جُزر تعد من ضمن جُزر مملكة البحرين لا يستطيع المواطن دخولها أو الوصول إليها لأسباب لا نعرفها، ربما صارت ملكية خاصة، لكن لا نعرف من يملكها، وكيف آلت ملكيتها إليه؟ سواحل اختفت، أينما تتلفت شمالاً، جنوباً، شرقاً، غرباً عمليات ردم مستمرة لا نعرف لصالح مَنْ تتم هذه العمليات، ولمن آلت ملكية هذه السواحل التي يتم ردمها، ومقابل ماذا آلت هذه الملكية. جزر صناعية في البحر تشيد عليها ‘ فلل ‘ وعمارات، والمواطن يجهل حقيقة هذه المشاريع ومردودها على الاقتصاد الوطني، وبالتالي مردودها على
مستواه الحياتي والمعيشي.
نحن في وطن نجهل الكثير عما يحدث ويجري فيه.
كل ما نعرفه ونشعر به أن الأسعار تضاعفت وبات حبل الفقر والحاجة يلتف حول أعناقنا، باتت الحاجات الأساسية والمتعلقة بالمأكل والملبس والسكن والصحة والتعليم تؤرق يومنا ومستقبل أبنائنا الذي يسير في نفق مظلم عنوانه التشاؤم.
من حقنا أن نسأل ونتساءل عن عمليات الردم الواسعة، وعن آلاف الشقق ومئات ‘الفلل’، وعن مشتري هذه الوحدات. شركات عقارية تولد في كل يوم، بنوك نشاطها الأساسي في الأنشطة العقارية. ما هو مردود كل ذلك على الاقتصاد الوطني؟ ماذا جنى المواطن من هذه الأنشطة؟
يُقال لنا إن أحد ‘المولات’ الضخمة التي تم افتتاحه مؤخراً سيخلق أربعة آلاف فرصة عمل، هذا يعني أن البقية الباقية من العاطلين عن العمل (حسب إحصاءات وزارة العمل) ستنتهي مشكلتهم، ولن يعود هناك عاطل عن العمل، لكن دعونا نحصل على إحصائية فعلية عن فرص العمل التي أوجدها مثل هذا المشروع للعمالة الوطنية، وما هو نصيب العمالة المواطنة من النسبة الحقيقة لمجموع العمالة؟ أشك في أن تتجاوز هذه النسبة الـ 10 في المئة عند أحسن درجات التفاؤل.
إنه أمر جميل ورائع أن نُشاهد عمارات شاهقة ومجمعات سكنية جميلة ومولات تحوي أفخر الماركات العالمية والمقاهي والمطاعم الراقية، لكن من المهم جداً أن نرى المردود الإيجابي على حياتنا اليومية وعلى حاضرنا ومستقبلنا الاقتصادي. نعتقد أن من أسوأ النتائج التي حصلنا عليها هو فقداننا السيطرة على سلوكيات الجيل الحالي من أبنائنا ناحية حياتهم الاستهلاكية، يستسهلون مصاريف جلسات المقاهي والمطاعم، يستسهلون شراء الملابس والأحذية وما يتبع ذلك جرياً وراء الماركة.
أين هي المشروعات الاقتصادية الإنتاجية التي تُضيف إلى الاقتصاد الوطني وتخلق فرص عمل حقيقية للمواطن؟
في ظل تزايد المجمعات التجارية الضخمة التي باتت تتواجد في مساحة جغرافية واحدة، فإن معظم المظاهر التي نجدها أمامنا تتمثل في المزيد من الاختناقات المرورية، المحلات التجارية تكاد هي نفسها موجودة في تلك المجمعات كافة وبالبضائع نفسها، المسافة بين المحلات نفسها وبالرغم من تواجدها في مجمعات مختلفة لا تتجاوز العشرات من الأمتار. فهل هناك ثمة أزمة قادمة في الطريق؟ لسنا من ذوي الاختصاص، لكننا نردد هنا تساؤلات المواطن العادي البسيط.
المستثمرون الخليجيون بدلاً من توجيه استثماراتهم في مشاريع منتجة تعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني على المدى البعيد نراهم يتسابقون على جني الربح السريع من خلال المضاربة في العقارات وبناء المجمعات التجارية.
نحن في حاجة ماسة لخلق قيم سلوكية لدى المستثمرين ولدى المستهلكين ولدى الجهات الرسمية للتخطيط لاقتصاد مستقبلي يراعي حاجاتنا الفعلية ومستقبل الجيل الحالي والأجيال القادمة.
إن المردود الذي حصل عليه المواطن العادي نتيجة ارتفاع أسعار النفط وبناء العمارات و’الفلل’ والمجمعات التجارية هو المزيد من الفئات الفقيرة.
الدولة تقر بشكل مباشر بأن من يقل دخله عن ألف وخمسمائة دينار شهرياً يستحق مكرمة شهرية بخمسين دينارا لتساعده على مواجهة متطلبات الحياة اليومية، فيا ترى كم هي نسبة المواطنين الذين يقل دخلهم عن هذا المبلغ، لا نملك أرقاماً، لكن الواقع يقول إنهم ربما يتجاوزون الـ 80%.
يبدو أن الغالبية أصبحت مستحقة للصدقة والزكاة.
الأزمة قادمة.
الوقت 4 أكتوبر 2008