المنشور

كتـّاب نحن ولسنا ” بطبالين “


خلال سنوات عملي المديدة في الصحافة، لم أجد يوماً وزيراً أو مسئولاً يقر بتقصير أو يعتذر عن تجاوز أو خطأ.. فكل ما في مدينتنا الفاضلة على ما يرام ولا يعتري سير العمل عندنا نقص أو شائبة حتى ليكاد يحسد – من يقرأ البيانات والتصريحات التي تعج بها صحفنا- البحرينيين لما هم فيه من سعة ودعّة لولا أن الكل يعرف حقيقة ما يعيشون.. لذلك على الأرجح لا يتطور العمل ولا تحلحل المشكلات وكيف؟! والمسؤولون يحجمون عن الاعتراف حتى بالمشكلات، ناهيكم بمعالجتها!!


أحياناً يتبدى لي أن بعض مسؤولينا لا يعبأون حقاً بالعامة، فكل ما يهمهم هو ما يتناهى لمسامع القيادة من خلال الحاشية والصحف.. يفسر ذلك تفانيهم في تجنيد الصحف ليعكسوا عن أدائهم الصورة التي يريدون..



ونحن في الصحف – وإن كنا قد ألفنا الردود الدافعية المنكرة- نجد أن وزارة التجارة اعتلت في السنوات الأخيرة العرش بردود تتجاوز صورتها التقليدية في الإنكار والنفي؛ لتوبيخ الكاتب وتسقيط من تسول له نفسه التعرض لمنجزات الوزارة وليراجع القراء كافة ردود الوزارة المذكورة وفي جميع الصحف وعلى جميع الكتاب؛ ليتيقن من صدق ما نقول..!


اليوم على سبيل المثال نشرنا رد وزارة التجارة على إحدى مقالات محدثتكم.. ومن يقرأه يستشف حقيقة أن الوزارة لا تعي دور الصحافة، وأن إدارة العلاقات العامة لا تعي دورها؛ وإلا لما جاءت ردودها لمناكفة شخص الكاتب لا طرحه ورسالته!!


قد يكون هذا لأن الوزارة لا تدرك.. أن لميس ضيف وكل زملائها لا يكيدون حقداً شخصياً على هذه الوزارة أو تلك، وليس لنا معهم ثأر من أي نوع. فنحن لا نفتعل القضايا ولا نستل المزاعم من جيوبنا.. إننا ننقل نبض الشارع وهمومه كما يقتضي واجبنا.. وفي نهاية المطاف وبدئه، فالقارئ الذي يعايش الأوضاع هو من يحكم على مصداقية ما يطرحه الكاتب، وليست الوزارات التي تنصب نفسها الخصم والحكم في آن!!


فلتتشدق الوزارات كما تحب بإنجازاتها ولننشر نحن النواقص والمثالب، ما يفصل بيننا هو عبود وجسوم وأم علي وجعفر الذين يعيشون على أرض الواقع لا في الأبراج العاجية.. فلتقل التجارة ودراساتها أن الوضع التضخمي في البحرين هو الأفضل في المنطقة، وأن جهودها في احتواء الغلاء لا تنكر.. الحكم بيننا هم الطبقة المتوسطة التي تآكلت تباعاً في السنوات الأخيرة.. لا ما يقولون.


وعلى أي حال، فنحن لا نحجب عن أحد فرصة الرد.. أما نعت الكاتبة بالجهل والغباء وعدم الموضوعية فهي ديدن من يتشارعون في المقاهي والطرقات لا على صفحات الصحف.. بجانب أن الرد على مقال من 400 كلمة بـ 1400 كلمة من منطلق ‘الكلمة بعشر’ فأمر غير مقبول أيضاً.. فقد بسط القانون حق الرد للجميع شريطة ان يأتي في صلب الموضوع ولا يشخصن القضية في محاولة لزجر الكاتب عن قول المزيد..


وإن تم نشر رد الوزارة المسهب اليوم، فما فعلنا إلا لنري القارئ نُذراً يسيراً مما نلقاه. ومن المعروف حسب قانون المطبوعات والنشر ان الرد يكون بحجم الموضوع المردود عليه وأن يتم التخاطب فيه معنا كشركاء في بناء الوطن – لا – كأبواق تجاوزت مهمتها في تلميع المسؤولين ومنجزاتهم وعليه استوجبت خرسها.. فنحن لسنا طبالين لأحد.. وكلما استوعبت الوزارات ذلك أسرع.. كلما سهلت على نفسها وعلينا الكثير..

الوقت 9 سبتمبر 2008