كل شيء بحسابه.. لا تنتظر منا توقيف قسط بالمجان ودون أرباح أو استقطاع.. حتى لو كان في رمضان الكريم الذي تزامن مع العام الدراسي الجديد والذي سيتبعه عيد الفطر المبارك، فالبنوك لا تشتغل على حسابك ولا يمكن أن تفرط في فلس يدخل إلى خزنتها ولا يمكن أن تفسح المجال لفلس يسترخي في جيبك، تنتظر فقط فرصة لاستيقاظه حتى تنقض عليه وتتركك تندب حظك أنك قد هيأت بعض وقت لاسترخاء هذا الفلس في جيبك.
البنوك لا تهمها المعاناة التي تحملها على كاهلك، ولا يهمها إن كانت تملك بعض المال أو كنت على حافة الإفلاس أو كنت مفلساً، ولا يؤرقها سهرك طوال الليل وأنت تفكر في كيفية توفير بعض المال لسد رمقك بعد سداد بعض الين إلى خزانتها، ولا يهمها إن كان العيد قد اقترب وأنت بعد لم تتمكن من شراء ما يفرح الأبناء وإن ضحيت من أجلهم بثوب من (الخيش) أو من أكياس الإسمنت.
هذه البنوك لا تنزعج تماماً من كونك حافي القدمين، أو من كونك ترتق نعليك القديمتين الباليتين عند الإسكافي، أو من كونك تستعير ملابس غيرك أو يعتاش أبناؤك على ملابس قد ارتدوها في كل المناسبات، أبداً لا يهم هذه البنوك إن كنت تملك أو لا تملك، الذي يهمها هو أن تملك أو تملكك، وحتى تملكك لا بد وأن تهبك دون مقابل كافة الإعلانات المغرية والمشهية كالطبق الذي تتلظى رغبتك لالتهامه مع إفطار رمضان وأنت بعد لم تتمكن من الحصول عليه، كالحلم الذي تتوقع في لحظة أنك قد ملكته وكان واقعاِ.
كل شيء لدى البنوك وتعلنه البنوك جميل وأخاذ وخلاب ولا يمكنك مقاومته أو التردد في تملكه، خاصة وإنه يحفظ كرامتك وماء وجهك من عنت (الديانة) وتعييرهم بذلك و(خصافة) وجهك، حتى وإن وصل الأمر بالبنوك معك إلى دور القضاء، فكثير من أمثالك في دور القضاء يتساوون بما فيهم المحتالون والنصابون.
البنوك يا صاحبي أليفة وناعمة ورقيقة، ولأنها كذلك فإنها لا يمكن أن تتردد في طلب تتقدم إليها به، فهي مستعدة لأن توقف قسطك في رمضان وفي شعبان إذا شئت، لأنها تدرك تماماً بأنك الأمين حقاً على حقوقها، وتدرك بأنك ستسترجعها دون مماطلة، وبالأرباح، وإذا تأخرت في الدفع فلا بأس، لأنها تدرك أيضاً بأن أرباحها التي ستتحصلها منك ستزداد أيضاً، فثق أيها المواطن الودود بأن البنوك ما وجدت إلا لإسعادنا وإسعاد أسرنا وكذلك إسعاد رواتبنا وجهدنا، لأنها قادرة على تحريك كل شيء فيك وأولها غدد القهر والدموع!!.
الوطن 19 سبتمبر 2008