‘إذا كان هناك من لايزال يشك في أن كل شيء ممكن في أميركا، أو يتساءل إذا ما كان حلم آبائنا المؤسسين مايزال حيا أو يشك في قوة ديمقراطيتنا، فهذا المساء جاءت الإجابة’.. بهذه الكلمات بدأ أول رئيس ملوّن للولايات المتحدة (باراك أوباما) خطابه احتفالاً بالنصر التاريخي الكبير أمام مؤيديه الذين قال لهم أيضاً ‘لولاكم لما كنت رئيساً.. فقد وصلت عجلة التغيير إلى أميركا، وساعته قد حانت’.
وفي خطاب بث في مارس/ آذار الماضي، إثر تعرضه للانتقاد، وذلك لعلاقته بقس أسود متشدد، قال أوباما ‘إننا بحاجة إلى أن نُذكّر أنفسنا بأن الكثير من التباينات الموجودة في أوساط الأميركيين من أصل إفريقي اليوم، يمكن أن ترجع بشكل مباشر إلى أشكال إجحاف عانت منها أجيال سبقت تحت وطأة الإرث الوحشي للعبودية’.
الآن يتذكر العالم خطاب داعية الحقوق المدنية، مارتن لوثر كينج التاريخي الشهير: ‘لدي حلم’، والآن، يبدو أن الأميركيين أجمعوا أن يتحول حلم مارتن لوثر إلى حقيقة، حيث أصبح ذو البشرة السوداء الرئيس الـ”44 للولايات المتحدة بتفويض كاسحٍ من شعبه، ما يعتبر امتداداً لشرارة فجرت حركة الحقوق المدنية في أميركا منذ العام 1963 بحلم لوثر كينج، غير أن هذه الرهانات ستبقى ناقصة في أميركا بدون تنفيذ الشعار الذي تردده في كل المناسبات وتعمل عكسه، والقائل ‘حريات، مبادئ، ديمقراطية وحقوق الإنسان’، حيث خربته الإدارات السابقة بغطرستها، واضطهاد الشعوب الأخرى، في حين أن المعادلة الصحيحة، وفق مقولة شهيرة تقول: ‘إن أمة تضطهد أخرى لا يمكن أن تكون حرة!!’.
انتخاب أوباما بمبادئه المعلنة يُشكل درساً، وتحولاً نوعياً وتاريخياً، ليس في التفكير الأميركي فحسب، بل وفي تطلعات شعوب العالم أيضاً، فمن كان يُصدّق أن يفوز رئيس ‘ملون’ في الولايات المتحدة المعروفة بعنصريتها عبر تاريخها الطويل؟
وماذا بعد أميركياً؟.. نتفهم أن الأميركيين التفوا حوله وناصروه، لأنهم ينشدون التغيير ورفع الإحباط واليأس لما أحدثته سياسات الإدارة السابقة، لكن ما لا نفهمه، هل سيسمح له الرأسمال الأميركي وأصحاب المصالح، وتجار الحروب بأن يستمر ويهدد مصالحهم؟؟.. هذا ما يخشاه الكثيرون، غير أن باراك أوباما قام بثورة عظيمة في أميركا، وأصبح رئيساً بنهج جديد لها، وللعالم.
وأخيراً، ماذا لو كان أوباما بمبادئه مواطناً عربياً، هل سيفوز برئاسة دولة عربية، أو بمنصب وكيل وزارة، مثلاً؟…
صحيفة الوقت
6 نوفمبر 2008