنه ينبغي بدلا من التفكير في تشكيل مجالس ظل للضغط على الكتلة العمالية، ينبغي أن نشكل رؤية تضيء الطريق أمام عمل الكتلة العمالية، وتساعد على تعزيز لحمتهم العمالية وتشد من أزرهم أثناء مواجهة هذه الكتلة بعض الضغوطات من إدارة الشركة أو من أية إدارة أو جهاز آخر، كما أن هذا التفكير يشي بعدم اقتدار هذه الكتلة الفائزة على القيام بواجبها تجاه عمال ألبا وبالتالي لا بد من رقيب ربما يكون أكثر (اقتدارا)، أو كما لو أن هذه الكتلة العمالية في هدنة مع إدارة الشركة وبالتالي لا بد من وجود مجلس آخر يخترق هذا الود (البين) بين الكتلة والإدارة.
لماذا هذا الضغط على طاقات عانت من الضغط ما لم -ربما- يتحمله من يطالب بتشكيل هذا المجلس (الضغطي) من أجل مصلحة العامل ومطالبه، ودخلت في صراعات ومفاوضات عمت ثمارها جميع العمال دون استثناء؟ فهل يستحق منا من يسخر جل وقته وصحته من أجل العمال مضاعفة الضغط عليه بدلا من تخفيفه عبر الجهد المشترك معه؟
إن نجاح الكتلة العمالية يكمن في الأساس عبر عملها نقابيا من أجل العمال بعيدا عن التسييس وإشكالاته وبعيدا عن (قولبتها) بشكل مطلق للمنبر الديمقراطي التقدمي، كما أن هذه الكتلة في نقابة ألبا تمكنت من أن تضرب مثلا على قوة أدائها النقابي التي تحتاجه كثير من نقاباتنا العمالية، بل وربما يحتاجه -أحيانا- الاتحاد العام لعمال نقابات البحرين، هذا إلى جانب كونها سعت ولا تزال إلى تأسيس وتشكيل أفق مستنير عبر عملها النقابي تحتاج كثير من النقابات والجمعيات السياسية بما فيها المستنيرة أن تؤسس وتشكل أفق مثله، وهذه حالة نادرة على صعيد العمل والتفكير لم تتوفر ولم تتحقق في مؤسساتنا المعنية بالشأن العام بما فيها المجلس النيابي، فهل تتعلم هذه المؤسسات من دروس نقابة ألبا وكتلتها العمالية؟ وهل تدرك أن من تصدى لإدارة هذه النقابة لم يزل بعد في يفاعة شبابه وهو النقابي الفذ علي البنعلي؟
إذن لننتظر الكثير من هذه الطاقات التي أذابت سبائك الألمنيوم برؤية من نور
الوطن 6 نوفمبر 2008