لأن صلاح الجودر من رجال الدين المستنيرين والمدافعين بشدة عن الوحدة الوطنية والتعايش الاجتماعي والتعددية، إذن فهو من المغضوب عليهم عند جماعات الغلو والتطرف الديني شأنه شأن أنصار الديمقراطية والليبرالية الذين يتعرضون إلى هجوم قاس من بعض خطباء الجمعة الذين لا هم لهم إلا بث التفرقة وإصدار فتاوى التحريم والتجريم وملاحقة حريات ومعتقدات الآخرين.
الشيخ الجودر المعروف عنه بالاعتدال والوسطية لا يمكن أن يكون منعه من نشر خطب الجمعة في الصحف المحلية مجرد صدفة ولماذا الجودر بالذات؟ أسئلة نطرحها وخاصة إن الجودر طلب منه أكثر من مرة بعدم نشر خطبه.
المنع الواقع عليه يعني مصادرة حق من حقوقه وإذا كانت هذه المصادرة لها ما يبررها لماذا لا تحرص تلك الإدارة على توضيح الأسباب؟
ما حدث له محط دهشة واستغراب وخاصة انه يؤمن إيمانا راسخاً بقوله: “انا عندي مرجعيتان الأولى هي توجيهات جلالة الملك والمرجع الآخر هو مؤتمرات الوحدة التي تقيمها وزارة الشؤون الإسلامية وأنا من المشاركين فيها والكل يشهد للبحرين برقي شعبها وثقافة أهلها ولذلك فإنني أسعى الى ترجمة المؤتمرات الوحدوية “.
فهو من أنصار وحدة أبناء هذا الوطن ومن أنصار السلم الأهلي والاجتماعي وبالتالي ما حدث له نأمل أن يكون طارئا وعابرا لان لا علاقة له لا بقرارات وتعميمات الخدمة المدنية الداعية إلى حظر النقابات والاحتجاجات والإضرابات في المواقع الحكومية ولا بقوى العنف والتخريب والإرهاب المدعومة من قبل التيارات المتأسلمة التي تسعى ليس فقط لبسط نفوذها على الجهات الحكومية وإنما أيضا لفرض وصايتها على الحريات التي كفلهـا الدستور.
الجودر بحسه الوطني غالباً ما تدعو كتاباته الصحفية إلى نبذ الطائفية والطائفيين والى مكافحة الإرهاب والتعصب وباختصار له من الآراء الحرة الناقدة وخاصة فيما يتعلق بأداء النواب الذي يعد في مجمله متعثراً وله أيضا من الآراء الداعية بوضوح إلى الحوار الوطني والتسامح وترسيخ دعائم المشروع الإصلاحي وبالتالي لا ندري لماذا كل هذه القيود على نشر خطبه في الصحافة المحلية؟ في حين ان هناك من الخطباء المتشددين لم يترددوا يوماً في إشعال الفتن الطائفية! نعم هناك من الخطباء من يستغل دور العبادة من مآتم ومساجد لأغراض حزبية وانتخابية!!
مرة أخرى لماذا الجودر بالذات؟
ومن هنا يجب أن ندرك بأننا لسنا بصدد توزيع الاتهامات على هذه الجهة أو تلك وندرك أيضا إننا لسنا مع الحرية غير المسؤولة ولكن أن نصادر حق المواطن في التعبير فهذا لا يجوز لان دستورنا وتشريعاتنا تنص على غير ذلك.
الأيام 27 سبتمبر 2008