كم نحن بحاجة إلى من يبعث الأمل في نفوسنا ويجدده ويحلق به في سماء مملكتنا فتيًا يافعًا معضدًا بالثقة والإرادة والإباء، وما تدشين جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله للرؤية الاقتصادية لبحرين 2030 إلا ذلك الأمل الذي انتظرناه وعهدناه من جلالته منذ دشن مشروعه الإصلاحي الجديد، إذ إن هذه الرؤية الثاقبة التي قام بإعدادها مجلس التنمية الاقتصادية هي في واقع الأمر رؤية في فضاء المستقبل الذي ستترتب على تحقيقه أمور مهمة تذهب بالمواطن البحريني نحو بحرين أفضل وأجمل ولطالما كان على أمل بتحققها.
الرؤية الاقتصادية لجلالة الملك محطة مهمة في تاريخ البحرين الحديثة، إذ على ضوئها ستمتد وتتقاطع مساحات التنمية المستدامة في كافة البنى والمؤسسات الحكومية والخاصة، لتشكل في قلب الأمر مسؤولية مشتركة يسهم كل من فيها بتعزيز هذه الرؤية وترجمتها على صعيد الواقع، كما أنها ستدفع بهذه المؤسسات للتفكير بعيداً عن الحيز الوقتي السائد للخطط المعتادة في مجتمعنا، بل في المجتمعات العربية ربما كلها، فنحن بصدد قراءة بحرين المستقبل إلى ما بعد 22 عامًا، وهذا يعني أننا بصدد مضمار اقتصادي ماراثوني يحتاج إلى نفس طويل، مثلما يحتاج إلى طاقة متجددة ومتوهجة قادرة على التغير واقتراح التصور المجدي والخلاق في لحظات العمل على تجسيد هذه الرؤية على أرض الواقع بما يضمن رؤية أخرى تنظر إلى ضعف الرقم المستقبلي المقر.
هذه الرؤية اختبار حقيقي للعقول والطاقات التي ستكلف بترجمة هذه الإستراتيجية الوطنية، خصوصا وأننا كنا أمام تجربة تحتاج إلى زمن طويل كي تتجاوز الخطط القصيرة المدى، نحن باختصار أمام عصف ذهني متواصل يحتاج إلى جهود جبارة كي تكون أهلاً لمواكبة تحولاته النووية، ومتى ما وجدت مثل هذه الطاقات نكون فعلاً على قاب قوسين أو أدنى من الأمل الذي عهدناه من جلالته، كما أن مثل هذه الطاقات العصفية ستحتم بقدرتها الإنجازية في معمل العصف وجود طاقات أخرى تدرك هذه المسؤولية وتعي أهمية التحدي في التصدي لتجسيد هذه الرؤية الاقتصادية.
بمعنى آخر، إن هذه الرؤية إيعاز بضرورة إعداد كوادر تنتمي للمستقبل وتتمتع برؤية بعيدة المدى، وهذا يقتضي من جميع المعنيين بتكوين العنصر النامي في المجتمع، وزارات وحكومات وهيئات ومؤسسات مجتمع مدني، مواكبة هذه الرؤية وتجهيز العدة لاستثمار هذا العنصر الرئيسي والحيوي في المملكة، بجانب ضرورة إطلاقها المجال واسعا للتدريب والعمل الورشي لكافة أبناء الوطن بمختلف مستوياتهم العلمية والتعليمية والمهنية إلخ..
الرؤية الاقتصادية لجلالة الملك باختصار شديد، أمل نحتاج ونحتاجه كي نكون فعلاً أهلاً للمستقبل.
صحيفة الوطن
25 اكتوبر 2008