التقرير الاقتصادي الذي أصدره مركز البحرين للدراسات والبحوث مؤخراً يعالج قضايا ملحة ينبغي التعامل مها برؤية مستقبلية، وخاصة أن هذا التقرير بالرغم من إشارته إلى المتغيرات الاقتصادية والمالية الايجابية التي حققتها البحرين في السنوات الأخيرة، فإنه في الوقت نفسه يحذرنا من خطورة الوضع الناتج عن زيادة عدد السكان الذي تجاوز المليون نسمة بمعنى أن هذه الزيادة المطردة حتماً ستشكل ضغطاً على برامج التنمية وان النفقات الحكومية لتأمين الخدمات سوف تزداد كل عام وعلى وجه الخصوص الخدمات الصحية والتعليمية..
ويعتقد التقرير أن من مخاطر هذه الزيادة تزايد حدة التضخم في أجهزة الدولة، ما يؤدي إلى العجز التجاري وذلك بحكم زيادة في الاستيراد ويؤدي أيضا إلى زيادة التحويلات المالية إلى الخارج.
ولم يكتف التقرير الذي تم عرضه في الصحافة المحلية بهذه التحذيرات، بل أشار إلى معدل البطالة التي تؤكد الاحتمالات إنها سوف تشهد ارتفاعاً من 15٪ إلى ما يزيد عن ٣٣٪ بين السكان المحليين، ما لم تحقق إصلاحات سوق العمل أهدافها، في حين لا تملك البحرين القدرة الكافية على استيعاب العاطلين في القطاع الحكومي كما هو متبع في دول الخليج، ومن جملة التحذيرات توصل التقرير إلى نتيجة تبدو في غاية الأهمية، وهي إن البحرين ستواجه أزمة حادة على صعيد الإسكان في الأعوام القادمة “2010 – 2020” ما لم تحرك وبسرعة في بناء الوحدات الإسكانية، لان نصف سكان البحرين حالياً تقل أعمارهم عن 15 سنة.
بالفعل التقرير حدد المؤشرات السلبية والمحاذير، ولكنه حدد أيضا الانجازات الايجابية التي حققتها البحرين، ولعل في مقدمة هذه الانجازات هو انخفاض نسبة الدين الحكومي من الناتج المحلي واستنادا لصندوق النقد الدولي يبدو أن هذا الدين قد انخفض إلى 23.5٪ عام ”2007″ بعد أن كان 26.5٪ في عام “2006”. وهذا يعني حسب التقديرات الاقتصادية والمالية أن البحرين تمتلك فائضاً مالياً يسمح لها بزيادة الودائع المالية وتخفيض الدين العام حتى لو تراجعت أسعار النفط أكثر مما هي عليه.
وأما المؤشر الايجابي الآخر فهو يتمثل في السياسة الاستثمارية الناجحة التي بلغ حجم استثماراتها الأجنبية في عام “2006” 2.915مليار دولار بعد إن كانت هذه الاستثمارات في عام “2005” 1.095 مليار دولار.
ومع كل هذه الانجازات الايجابية التي جعلت البحرين كما يقول التقرير تتمتع ببنية تحتية وقانونية متطورة تلبي حاجة المستثمر المحلي والدولي، فإن ما هو مطلوب حالياً أن نضع أيدينا بدقة على كل الإشكاليات الواردة في هذا التقرير.
ومن المشكلات أيضا إن الزيادة السكانية التي طرأت على المجتمع البحريني تفرض علينا إعادة التفكير في السياسة العمالية، وتحديداً فيما يتعلق باستقدام العمالة الوافدة التي وللأسف الشديد أصبحت هذه العمالة مصدر ثراء غير شرعي للبعض، وأصبحت أيضا مصدر بؤس وشقاء للعمالة الوافدة!!
وأخيرا، في هذا المناخ الإشكالي.. هل نحن بصدد خطة عمل لمواجهة هذه المشكلات والمخاوف والتحذيرات؟.
الأيام 20 سبتمبر 2008