كشفت الإحصائيات التي نشرتها صحيفة الوقت في عددها 964 الصادر في 11 أكتوبر / تشرين الأول، من وزارة العمل، ديوان الخدمة المدنية، وهيئتي التأمينات الاجتماعية مع هيئة تنظيم سوق العمل، بان أكثر من نصف المواطنين البحرينيين يعيشون تحت خط الفقر والذي حدده مركز البحرين للدراسات والبحوث بواقع 300 دينار للفرد شهرياً.
وهو الأمر الذي قض مضجع هيئة تنظيم سوق العمل، التي أصدرت معلوماتها بأن الإحصائيات التي استغلتها “الوقت” في الوصول إلى استنتاجاتها هي تعنى بالمواطنين الذين يعملون في القطاع الخاص فقط دون القطاع العام.
وبينت إحصائيات هيئة التأمينات والتقاعد أن العاملين البحرينيين الذين يتقاضون أجوراً أقل من 300 دينار، يبلغ عددهم 40 ألفاً و 534 عاملاً، وبلغت نسبة المواطنين الذين تتراوح أجورهم ما بين 300 دينار، و699 ديناراً 19 ألفاً و642 مواطناً ، بينما بلغ عدد الأجور للفئة الممتدة من 700 إلى 1500 دينار فما فوق 16 ألفاً و224 مواطناً.وهذا ما يعزز ما ذهبت إليه “الوقت” في استنتاجاتها بأن نصف البحرينيين فقراء.
فلنترك حديث الحاسبات والأرقام ولنقسها على أرض الواقع بكل شفافية فعلى مستوى الشباب.. الكثير يستخدمون سيارات للتنقل تعدت عمرها الافتراضي بعقد من الزمان، وبطبيعة الحال تأتي هذه السيارة في الغالبية دون الاحتياجات الإنسانية كالمكيف، فهل ينطبق وصف “فقر” على هذا المواطن الشاب، بالنسبة إلى الرأي الحكومي فإنه لا ينطبق لأنه يملك سيارة بغض النظر عن نوعها وتاريخ إنتاجها، أما بالنسبة لي شخصياً فهو “منكود”.
شاب آخر يسعى لتوفير رسوم دراسته الجامعية البسيطة نسباً للبعض، عبر عمله كحارس أمن في إحدى شركات الحراسة الخاصة ، ونظام النوبات الذي يعمل به يتعبه ويرهقه ولا يسمح له بقليل من الوقت حتى يراجع ما درسه في اليوم السابق أو ذات اليوم، ولكنه مضطر للعمل حتى يستطيع تأمين الرسوم ومواصلة الدراسة، فهل ينطبق على هذا الشاب وصف فقر؟ ستقول الحكومة بالطبع لا، فهو شاب يعمل، ولا ضير في العمل لأنه يسعى مع الدولة في بناء مجتمع اقتصادي مزدهر، طبعاً لا يعرف هذا الشاب الوضع الاقتصادي المزدهر وقدمه “تفتقت” جراء وقوفه 8 ساعات متواصلة حتى “انقضت” جواربه، فهو “منكود” بلا شك.
وماذا ستقول الحكومة عن امرأة عجزت من طرق أبواب وزارة التنمية حتى تستحق بعض الدنانير لتسد بها جوعها وتكفي حاجتها وتطعم أبنائها، وبعد أن “حفيت” أرجلها عصرت بعض المال عصراً وأنشأت لها مشروعها الخاص واتخذت من منزلها “الآيل” كمشغل لتحضير البهارات والمخللات. طبعاً رد الحكومة سيكون بأن هذه الأسرة متعففة وهي تستحق كل التقدير على مشروعها المثابر، وبتلميع الصورة أكثر عن واقعها، ومن وجهة نظري أنها “عائلة منكودة”.
بل ما الذي ستقوله الحكومة في عجوز تتمشى خلسة بعيداً عن أنظار الناس وتقترب شيئاً فشيئاً من الأرض وإذا بها تلتقط علبة مياه غازية خالية، أتوقع من الحكومة أن تقول بأن هذه السيدة هاوية لجمع العلب الفارغة من باب الهواية، إنها “منكودة” وكفى.
المنكودين في كل مكان في البحرين ويملئون محافظاتها الخمس وليسو متخفين أو غير ظاهرين ونسبتهم كبيرة جداً، ومن المشين أن تخرج وزارة التنمية أرقام إحصائيات لتكذيب ذلك، وتصرح بأنه ليس في البحرين من هو دون خط الفقر، في وقت وصل فيه سعر برميل النفط إلى نحو 140 دولار هل نحتاج فعلاً لإخفاء الواقع المرير بالأرقام المظللة والتصريحات الملمعة؟
خاص بالتقدمي