المنشور

الحنين إلى الماضي وأساليب التخوين


البعض لا يزال يعيش في الماضي النضالي «الجميل» ولا يقبل بأي حال من الأحوال التغيرات والتطورات سواء على الصعيد العالمي أو المحلي وتوقف التاريخ لديه عند محطات كانت تعتبر فترات ذهبية لأسلوب النضال التي اتخذها لتحقيق أهدافه في الحرية والديمقراطية والمساواة, فكما وقف التاريخ عند البعض عند فترة التسعينيات حين كان أسلوب المواجهة والمظاهرات وحرق الإطارات وتفجير أنابيب الغاز الأسلوب النضالي الوحيد واستمر في ممارسة هذا الأسلوب حتى اليوم, فإن البعض قد تجمد التاريخ لديه عند فترة الستينيات والسبعينيات حين اتخذ من النضال السري أسلوباً ونهجاً لبث الوعي لدى الجماهير.

مناسبة هذا الحديث هي رسالة بعث بها أحد أعضاء المنبر التقدمي لعبدالهادي خلف (أحد رموز جبهة التحرير الوطني البحرانية) كما بعث بنسخة منها عبر البريد الالكتروني لعدد من الصحافيين والنشطاء السياسيين يتهم فيها المنبر التقدمي بالزحف إلى الديوان الملكي للحصول على أموال لشراء المقر الجديد للجمعية.

العضو الذي ذيَّل رسالته باسم «خالد» وعبَّر عن نفسه بأنه يحلم «بعودة المبدئيين من جبهة التحرير لقيادة الوريث الحالي لها المسمى المنبر التقدمي» يقول في رسالته الالكترونية إن «الرفاق» زحفوا صوب الديوان للحصول على 270 ألف دينار لشراء مقر لهم في مدينة عيسى، كما يتهم قيادات المنبر بأنها ” قيادات مهذبة في خطاباتها!!! ورقيقة وغير قادرة أن تكون معارضة صادقة”.

نتفق مع «الرفيق خالد» بأن قيادات المنبر مهذبة في خطاباتها ولكننا نختلف معه في مجمل ما طرحه من أن القيادات سعت لدى الديوان الملكي لتلقي الأموال فلا الحكومة معنية بمد يد العون إلى المنبر ولا المنبر في وارد التخلي عن مبادئه للحصول على مجرد مقر, فما يحسب للمنبر أنه دائماً ما كان متسقاً في تحركاته مع ما يطرحه من أفكار.

لقد غاب عن كاتب الرسالة أن جبهة التحرير لها فضل كبير على العديد من الكوادر البحرينية من مهندسين وأطباء ومحامين وغيرهم ممن ابتعثتهم للدراسة في الدول الاشتراكية وخصوصاً الاتحاد السوفياتي السابق في الوقت الذي كانت الدراسة الجامعية وخصوصاً في الخارج ليست متاحة للجميع وأن هذه الكوادر التي أصبحت في مراكز مرموقة والتي تُعَدُّ بالمئات لم تنسَ هذا الفضل وأنها مستعدة لتقديم يد المساعدة لمن كان له الفضل في وصولها لهذه المراكز.

الأمين العام للمنبر التقدمي الديمقراطي حسن مدن أكد في مقابلة أجرتها معه «الوسط» – ستُنشر في وقت لاحق – أن مبلغ المبنى الجديد ليس 270 ألف دينار وإنما 175 ألفاً، وأن جميع هذه المبالغ تم جمعها من أعضاء ومناصري الجمعية وأن جميع الأرصدة التي تثبت ذلك موجودة لدى الجمعية لمن أراد التأكد من ذلك.

فعلاوة على أن البعض لا يزال يعيش في الماضي ويتحين الفرصة للعودة إلى الوراء فإننا مرة أخرى نثبت أننا كبحرينيين لا نعرف كيف نختلف مع الآخرين فمجرد أن نختلف ولو في جزئية بسيطة فإننا مستعدون لتخوينهم والقدح في ذمتهم وأخلاقهم وحتى في شرفهم.


الوسط 13 سبتمبر 2008