نبارك لعمال شركة »ألبا« انتخابات مجلس إدارتهم، وفوز كتلة »الوحدة العمالية«، برئاسة النقابي الشاب علي البنعلي الذي عُرف بدفاعه عن حقوق أعضاء النقابة التي يرأسها، وبالمكاسب التي حققها لعمال »ألبا« منذ أن أصبح على رأس النقابة منذ ٣ أعوام. لكن أهم ما يميز القائمة التي فازت في الانتخابات الأخيرة في »ألبا«، كونها تمثل المجتمع البحريني خيرَ تمثيل، فتجد فيها السني والشيعي، العجمي والعربي، الحزبي والمستقل، وهي إلى ذلك تضمُ نقابيين مُخضرمين خبروا العمل النقابي السري، وضحوا في سبيل تشكيل الوعي بأهمية هذا العمل، وهم بهذا المعنى مُسلحين بخبرةٍ يُعتد عليها، وتضم إلى جانب ذلك شباناً في مُقتبل العمر يضجون بالحيوية والحماس. إنها تشبه البحرين بكل مُكونات مجتمعها، واتحدَ الفائزون في قائمة انتخابية ببرنامج انتخابيٍ واضح هدفهُ الدفاع عن مصالح وحقوق العمال في شركة »ألبا« جميعا، مستندة في ذلك إلى تراث بات معروفاً لدى عمال الشركة. مجلس الإدارة الجديد يُذكرنا بالتقاليد المجيدة للعمل النقابي في البحرين، الذي قام على أسسٍ وطنية جامعة، بعيدة عن كافة أشكال ومظاهر الفرقة المذهبية والطائفية، التي انتعشت في السنوات الأخيرة، واخترقت العمل النقابي والسياسي، فحرفتهُ عن مجراه الصحيح، لتتخذ الحملات الانتخابية طابع الاستقطاب المذهبي البغيض. لكن أعضاء القائمة قدموا البديل الذي نحنُ في أمس الحاجة إليه اليوم، وهو أن تتشكل قوائم انتخابية أو هياكل مؤسساتية على الأسس الوطنية، فينصهر المتحدرون من تكوينات المجتمع المختلفة في هذه الأطر أو القوائم. في مثلِ هذه الحالة فإن المعارك المطلبية تُخاض على أسس البرامج الاجتماعية والمعيشية، لا على الأسس المذهبية أو الطائفية. في الحالة الأولى أنت توحد الناس في العمل المشترك على أساس ما يجمعهم من مصالح وحقوق، وفي غمرة هذا العمل تَضعفُ، وحتى تذوب، الفروقات المذهبية، ويجد الناس أنفسهم مُتحدين في المطالبة بحقوقهم. أمّا في الحالة الثانية فإنه تجري مخاطبة النزعات المذهبية وتسعيرها، وتحويل الآخر من غير أبناء الطائفة أو المذهب إلى خصم، مع انه يكتوي بنار ذات المعاناة: قلة الأجور وغلاء المعيشة وظروف السكن غير اللائق، وتدل التجربة أن من خاضوا معاركهم الانتخابية في أي موقع من المواقع، بما في ذلك الانتخابات البلدية والنيابية، على الأسس المذهبية والطائفية، لم يفلحوا في أن يتناولوا الملفات المطلوبة بروح وطنية. وحدهُ التيار الديمقراطي، المُمثل لتقاليد العمل الوطني الراسخة في البحرين، يستطيع أن يؤدي هذا الدور، لأنه ينصرف نحو تعزيز لحمة النسيج الوطني من خلال النضال والعمل المشترك، عبر برامج لا تخاطب الكوامن المذهبية والطائفية، وإنما تخاطب الأذهان حول القضايا الجامعة، مفتحة هذه الأذهان على آفاق جديدة. هذا ما أفلحت »قائمة الوحدة العمالية« في »ألبا« في تجسيده خيرَ تجسيد، وأظهرت أن الطبقة العاملة، كما كانت عبر تاريخنا المعاصر، هي عامل توحيدٍ للمجتمع، وقوة صهرٍ لمُكوناته في بوتقةٍ واحدةٍ، وبالمثل أفلحت هذه القائمة بالمعركة الانتخابية المنظمة التي خاضتها، وتوجتها بنصرها الساحق في إظهار مقدار ما يتمتع به التيار الديمقراطي من إمكانات كبيرة إذا ما أحسن توظيفها، واستعاد الثقة بنفسه وبدوره.
صحيفة الايام
2 نوفمبر 2008