أثناء التجوال على شبكة الانترنت أمس بحثا عن تداعيات الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على المصارف والبنوك ظهر أمامي بالصدفة “بنك الفقراء” وهو البنك الذي أسسه الاقتصادي البنغالي محمد يونس في بنجلادش فاستحق عليه جائزة نوبل، والذي تقوم فكرته على منح الفقراء قروضا صغيرة جدا تتفاوت من بلد إلى آخر وفقا لمستواه المعيشي والاقتصادي لمساعدتهم على تكوين مشاريعهم الخاصة. على غرار بنك الفقراء هذا جرى تدشين اتفاقية بين بنك جرامين وبين وزارة التنمية الاجتماعية في العام الماضي لتأسيس بنك مماثل في مملكة البحرين وقد اتفق على تسميته مصرف الأسرة وهدف إلى تمويل مشاريع الأسر المحدودة الدخل والفقيرة، وجعلها أسرا منتجة ومعتمدة على ذاتها، وعلى وجه الخصوص العائلات التي تتلقى المساعدات الاجتماعية والتي تقدر رسميا بـ30 ألف عائلة، وقد اتخذ له موقعا في مرفأ البحرين المالي، وقيل وقتها أن رأسماله بلغ 15 مليون دينار، وان ملكيته ستتوزع بين المؤسسة الملكية الخيرية ووزارة التنمية وبعض المصارف المحلية، لكن البنك لم يشهر لغاية اليوم ولا يزال على ما يبدو قيد الدرس والبحث.
ويذكر ان برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الامم المتحدة الانمائية “اجفند” وبمبادرة من رئيسها الأمير طلال بن عبدالعزيز تبنى مشاريع إنشاء بنوك الفقراء في المنطقة العربية للتقليل من أعداد الفقراء ولتوسيع المظلة الاجتماعية لهم، وقد أقام بنوك فقراء مماثلة، أي على نهج جرامين في اليمن ومصر وسوريا والأردن وفلسطين، وهناك مشاريع بنوك قادمة في جيبوتي وموريتانيا وغيرها من الدول العربية التي تتوسع فيها شريحة الفقراء وتضيق فيها سياسة توزيع الثروات بعدالة.
الحراك الاقتصادي والازدهار والنمو القياسي الذي شهدته منطقة الخليج والناجم عن تصاعد أسعار النفط والطفرة العقارية والبنكية والخدماتية في بلدنا رفعت شريحة وحلقت بها في العلالي وأسكنتها في الناطحات، وهوت بأخرى إلى القاع، وجاء ارتفاع أسعار السلع والخدمات ليساهم في تدهور معيشتها، ان طبقة الحرفيين والصيادين على سبيل المثال هي إحدى نتائج زمن اختفاء البحر وزحف العمران عليه، وهي فئة غادرت بحارها ومواطن رزقها واتخذت من الاعتصامات سبيلا لاستعادة حقوقها المضيعة وأضحت متسولة على أبواب الحكومة بعد ان كانت مكتفية ذاتيا، والصيادون وغيرهم يستحقون التفاتة من بنك العائلة اذ ربما يجدون ملاذهم الأخير فيه. بيد إننا في الواقع لم نعد نسمع شيئا عن بنك العائلة ولا عن أسباب تعثر إشهاره لغاية اليوم، في حين قرأنا ان بنك الفقراء الأردني المماثل حقق نجاحا لافتا وفي فترة قصيرة ما دفع “اجفند” إلى زيادة دعم رأسماله.
الأيام 16 اكتوبر 2008