يوم أمس (2 أكتوبر/ تشرين الأول) احتفلت الأمم المتحدة باليوم العالمي للاعنف (أيضا يسمى اليوم الدولي لنبذ العنف)، وهذا اليوم هو عيد ميلاد المهاتما غاندي، الذي ولد قبل 139 سنة، واستطاع أن يقود حركة سلمية وأن يحصل – مع رفاقه – على استقلال الهند في العام 1947.
العنف السياسي هو استخدام وسائل العنف لتحقيق أغراض سياسية، وهو يتشابك في الوقت ذاته مع الإرهاب. فالإرهاب هو استخدام العنف لأغراض سياسية ولكن الأهداف تكون عشوائية وضد المدنيين والعزَّل وضد الجامعات وأماكن العبادة والمؤسسات والمباني وكل شيء. والعنف السياسي دائماً يتجه نحو الإرهاب في نهاية الأمر لأنه يقود إلى النتيجة ذاتها التي نراها في الإرهاب. نعم، إن الدَّولة من حقها أن تحتكر وسائل واستخدامات العنف، ولكن الدولة الدكتاتورية أو الاستعمارية قد تبطش بالشَّعب الذي يطالب بحقوقه، في حين أن الهدف من احتكار الدولة للعنف هو الحفاظ على أمن المواطنين من دون استلاب حقوقهم، وحماية الوطن من الاعتداءات الخارجية. والنتيجة التي توصل إليها الكثيرون هي أن نيل الحقوق يمكن أن يتم بالوسائل السلمية، وأن العمل السلمي أكثر نفعاً للجميع من العنف الذي لا يتوقف عند حد، إذ إن من استخدموا العنف في عملهم السياسي قتلوا بعضهم بعضاً بعد أن حققوا أهدافهم.
إن عدم اللجوء إلى العنف بديل قابل للتطبيق لحل معظم المشكلات التي يواجهها عالمنا اليوم، وقد قال غاندي: « إن اللاعنف في السياسة هو سلاح جديد في عملية التطور »، وعدم اللجوء إلى العنف فلسفة يجب أن تطول الجميع.
فالدَّولة التي من حقها أن تحتكر وسائل العنف يجب ألا تستخدمه بهدف سلب حقوق شعبها، والناشطون السياسيون يجب أن يحرِّموا استخدام العنف إذا كانوا يودون البقاء في ساحة العمل السياسي وليس في ساحات السجون والمحاكم بتهم جنائية بحتة. كما أن الأمن والاستقرار يجب أن يكون من أولويات المعارضة التي يهمها أن يأمن شعبها وينمو اقتصاد بلدها.
نعم إن لدينا في البحرين مشكلات سياسية كثيرة، ولكن يمكننا أن نعمل سلميّاً من أجل تحقيق بيئة سياسية – اقتصادية تقوم على أساس المساواة بين المواطنين والعدالة الاجتماعية. إن الفضاء المحلي مفتوح للعمل السياسي السلمي، وكذلك الفضاء الدَّولي مفتوح للنشاط الحقوقي إذا لم يتمكن المرء من النَّشاط داخل بلاده. وقد يكون غاندي مثاليّاً عندما قال: «إن الجبان يتخذ العنف وسيلة لتحقيق ما يناله، أما نبذ العنف فإنه يتطلب الكثير من الشجاعة»… ولكن مثاليته هي بالضبط ما نحتاج إليه في عالمنا اليوم.
الوسط 3 أكتوبر 2008