الجزاءات التي ينوي مجلس التعليم العالي تطبيقها على الجامعات الخاصة المخالفة للأنظمة واللوائح التعليمية المعتمدة في اغلب جامعات العالم إجراءات تحد من التلاعب والتجاوزات التي ترتكبها بعض الجامعات الخاصة التي لا تحترم العلم والمعرفة والتحصيل الأكاديمي وخاصة أن تلك الجامعات قد تحوّلت إلى دكاكين تبيع المؤهلات العلمية وتمنح الشهادات لمن لا يستحقها فضلا عن مناهجها الدراسية التي تفتقد إلى مقاييس علمية تعتمد جودة مخرجات التعليم والإبداع وتنمية المعارف والقدرات كل ذلك يجري بدافع الربح والربحية لا غير على حساب مصالح الطلبة!!
نعم، حسنا فعلت وزارة التربية التي عالجت هذه المسألة بعقوبات رادعة لها أهمية بالغة على صعيد حماية التعليم العالي وخاصة إن هذه العقوبات تصل كما أفاد وزير التربية د. ماجد النعيمي إلى إيقاف التراخيص والبرامج المخالفة وكذلك إيقاف قبول الطلبة ووقف رئيس المؤسسة أو عميد الكلية أو رئيس القسم من العمل لفترة محدودة أو إقالتهم من الوظيفة وبالإضافة إلى ذلك عدم التصديق على الشهادات التي تمنحها الجامعة المخالفة.
نفهم من ذلك إن مجلس التعليم العالي لديه من الصلاحيات لتصحيح أوضاع الجامعات المخالفة حتى لا تتكرر على سبيل المثال مأساة أولئك الطلبة الذين بعد أن التحقوا ببعض الجامعات المحلية الخاصة وبذلوا الجهد والوقت والمال تبين ان هذه الجامعات لا ترتقي إلى المستوى الأكاديمي المطلوب وتبين أيضا ان المؤهلات التي تمنحها بعض الجامعات غير معترف بها، ناهيك عن ذلك الشهادات العلمية وخاصة الرفيعة منها التي يتم شراؤها من بعض الجامعات الخارجية!!
ومن الجدير بالذكر ان هذه الصلاحيات اذا ما طبقت وفق مبدأ الرقابة وتفعيل الإجراءات القانونية التي يعتزم المجلس تنفيذها أو تطبيقها لحماية التعليم العالي والطلبة على حد سواء من مزاد الدكاكين الجامعية فان الجامعات الخاصة في البلاد تصبح نموذجا يمتلك الثقة والنهج التعليمي والأكاديمي المتطور الملائم للمتغيرات الدائمة والاحتياجات العلمية التي تتناسب وسوق العمل.
وبالإضافة إلى أهمية التصدي للجامعات المخالفة فان ما ينبغي ان يستأثر باهتمامنا أيضا هو الحرية الأكاديمية أو حرية البحث العلمي التي ينبغي ان تحتل الصدارة في سلم أولويات هذا المجلس لان هذه الحرية الضرورية للإبداع لا يمكن أن تزدهر إلا في ضوء مساحة واسعة من الديمقراطية التي تحترم العملية النقدية وأهداف المؤسسة التعليمية أو البحثية وأهداف المجتمع والتعددية واحترام الرأي الآخر.
ومن هذا المنطلق لا نريد أن نتهم مجلس التعليم العالي بأنه مناهض لهذه الحرية لأننا ندرك ان الحرية في الجامعات والأكاديميات ليست إلا نتيجة لتفاعلات سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية في المجتمع ولكن هذا المجلس في ذات الوقت مطالب بالدفاع عن هذه الحرية باعتباره صوتا مناصرا لها وخاصة ان هذه الحرية التي تتحدث عنها غالبا ما تتعرض إلى تدخلات واملاءات وقيود ووصاية من قبل قوى دينية متشددة ومتطرفة مهيمنة على هذه الجامعة أو تلك.
الأيام 14 سبتمبر 2008