انعقدت في البحرين يومي الجمعة والسبت الماضيين ندوةٌ شارك فيها ممثلون عن منظماتٍ شبابيةٍ عربية وعالمية بدعوةٍ من لجنة الشبيبة والطلبة في المنبر التقدمي، ناقشت قضايا النضال المشترك للشبيبة في العالم من اجل الديمقراطية والتقدم الاجتماعي وحقوق الشغيلة، ونبذ سياسة العسكرة وسباق التسلح وبناء القواعد العسكرية، عوضاً عن توجيه الأموال نحو تلبية حاجات الشباب والشعوب في التعليم والصحة والسكن والرفاه الاجتماعي.
لشبيبةِ البحرين تقاليد راسخة تمتد لعقودٍ ماضية في النشاط المشترك مع الشبيبة العربية والعالمية تجاه هذه القضايا، وكانت شبيبة البحرين من خلال أطرها الشبابية والطلابية ممثلة في المنظمات الشبابية الديمقراطية العالمية مثل اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي واتحاد الطلاب العالمي، وشارك ممثلو شبيبتنا في مهرجانات ومؤتمرات شباب العالم بنشاط وحماس.
وتُواصل شبيبتنا اليوم هذه التقاليد المُشرفة، وما الندوة الأخيرة إلا أحد مظاهر ذلك. فإلى بلادنا، وفي ظروف الحريات التي توفرت في مرحلة ما بعد الميثاق، أتى ممثلو شبان العالم الذين دأبنا على الذهاب إلى بلدانهم بصورةٍ سرية وعبر مشاقٍ عديدة في سنوات الجمر، ليناقشوا في مناخ حر قضاياهم الملحة، في تعبير عن الترابط الأممي الوثيق بين هؤلاء الشبان في ما بات يعرف اليوم بالمجتمع المدني العالمي،الذي بات يملك، بفضل وسائل الاتصال الحديثة، إمكانات غير مسبوقة لتوسيع نشاطاته واستقطاب قطاعات كبيرة من المناصرين والنشطاء. لكن فكرة المجتمع المدني العالمي كانت قد تشكلت قبل ذلك بزمن طويل. إن آليات التدويل العالمي الواسعة أدت، في نتيجةٍ لا مناص منها، إلى ظهور هذا المجتمع المضاد لمنطق الهيمنة الذي يريد “هوامير” هذه العولمة فرضه على شعوب الكوكب من دون مقاومة. ومن أهم مكونات هذا المجتمع المدني العالمي حركات الشباب والنساء والعمال ودعاة حماية البيئة، وطبيعي أن تجد الشبيبة الديمقراطية البحرينية المربية على تقاليد النضال المطلبي السلمي مكاناً لها في هذا المجتمع المدني العالمي.
في كتابها الذي يحمل عنوان “نحو شركات خضراء”، تستشهد الدكتورة ليزا نيوتن بما بات يعرف بحكاية “برينت”، في إشارة إلى تمكن حركة السلام الأخضر التي شكلت تحالفا من الناشطين البيئيين لإحباط مخطط شركة “شل” بإغراق حاملة النفط العجوز “برينت” التي انتهت فترة صلاحيتها، في المحيط.
الناشطون البيئيون رأوا أن هذا الإجراء سيسمم المحيط وقرروا التصدي للأمر. وعندما بدأ زورق سحب السفينة إلى عمق المحيط ظهر أسطول صغير من المراكب التي أرسلتها منظمة السلام الأخضر لاعتراض سبيله، مما افشل مشروع “شل”، وفتحت مفاوضات جديدة أدت إلى تفكيك الباخرة والتخلص منها على اليابسة. ستغدو هذه المعركة الناجحة إشارة البدء لحركة عالمية مناهضة للاحتكارات متعددة الجنسية، تحمل الطابع الأممي لن يعود بالوسع تجاهلها في ما بعد. هذه الحركة متعددة الأطياف والتنويعات تعمل، أحياناً بتنسيق وأحياناً أخرى بدونه، في سبيلِ حزمةٍ من القضايا المعاصرة التي تشغل بال الجيل الجديد وتؤرقه، في طموحه إلى حياة أفضل، وتتصل هذه القضايا بأمور المعيشة وتوفير فرص العمل ومواجهة البطالة، كما تشمل ديمقراطية التعليم وتحريره من القيود البيروقراطية وتمكين الشبان الفقراء من الحصول على التعليم، بما في ذلك التعليم الجامعي، هذا فضلاً عن قضايا الحرب والسلم والبيئة والحريات الديمقراطية.
الأيام 4 نوفمبر 2008