مثلما للشغب والفوضى والحروب متضررون وجرحى وضحايا، كذلك الحال بالنسبة للكهرباء في بلادنا، ولكن الكهرباء تختلف عن الشغب وما ماثله بأن ضررها وضحاياها ينتجان عن حالتين، وكلتيهما مر، فإذا انطفأت الكهرباء عن الناس تضرروا، وإذا عادت إليهم بشكل مبالغ فيه من حيث قوة الدفع أيضاً تضرروا، خاصة وإنهم اعتادوا على ‘القطارة’ في كل شيء وأمر في حياتهم، وفي كلتي الحالتين كهرباؤنا في حالة غير سوية، باختصار متطرفة، ولأنها على مثل هذه الحال منذ سنين فإنه على ما يبدو أصبح القائمون عليها ومن ‘تكيف’ من المعنيين بشؤون العباد معها أصبحوا يعيشون نفس حالة الكهرباء ذاتها في ‘انطفائها’ وفي ‘فورتها’ المباغتة.
هذا ما حدث مع أهالي المحافظة الوسطى، وخاصة مجمع (814) بمدينة عيسى، فحين أطفأت الكهرباء عليهم للمرة التي لا تحصى لم يطالب أهالي هذا المجمع وما جاوره من مجمعات القائمين على شؤون الكهرباء سوى التسريع في إعادة الكهرباء إلى مجمعاتهم وإنقاذهم من كارثة الحر القاتل ومن التشرد من بيوتهم بحثاً عن نسمة هواء تحميهم من مضاعفات هذه الكارثة، ولكن حين أعاد القائمون على الكهرباء التيار الكهربي إلى هذه المجمعات، لم يتمكنوا من التحكم في سرعته وقوة دفعه، وعليه تعرض أهالي هذه المجمعات إلى خسائر قد تكون بالنسبة لذوي الدخل المحدود والفقراء فادحة، فمنهم من تلفت ثلاجته ومنهم من عدم الوسيلة في تلفازه ومنهم من اضطر لغسل ثيابه وتجفيفها بيده لأن الغسالة أتلفت، ومنهم من خسر كل هذه الضرورات مضافاً إليها أجهزة أخرى، وبالتالي ضاعفت حرارة الكهرباء وقوتها من حرارة القلب ومرارته.
ولأن المملكة وفرت للمواطنين كل وسائل وقنوات الاتصال بالجهات المعنية بهيئة الكهرباء لحل هذه المشكلة وتعويض هؤلاء الناس عن خسائرهم الكهربية، لجأ هؤلاء الأهالي إليها، وناشدوهم حل هذه المشكلة وتعويضهم عما فقدوه، ولكن يبدو أن هذه الجهات لا يعنيها كثيراً ما حدث لهؤلاء المتضررين، بالرغم من تكليفها بمتابعة شؤون عباد الله المتضررين، ومثل ما يقولون ‘يومهم ابسنه’ إذا لم يكن دهراً، هذا إذا لم يعتبروا شكوى المتضررين اللاجئين إليهم لحل المشكلة، شكوى ضدهم، وبالتالي ينبغي التعامل معهم بشكل آخر، كتأجيل شكواهم أو ‘بهدلتهم’ بعدم الرد على هواتفهم أو رسائل شكواهم أو بزجرهم نظير حاجتهم إليهم، هذا ما عرفته من بعض المتضررين في مجمع (814) الذين ضاقت بهم الدنيا جراء ما خسروه من أجهزة كهربائية (دفعة واحدة)، حيث لم يتلقوا من هؤلاء المسؤولين عن شكاواهم سوى ما يزيد من مرارتهم.
والقضية بحاجة إلى من ينظر في شأنها من أعضاء المجلسين البلدي والنواب، ولكن للأسف الشديد يبدو أن الأبواب مغلقة، و’ابن عمك أصمخ’ ولا حياة لمن تنادي، فبالرغم من اتصال هؤلاء الأهالي بالمنسقين والمختصين بشأن أهالي المحافظة، إلا أن الأمور مثل المياه الآسنة راكدة لا يحركها حتى أثقل الأحجار، وكما لو إن هؤلاء الأعضاء البلديين والنواب وجودهم صوري لا دور له وغير فاعل أو مؤثر، وبدلاً من أن يتحرك هؤلاء الأعضاء بأنفسهم للتعرف على شكاوى الناس، صار الناس أنفسهم يلهثون وراءهم عسى أن يجدوا من يستجيب لهم أو يتمتع بأذن صاغية لشكاواهم.
مثل هذه الحال الكارثية التي لا تحبذها وتستنكرها الحكومة ممثلة في سلطتها التنفيذية في كل سانحة وفي كل موقف يحدث، مثل هذه الحال لا تزال متورمة في جسد بعض الجهات الحيوية في البلد وفي جسد ممثلي الشعب.
إلى من يتوجه هؤلاء الأهالي في شكاواهم إذا كانت هذه الجهات المعنية تشكو من مرض عضال؟
الكرة الآن في ملعب الحكومة. فهي الأقدر على حل مثل هذه المشاكل إذا سدت الأبواب في وجه المتضررين من (تطرف الكهرباء)!!.
الوطن 12 سبتمبر 2008