عندما أرى وأقرأ وأسمع عن كم وحجم الصدقات والزكوات والمساعدات التي تجمع وتضخ من بيوت مال التجار والمحسنين والوجهاء والجمعيات الميسورة والشركات وبعض البنوك، أدرك كم هو حجم الفاقة والفقر والعوز في مملكتنا وكم هو بالغ ومخيف ومروع، إذ إن ما تجمعه الصناديق والجمعيات الخيرية والأهلية لتتبرع به إلى أهل الحاجة يبدو في حجمه الهائل كما لو إنه معد ومجهز لثلثي سكان المملكة، وهي نسبة إذا ما قارناها بنسب أخرى قبل عقدين تقريباً لا تبشر بالخير، خصوصاً أن الغلاء الفاحش في ارتفاع جنوني وتدني الأجور في هبوط مستمر والبطالة لا تزال تعالج مشكلتها تارة بعقلانية وتارة أخرى بتخبط.
إذن ما العمل في ظل هذا الوضع؟ كيف يمكننا التغلب على هذه المشكلة؟ كيف يمكننا تشكيل مجتمع مكتف بما لديه من خيرات ومقدرات وقادر على ضمان مستقبله ومستقبل الأجيال التي ستعقبه؟ متى ستتوجه الصناديق الخيرية والجمعيات الخيرية والأهلية لتدشين مشاريع أهلية يستفيد منها المجتمع بدلاً من توجهها إلى جمع الأموال من أجل أهل الحاجة؟
المؤلم في الأمر أن الوضع الحالي صار يتعامل مع كثير ممن كانت رواتبهم محسوبة على ذوي الدخل المحدود على أساس محلك سر، إذ لا يمكن لهؤلاء من ذوي الدخل المحدود حتى توسعة المنزل الذي يسكنونه من أجل ضمان غرف متواضعة لأبنائهم، وغير قادرين على تلبية حاجات أبنائهم الدراسية إلا بشق الأنفس، ويعلم الله ماذا تعني كلمة ‘شق الأنفس’، وغير قادرين على إتمام ‘ماجلة’ البيت من بعد نصف الشهر، فأي وضع هذا؟
أعتقد بأنه بات من الضرورة التوجه إلى ‘رامز’ بالشكر والامتنان، ذلك أنه على الأقل تمكن من تلبية كل احتياجات ذوي الحاجة بأبخس الأثمان، وساعد بعض العائلات من أجل إكمال أبنائهم مشوارهم الدراسي، كما ساعد بعض الأزواج والبيوت المفتوحة للتو على تأثيث منازلهم وتلبية كل حاجاتهم ومستلزماتهم الحياتية اليومية، وربما ساعد كثيراً من الأسر على شراء ما يمكن أن يزهو به أبناؤهم في مناسبات الأعياد والحفلات، كما خفف عليهم الضغط الاستهلاكي وغير ذلك من ‘المتيسرات’، ولكن هل سيظل ‘رامز’ هو الحل الأبدي لمثل هذه الأسر؟
إذ كيف يمكننا قراءة الواقع الراهن في ظل المتغيرات العالمية على كل الصعد؟
كيف يمكننا قراءة المستقبل والأمن الاجتماعي في ظل تفاقم الضغط الاجتماعي على أبناء الوطن من كل النواحي؟
لا أعرف كيف أتخيل وضع أبنائنا القادم في ظل هذا المأزوم، كل ما أعرفه أن الوضع غامض ومحير ومخيف ولا شيء آخر