في شهر يونيو من العام الجاري 2008 نشرت صحيفة الشرق الاوسط السعودية تقريرا صحفيا عن مرتبات زعماء دول العالم لكن هذا التقرير تضمن قائمة بأسماء الزعماء الثمانية الذين يتقاضون اعلى المرتبات، حيث جاء في المرتبة الاولى رئيس الوزراء السنغافوري لي هسيان لونج بمرتب سنوي قدره 05،2 مليون دولار، واحتل المرتبة الثانية رئيس الوزراء الايرلندي برايان كوين بمرتب سنوي قدره 434 ألف دولار، وجاء الرئيس الامريكي جورج بوش في المرتبة الثالثة بمرتب قدره 400 ألف دولار، واحتل رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون المرتبة الرابعة بمرتب قدره 324،371 ألف دولار، ثم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بمرتب سنوي قدره 346 ألف دولار، ثم المستشارة الالمانية انجيلا ميركل بمرتب قدره 318 ألف دولار، ثم رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين بمرتب 81 ألف دولار، ثم الرئيس اللبناني ميشال سليمان بمرتب قدره 200،67 ألف دولار، وأخيرا الرئيس البوليفي ايفور موراليس بمرتب قدره 600،21 ألف دولار.
واللافت في القائمة المذكورة انها خلت من مرتبات جل الاقطاب العرب، وعلى الاخص الخليجيون منهم باستثناء الرئيس اللبناني سليمان، علما بأن ترتيب قائمة الزعماء الثمانية الأعلى في المرتبات عالميا هي من حيث الاجور الفعلية الرسمية التي يتقاضونها من ميزانية الدولة ولا تشمل بطبيعة الحال ثرواتهم الخاصة، كما ان احجام هذه المرتبات من حيث قيمتها الفعلية ينبغي ألا تقاس من حيث من هو صاحب الرقم الاعلى في الاجر بالدولار إذ ان حجم اقتصاد الدولة وحجم التضخم ومستوى المعيشة واسعار السلع ومستوى المداخيل والقيم الثقافية الاستهلاكية السائدة كلها امور ينبغي اخذها في الحسبان، وهو ما اكد عليه الاقتصادي اللبناني محمد زبيب في تعليقه على القائمة المذكورة. ولكن من اللافت أيضا ان جميع اسماء الزعماء الثمانية المتقدم ذكرهم ينتمون إلى دول ديمقراطية متفاوتة المحتوى والعراقة وبضمنهم زعيم الدولة العربية الوحيدة في القائمة الرئيس اللبناني ميشيل سليمان. وبمقارنة هذه القائمة الخاصة بالمرتبات الاعلى عالميا لزعماء ثماني دول في العالم والذين لا يوجد لبعضهم من دخل آخر سوى المرتب اصدرت مجلة فوربس في أواخر الشهر الماضي قائمة بأثرى 15 شخصية حاكمة في العالم فجاءت المفاجأة ان واحدة من افقر دول جنوب شرقي آسيا، وان كانت تعد من النمور الآسيوية، احتل ملكها بوميبول ادولياديج المرتبة الأولى بثروة قدرها 35 مليار دولار، في حين جاء ملك واحدة من الدول الافريقية مسواتى الثالث في ذيل القائمة بثروة قدرها 200 مليون دولار وهو المعروف بنشر صحافة العالم تقارير عن فساده وكثرة زواجه من الصبايا (13 زوجة)، وقد احتل المرتبة الثامنة واحد من زعماء افقر الدول المغاربية العربية بثروة قدرها مليار ونصف المليار. وفي حين جاء اربعة من زعماء دول مجلس التعاون ضمن المراكز السبعة الأولى من بينهم رئيس دولة ورئيس وزرائه، وجاء زعيم خليجي ضمن المركز العاشر وتدرجت ثرواتهم حسب الترتيب من 23 مليار دولار وهو حجم ثروة رئيس الدولة الخليجية التي جاءت في المرتبة الثانية في القائمة، ثم 21 مليار دولار (حجم ثروة الدولة الخليجية التي جاءت في المرتبة الثالثة) ثم 18 مليارا (الترتيب الخامس) حجم ثروة رئيس وزراء ذات الدولة الخليجية التي جاء رئيسها في المرتبة الثانية، ثم 2 مليار دولار حجم ثروة الدولة الخليجية التي جاء أميرها في الترتيب السابع. وهكذا فان خمسة زعماء من دول مجلس التعاون، من ضمنهم رئيس دولة ورئيس وزرائه معا، جاءوا ضمن المراكز السبعة الاولى في القائمة في حين خلت القائمة تماما من دولتين خليجيتين هما الكويت والبحرين وهما الدولتان الوحيدتان اللتان تتبنيان شكلا من اشكال النظم الديمقراطية. في تقرير القائمة الاولى الخاص بقائمة زعماء العالم الاكبر في المرتبات يشير إلى ان جوردون براون سيرفض العلاوة على مرتبه هذه السنة تضامنا مع الشعب البريطاني في محنة الغلاء، وانه سيطلب من وزرائه فعل ذلك ايضا، هو الذي لا يقارن مرتبه السنوي البتة بحجم ثروات الزعماء العرب الذين وردت اسماؤهم ضمن قائمة اثرى 15 شخصية حاكمة في العالم التي نشرتها مجلة فوربس الامريكية. ومع ان لا أحد ينكر ما يقدمونه من تبرعات لشعوبهم وبخاصة شرائحها الفقيرة، لكن نخشى ان نقول إنه لو صدرت قائمة عالمية بأكثر زعماء العالم الاثرياء سخاء في التبرعات تجاه شعوبهم لربما جاء زعماؤنا العرب في ذيل القائمة مقارنة برؤساء وملوك الدول الديمقراطية الذين خلت منهم تماما قائمة اثرى 15 شخصية حاكمة في العالم باستثناء ملكة بريطانيا وملكة هولندا، وذلك إذا ما نظرنا لبعض رؤساء الدول الديمقراطية كيف يؤثرون التبرع بأجزاء من مرتباتهم وعلاواتهم من اجل شعوبهم خلال موجة الغلاء العالمية المسعورة الحالية التي تجتاح دول العالم كافة.
صحيفة اخبار الخليج
7 سبتمبر 2008